مضر حمكو

شاعر سوري

مات العصفور الذي اسميته نغم 

مات كما العصافير 

لا قصة تكفن الرحيل 

لا تؤويه سردية أو هوية 

لا رتوش تزين الغياب

مضى وحيداً وبعيداً 

إلى آخر الرحيل 

حيث الشوق يغوي العدم بالوجود 

عاد إلى أول التكوين 

حين ضاعت الأشياء 

في لذة الكون 

إلى النهاية حيث لا قصص تروى عن الأنبياء 

أو الشهداء 

مات العصفور الذي اسميته نغم 

وبقيت الأقفاص وحيدة تغني 

لحزن العصافير 

لحزن أشجار شيعت رقاده الأخير 

هناك حيث انهمار البدد بالنشيد 

ها نحن اللاشيء في الكون يا نغم

ها هو العدم يطلق سراح ارواحنا من كل السجون 

هناك سنتحرر من الحرية 

من الأحلام والرؤى 

من ظلال الأغاني في أرواحنا 

من أرواحنا 

من الكلمات من الحب من الموت من العدم.

مات العصفور الذي اسميته نغم 

مات بلا لغة تتوسط موته 

بلا طقوس 

لا ظلال لموته 

مات كالبسطاء الأولياء 

مات حرا من التآويل 

مات كالعصافير 

وبكيت عليه حرا 

كما العصافير 

بلا كلمات 

تكفنني 

تؤويني

تقتلني 

بكيت جميعا 

بكيت سعيداً 

بكيت وحيدا 

بكيت عارياً كالإنسان.

*****

لا يصلح الجسد للكلام مع الكون 

صغيرة هذه الذات على الوجود 

قليلة هي لتربي الحياة على الحياة 

صغيرة هي الخشبة على المسرح 

والمسرح صغير على الصراخ 

في موته الجليل صرخ الممثل:

أوبي أيتها الأشياء 

لما كل هذا العويل؟

لماذا لا يغير الليل جلده؟

لما يضحك بلون أسود؟

لماذا تنبش الذات لحمها؟

لماذا تضيع الدروب؟

قالت الأغوار 

الشمس صهيل الضوء في الغواية 

لكن الذات ثقوب

 الموت فواصل بين الأنهار 

هكذا بشرت الحياة

مات الممثل من النشيد 

وغدا نكمل مراسم الحداد 

ربما نهض الممثل باكراً 

ربما ذهب باكراً أيضا 

لم يكمل  تعلم دروس الغبطة 

لم يتقن تعاليم الوردة 

في الحلم كان يبكي أشياء حبيبته

التي لم يرها ابدأ 

خربش على وريد العالم لوحة 

اكملتها بعده الفصول 

لفرط ما أحصى أيائل الوجود

أختار أن يكون رقماً في تقويم الفضاء 

وذهب للنوم باكراً 

بكل ما للسديم من ذهب 

في الحلم كان يعوي كذرة

رأى إلى نفسه كيف صار ذبابة 

تمص الهباء 

الطريق الى الأبد طويل

عليك الآن أن تنام

قال له العالم ونام

*****

الأغوار تاريخنا السائل إلى الخراب ، تاريخ وهمنا أننا الذات التي تحكم العالم – الموضوع الذي يعني امتهانه أن نتنفس هواء الأعالي ، في أعلى قمة من جبل الحرية.

بعد أن يهدأ هدير الوقت قليلاً نكتشف أننا حشرات ضخمة تدب على الكوكب لبعض الوقت ثم يلسعنا اللانهائي بإبر الوقت ليقول توقفوا فاللعبة انتهت.

لا فرق نكتشفه ما بين الحقيقة والخيال ، بين الحلم واليقظة ، بين الصحو والاغماء ، ما أعظم المسرح وما أطول العرض بل ما اقصر قامة الحلم وما أسرع مركبة الحياة في الفضاء الخارجي للوهم..

يقف الممثل على الخشبة مدى الحياة ثم ينام من فرط العواء في سرير شائك أو وثير للأبد.

ما بين الأنا المغلق على هلام الذات والعالم- الموضوع ثمة ذات خاب رجاؤها في النسق وتبللت أصواتها بالنايات وبدلاً من الغناء نامت بومة منيرفا في الظلام..

خارج كل الأنساق ثم فلسفة لمرح الذات و خارج التاريخ ثم لا تاريخ ، هاهنا في اللا تاريخ تغني الفلسفة للذات اغنيتها الخالدة.

