استعباد:
يزفر غضبا بوجه العصفور:
أوصاف الفاعل تنطبق عليك، الإنكار لن ينفع..!
_ ياسيدي..
يصفعه: ألا يكسوك ريش…؟ أليس لك منقار… براثن..؟
_ بلى.. لكن…
_ اخرس، اعتقلناك تطير..!
فراس محمد الحسين /سوريا
القراءة النقدية:
هذا النص الحواري حجة على من لا يرتضي حضور نمط الحوار في القصة
القصيرة جداً
النص من خمس مخاطبات، اثنتان للعصفور وثلاث لمن من فعله ومنطقه ندرك أنه
من رجال التحقيق يستنطقون أحدا أو رجال المخابرات أو ممثل لسلطة مستبدة لا
يهم قصصيا تحديده بدقة.
والعصفور من دلالته العامة رمز الرقة لحجمه والفن لتغريده والحرية لطيرانه هو
الطرف الثاني.
ونعلم ان الحدث هو عينة من الاستنطاق ويكون في غرفة مغلقة أو دهليز تعذيب أو
سرداب والمحقق المستنطق يظهر من الجملتين الوصفيتين المؤشرتين لنمط الحوار.
فنسمع زفيره ونقرأ غضبه على قسماته ونسمع صوت الصفعة من كفه على وجه
المتهم وذاك صنيع كل من لا يحترم الكرامة الإنسانية فلا يعتبر المتهم بريئا حتى
تثبت إدانته بل ينتزع الاعتراف انتزاعا أداته العنف والغطرسة.
ولعل الحوار أظهر دليل على جدواه في القصة القصيرة جداً، يظهر ضعف
العصفور المسكين بجمله المختزلة التي لا يتيح له المستنطق إتمامها ومن خلال
مخاطبات المحقق المهيمنة عددا وطولا وأساليب تظهر حجة القوة لا قوة الحجة بين
نفي مطلق ب(لن) واستفهامات إنكارية وأمر على وجه الاستعلاء.
اما الحجج فأوهى من بيت العنكبوت اعتبرت قرائن إدانة وهي مما تشترك فيه
العصافير جبلة من ريش ومناقير وأجنحة وبراثن وطيران.
وهذه المحاكمة الجائرة تذكرني بخرافة لافونتان حيث يتهم الذئب حملا بتعكير
شربه من سنة خلت فلما عارض بأنه لم يكن مولودا حينها قال إن لم تكن أنت فابن
عمك.
والمستبد لا يعنيه أن يثبت الحجة بل يوقع العقوبة بأسا وطغيانا لا يرده عن الظلم
إل.
نص ممتع صياغة ومقصدا وظف قصص الحيوان ليصف عالم الإنسان .
Leave a Reply