حسين جرود

كاتب سوري، من أعماله: المجموعة الناقصة – سوق الأحد – سمكة في الماء.

1

أنزع حراشف الأيام

عن جلدي الطري

ارتكبتُ معصية العيش

رغمًا عني

أعتدلُ في ربيعٍ جديد

خالٍ من الزيوتِ والمواد المؤكسدة

وأذكر تلك الساعات

التي كنتُ فيها أجن

لأني أفكِّر

بأنكِ لا تفكِّرين بي

* * *

الغرفة الموبوءة بي

تتطاير منها نجوم

وبَخور

وأحلام

شهدتْ استمنائي الأول

وقصيدتي التي كتبتها في عمر السابعة عشرة

توقفتُ بعدها عن الكتابة طويلًا

كأني رامبو

أو مراهق عربي آخر

* * *

البركة

الزنابق

الأشجار المقطوعة

التي أتبوَّل عليها

ردمها أبي

وألغى المساحات الخضراء

ولم يترك سوى زنابق

لا أعرف اسمها

هل تصدقين أني

لم أكن أعرف اسمكِ

في تلك الأيام

* * *

شوكتكِ

في قلبي

تستقر وتصطادني

أحاول الهروب بعيدًا

والنجاة

مع أني في جميع الأحوال

أراكِ قريبًا

كحتفي.

2

استمري بالشتات

بالوضوح

باللانهاية

باللحظات..

استمري فيَّ

ولا تغنِّيني

بل اتركي لي هذا الخراب

فهو كل ما تبقَّى

من الماء

* * *

أنرتُ في الليالي

ضعتُ في الرياح

امتزجتُ بالطين

وسمَّيتكِ عمرًا منثورًا

وحكايةً دون اسم

ورقم:

* * *

سوداء كالحبر

مكانك الطبيعي قلبي

بعد أن تصفى

منه الدماء..

فمي

بعد أن تتساقط

منه الكلمات..

درجي الأخير

في الخزانة

الذي أبقيه فارغًا

فلا أسرار لديّ

3

عودي إلى قلبي شرارة

جسراً بدائياً

تعاويذاً

خسارة

كوني الرحيلَ

وقصة الموتى

وآلاف الجنود

وموكب السعداء

والماضينَ

والغرقى

وأفواه الجياع

ولوثة الماضي

ودمع اليوم

والإنسان مسحوقاً

على كل الدروب

كوني الصهيلَ

وموعد اللاشيء بي

ودمي الحريق

كوني أنا

فأنا بدونكِ معجزة!

4

استريحي في الجراح الآمرة

ما قيمة الإنسان مسلوباً

وما جدوى الكرة

إن لم نَفِض في الوقتِ والطرقاتِ

أو نُحزِن بقاءَ الماءِ

أو نُقدِم بلا أسباب

أو نعلن ضياع الآه

أو نُسلم لأشرعةٍ فجائيَّة

بلاهتنا الجنونيَّة..

فما معنى الحياةِ

وسعر التذكرة؟

5

افتكرتُ الموج فيكِ

انتقيتُ الليلَ نجماً

إثر صورة

كنتُ فيها الضائعَ المعروفَ

أو ليل الطائرِ الملائكيّ الحزين..

قبل بدء الطوفان كنتُ

قبل حريق روما

قبل اندثار اللغات

قبل زوال مجرتنا

قبل هذا الصدى العقيم العظيم

أنا هنا

أسيل

أسيل

أنا هنا

ومضيتُ

وستمضي ذرات الغبار

المجزرة.