التاريخ الذي ليس له تاريخ ، الآن الذي يحتفي بالعالم والوجود اللاشخصي واللاثقافي حد الرقص أو الآن الذي لا يدعي أية هوية سوى هوية الفراغ.

لما كل هذا العويل في دروب عودتنا إلى الأبد ؟

لماذا لا يكون لهذه الذات لحم من نهار جديد ، بكل قدرة الشمس على الولادة ؟

كيف صار الوجود رقماً في أثير الافتراض ؟

كيف استحالت الحياة ذبابة على شاشة العالم؟

جرثومة قد تباع في مختبر وتذهب الحياة حينها في إجازة أبدية.

لي حريتي في أن أكون مع إخوتي العبيد يقول كل في نفسه ، لي حريتي في أن أكون نفسي ، لي حرية الانكسار.

ماذا يعني أن يشعر المرء بالانكسار!

ماذا يحدث في شعاب أنفسنا كي تبعث لنا من غور قصي أو حتى من ركح أنفسنا رقصة البطريق برسالة تفيد بأن مذبحة ما قد وقعت لكبريائنا في منطقة مأهولة بالساكنين أغوارنا.

ثم يقول قائل دع العالم يحدث ، دع العالم لا يحدث يقول صوت من غور آخر.

ما الذي ينكسر فينا حقا ، من نحن بهذه الأجساد الخائبة، ومن نحن بغير أجساد مفجوعة بالروح ؟

من نحن وقت الحياة تفضح هذا الأنا المرصع بتقوى الخراب ؟

من نحن بكل ما لدينا من وباء العقل وما خلا بعض العقل فكله وباء؟

هل على من سكن الأغوار أن يبحث عن وطن جديد كي نستريح من أعباء الرحلة؟

لا احد في الكون – غيرنا – يريد للرحلة أن تنتهي ولا تنتهي.

*****

لا يعرف التراب أنني ما له من الأحاجي

لا ولا الماء 

لا يجيد الغيم أن يفك أزرار كينونتي 

لا يجيد أن يفتح المصاريع 

كي تدخل السماء 

ولو قليلا 

كي تخرج الأشياء 

ولو قليلاً 

لا يعرف الصلصال أنني حظه 

من كل شيء

لست بماء 

ولا أنا التراب 

أنا الصلصال في كل شيء 

أنا الشبيه لكل شيء

منذ أن سافر بي الماء

لم أعد 

من أن سافر بي التراب 

لم أعد 

ولا تعرفني الأشياء 

أنا الغريب على طينها 

وهي الغريبة في طيني 

لا يعرف الحجر أنني أخاه 

في الهباء 

لا تعرف الرمال أنني الشقيق للسراب 

لا تعرف نفسي أنني جرحها من الزجاج.

لا تعرف حبيبتي متى اوبتي 

إلى طينها 

إلى جرحها 

إلى ارتعاش الماء والتراب

لا تعرف حبيبتي أنني أسافر كل آن 

في الأشياء ولا أعود 

لا تعرف حبيبتي أنني آويت إليها 

ولن أعود.

*****

أهذا البرعم الصغير في أصص العالم 

يكون أنا؟

أهذا التراب ال نمت فيه الفصول 

يكون أنا؟

وهذا النسغ ال أطعم وحشة الكائن 

أيكون أنا؟

ليس من عادة العطر أن يكون أنا 

ولا أسماء الزهر تشابه إسمي 

ربما كان أكثر ثقلاً من الفوح 

وأخف من جبل 

هذا الغياب 

طفل يبتني الوجود

كرجل الثلج

ويفكر في النار 

أول خاطر لاح للنار 

كان أنا 

ايهذا الكائن من الجمر 

دع العالم يقع 

دعه يسقط من دخاني 

يد تمتد أعلى من الشمس 

هي يدي 

تعتصر حليبا من الشوك 

لا ثمار تساقط 

ولا أكاليل 

لا أجراس ترن

ولا تآويل 

متعال هو النشيد 

أكثر من سياف 

وأعلى من الريح 

متعال هو النشيج 

أكثر من دوي الهزيمة 

وأعلى من بوق القيامة 

هذا أنا 

يصعد بي الحلم إلى كواكبها 

يصعد رنين أجراسها في رحلتي 

أن تاهت بي المحطات 

تجدني في كل الجهات 

أسافر مفقوداً 

لا ولادة ولا موت 

فزع من احتمال النرد

تارة لعنة الثمار 

وتارة غبطة الملاك 

هذا هو أنا 

بي شوق إليها 

كشوق الدروب للتائهين 

كصائد الحقيقة ال يمشي على السحاب 

كارتجاف الشمس في الضباب

أيهذا  ال ضاع في مدائن الغبار.

