تحت القصف، بين الدمار، تُولد أصوات قد لا تحمل شهادات أكاديمية أو ألقابًا لامعة؛ لكنها تحمل صدقًا يعجز عن تقليده صنّاع الكلام. أصوات تنبض بما لا تستطيع عدسات الإعلام الفاخر أن تلتقطه.

وفي المقابل، هناك من يتحدثون من مسافات آمنة، حيث لا يُسمع سوى صدى كلماتهم المزينة المزيفة.

هؤلاء الذين تُسعفهم أدواتهم، لكنهم لا يعرفون ألم المكان، ولا حرقة اللحظة.

وحين تنقشع الغمة، يظهر التناقض جليًا:

البعض يقاتل ليكون حاضرًا، ولو بالكلمة؛ بينما يسعى هؤلاء لإقصاء من كانت شجاعته وإنسانيته هي مؤهلاته الأبرز.

ربما لأن حضوره يفضح غيابهم، أو يغيب حضورًا لهم سبق.

وهو ليس خصمهم بالضرورة؛ لكنه مرآة تعكس تقصيرهم؛ لذلك نجدهم يحاولون كسر المرآة بدل أن يواجهوا حقيقتهم.

إن الفارق بين الفريقين ليس في الأدوات، بل في القرب من الناس والواقع.

فريق عاش المعاناة، وسكب صدقه فوق الجراح، بينما وقف الآخر بعيدًا؛ يصوغ حروفًا منزوعة الألم والدسم.

هذا المشهد يتكرر كثيرًا، ليس فقط في الإعلام، بل في الحياة كلها.

حين تخرج النفوس من المحن، يظهر ما خفي من الطبائع..

ويتمايز الناس في نزاهتهم..

بين من يسعى للمشاركة، ومن يسعى للإقصاء.

إن التاريخ لا يذكر من كان يمتلك المؤهلات الأكاديمية وحسب؛ بل من كان حاضرًا حين يحتاجه الناس.

وإن الدمار لا يُعبّر عنه بالكلمات المرصوفة؛ بل يُنقل بصدق القلوب الشجاعة التي تعيش التفاصيل، ولو أخطأت التعبير وجانبها الصواب أحيانًا.

فكر/ي في نفسك:

حين تأتيك لحظة الظهور، هل تكون ممن يشاركون الآخرين الضوء، أم ممن يسعون لإطفائه عنهم؟

إن الشهادات “” قد”” تُعلّمك الكلام؛ لكنها لا تُعلّمك الإنسانية.

وصدق الجهد وحده هو ما يمكن أن يبقى؛ سواء تحت القصف أو تحت أضواء الشهرة.

إن الأوطان التي تُشيد على الإقصاء، لا تدوم. والبقاء الحقيقي هو لمن يختار أن يكون صوتًا للناس، لا صوتًا لنفسه.