من أين يأتينا هواءُ الشرقِ،هذا؟

غامضاً كالحبّ،

في أقمارِهِ غنجٌ وخلخالٌ ورنّهْ

ويداهُ باردتان،

في رئتيَّ خوفي مِنهُ،

في ممشاهُ أسمائي.

رأيتُ حدائقي في نومهِ،

ورأيتٌ اعدائي؛

رأيتُ أبي يموتُ، وتابعتْ أمي الزفافَ،

وإخوتي صرعى الخلافِ وهُمْ أجِنّهْ

أزهارُ جارتنا تميلُ على جدار الآخرين…

كنّا قطفنا من أصابعها الأصابعَ والخواتمَ،

والحنينْ.

يا جارتي هذي يدي…

هذا هواء الشرق؛

من أسطورةٍ تختار سيّدَها

الى بئرٍ يبيع الحيّزَ المهجورَ

فالتمسي يداً أخرى لِعَدِّ أصابعي قربَ السنينْ

هذا رداءُ الشرق:

خيطٌ من دمٍ ينساب؛

خيطٌ من ذهبْ

والموتُ ثوبي حينما أرتاب

طرّزني أبي بجميع آلهتي

وحذرني الشغبْ

ما ذنبُ مرآتي؟ لأكسِرَها، أنا العاري!

وما ذنبي أنا؟

لا تستر الأسماء عُريا، أو تَقيكَ من اللهبْ

هذا رداء الشرق؛

كنا نرتديه ويرتدينا،

كلما سالَ الندى جرحين،

أو كذبَ الصباح، ولم نجد تحت الوسادة،

في الضحى، حلمين

ما شـأنُ الرداءِ إذن؟

وما شأنُ اليدين؟

من نجمةٍ للماء أُعطينا الرداء

ومن خرابٍ هندسيٍ في المساء.

كنا نشد خيوطَه ليمرّ فينا أو علينا

هابطاً كالخيل في ليلٍ من الصلصال،

أو أفقٍ عميقِ العين،

كلُّ عباءةٍ تُخفي نحيباً شاحباً للذكريات،

وخاتمي في إصبعي يبكي عليَّ، عليكِ

أُعطي سيداتِ البرقِ شالَ الماء

كي تجدي قليلاً من هواءِ القلبِ، يغسلُ ما تبقّى

من خواتمَ في يديكِ.

يا جارتي

ماذا نقول لهم ؟

كَبرْنا وحدنا دون الرداء؟

هذا إناءُ الشرق:

من فَوَرانِهِ جئنا، لينضجَنا الابدْ

أغراهُ أنّ نحاسَه من روحِنا!

أغراهُ أنّ خلاءَه فينا اتحدْ!

والنارُ تحتَ إنائِهِ كانتْ

رئاتٍ أو جسدْ

والنارُ فينا آلهاتٌ نشتهيها،

تشتهينا، لو تعبنَ من الأُلوهة،

أو رغبْنَ الى أحدْ.

ماذا سنأكل يا إناءَ الشرقِ؟

جُعنا منذ أوحى الله للتفاحِ أن يأتيك

والتفاحُ فيك، وفيكَ كلُّ الكونِ

لكنّا، وقد جُعنا صباحَ اليومِ،

لم نأكلْ سوانا، فيك.

فخّاريةٌ أسماؤك الأولى

زجاجٌ أنتَ اذْ نرميك

لكنّ الصدى يأتي نحاسيَّ الرنين،

يرنّ…

كأن خاتمَك الاخيرَ على قلوب أحبتي

يا جارتي .