*****

رائع أن يكون العالم باقة هائلة من الظواهر المدهشة، ورائع أن أكون أحد جهًال الوجود رغم ادعاءات عقلي قدرة فائقة على تفسيره وتصنيفه وكشف علل وجوده أو قوانين نشأته وما سوى ذلك من مصادرات العقل النظريّ، كذبة رائعة حاكها العقل في أول نيسانه، مدهش أن يكون العالم سراب، دفق متواصل، ارهاص لولادة مستمرة ولا مواليد غير طوفان الظواهر، وكان عليّ دوماً أن أدخلها معبدي، أعمدها بأسماء سعيدة وحزينة لتلقى رواجاً في سوق المفاهيم.

لم يكن للوردة لغة ولا قواميس ولا كلمات، هي لا تدعي خطاباً ولا تدخل الوجود في أدغال تسميها مفاهيم، هي تظهر أن روح العالم الشذى وأن الوجود محض عبير.

كم يغار عقلي من الورد لكنها عشق روحي، هي مفاتيحي لمغاليق الوجود، أظن أن الوردة سعيدة فلها السلام وعليها السلام أنها وردة، هي لم ترتطم بأي وجود، لم تتورط بأي كيان ولم تفكر بأي قانون أخلاقي يطابق المقدس، لا رجاء لديها يوجعها ولا تنتظر أي شيء من أحد، تولد وتموت بكل صمت أو عطر.

هي لا تعي سوى أن الضرورة هي سفر في العطر، أن الولادة عطر والوجود عطر والرحيل عطر، أن الضرورة عطر وأعلى مراتب الحرية هو الفوح.

أغار من حرية الوردة حتى حينما تسقط لا تموت بل ترحل فقط، لا تفكر بالسلطة أو البقاء أو حتى الخلود.

أغار من فضيلة الوردة فهي المشرع الأعظم، التوسط السعيد بين القانون وروحه، ليست بحاجة للتفكير في السعادة والرجاء والأمل إذ هي صورة ذلك.

لا تحتاج إلى مصادرات كانط ولا جود الوجود الزائد عن فيض خالق محي الدين بن عربي.

لا تفكر في وصل الود بين عقل ابن رشد وأصل الشريعة، كما أنها لا تحتاج مُثُلْ أفلاطون المتعالية ولا تتساءل إن كان العالم حادث أو قديم

لا يعنيها إن كان نيتشه قد ألقى نفسه في النار، إن كان يليق بالإنسان أن يكون وجوده الحق والأعلى على أعلى قمة للخطر.

هي تأبه لوجودي لأنها من كرم الفضيلة وجود الوجود بحيث أنها لا تميز نفسها عني، هي لا تعرف غير أن تحب بعطر.

أنا لا أعرف ما الفضيلة وما القانون الأخلاقي، اعرف فقط كيف أشغل العالم بأسئلتي، ما أنا سوى فضيلة العقل النظري المسجون في المادة والظواهر والتجربة ولا قبل لي بغير المحسوس، ولن أكون خارج النسق وخارج أكذوبة العالم.

العالم حقل إعدام شاسع للأشياء والظواهر إنه عالمي الذي صنعت، من الكلمات، أنا ميت كهذي القواميس مذ صنعت اللغة عالمي المسحور وبدأ العالم مشواره كظاهرة 

ما أبدع هذه الكذبة!

ومت أروع الشيء في ذاته حين يكون وحده رجاؤنا في البلوغ إلى المقدس الأخير.

*****

من فرجة في القلب أطالع السماء 

لا شيء تغير في طباعها 

زرقة البحر 

لون الرماد 

مزاج متقلب 

حقائب مملوءة بالفراغ

أشواك تحك أقدام الأمل 

لا شيء تغير 

غير أنها تبتعد 

صدى أصوات المسافرين موتا 

الشهوة الوحشية للأشياء 

قاتل يتوق للتعالي 

يلتف بإزار القصيدة 

يخفق في حمل الهاوية 

لا شيء تغير في ألوانها 

غير لون الانتظار 

للحاملين الموانئ إلى بحار أخيرة 

للبراري السعيدة في خيال البحار 

للمشاة على رؤوس أصابع أرواحهم 

على الحواف 

أو في مدى الغبار 

الوصايا أضلت طريقها 

للعبور على جسر مكسور 

للرجاء في فاكهة الغيب 

وذلك الأمل كجرح عتيق 

في مثل براءة الطفل 

فاحش كالمعنى 

أبيض كاللعنة 

طري كلحم البداية 

شاسع كاللانهائي 

كالحب 

لا شيء تغير 

أبوابا تظل مقفلة 

اقفال يعلوها الصدى 

مفاتيح في غيابة البحر 

سكاكين تثلم الطريق 

حجارة تفج اليأس 

حجارة لجدران الأمل 

قصيدة لا أروي غليلها 

حكاية تشبه الحريق 

هي السماء

*****

ماذا لو كان العالم روائح 

كقوافل المطر؟

وأنت تفكر يفوح منك ريحان الفكرة 

لتسأل:

ما رائحة الحقيقة؟

تقول لا شيء غير الأبدي في الحب 

الذي لا يقاس بغير الصمت 

وزخات السكون 

ما رائحة الكينونة؟

إنثيال القلق البهيج 

شكل من احتمال الريح 

لرقص الشجر 

أن تتأبط العاصفة 

ترجم نفسك بنجم بعيد 

تصنع لحبيبة لا تعرف أين هي 

شالاً من القمر 

أن تكون أو لا تكون 

هي ذي الروح 

أن لا تأتي العالم إلا من جهة الهاوية 

تهوي كنجم بكل ما فيك من الخطر 

تسأل:

من سرق رائحة حبيبتي؟

أترى لو أهدى الرائحة للشمس 

هل يحتاج الكون حينها لعينيه؟

أيهذا العالم الكائن من الشذى 

أي عبق يفوح من الحرية؟

لا شيء غير أنك حر 

من حزن الجاذبية 

من نفسك 

من الجمر في لذة التفاح

من اللعنة

من الأعالي 

من الأعماق 

من الوديان 

من الجسد المطعون بالروائح 

من الذاكرة 

جريان النهر

.

.

.

إلى الأبد أو أبعد 

وأنت بكامل الريحان 

حر من رائحتك.

*****

يد تبحث عني في الفراغ 

تجد الفراغ 

يد تبحث عن الفراغ 

تجد الركام 

أين العالم ؟

بملء حلمه 

يمد يده ويبحث عني 

بحّار يطوف الوقت 

بكل قلبه 

ملء جفونه

بكل الصهيل 

وآلاء الصلصال 

يكبو 

ينهض 

يعلو

عائداً يمد يده ويبحث عني 

بكل ما يجري في عروق الرمال 

وحيدا 

خائفاً 

فيه جوع 

وفيه شوق 

ينتظر الشروق 

على باب الشفق 

يمد يده لكل شيء 

لا يعرف أين يذهب 

وحيدا مثلي 

وفيه كل ملامحي 

وأنا الغائب 

لا يجدني 

إلا قتيلاً ابحث عنه 

خلف كل الأشياء 

فراغ يفر 

يذهب ولا يعود

*****

أنا شقيق الماء 

أسيل على أهداب الموت 

كأنني الدمع أحدًق في عينيه 

لا كضحية تودع قاتلها 

بل كحبيبين شغوفين بالصمت 

أو الصوت 

أو صديقين حميمين 

يتبادلان هموم الحياة 

أيهذا الموت 

لماذا كل هذا الشغف بالنهايات ؟

أتبكي لأنك تحيا بموتي ؟

قال لا تجزع 

فالعالم يبدأ 

وآنا حلمك الطويل 

كأنما للتو بدأ اللهب 

لا أعرف إن كان الذي في غيم 

أم أنه الجرح 

سيف شطر الضباب

عالمين 

قارتين 

سديمين وعلمين مختلفين 

واحد ألف به النزيف 

واخر يشبه مرور السحاب

*****

أنا النائي شبيه البرد 

أنا الناي كليم القصب في العراء 

ماذا أقول للربيع؟

إن غابت أنباء العصافير؟

من يتلو اعتذار الحجارة 

عن الندى؟

أي فأس شقق عن قلب التراب؟

 أيعرف الغبار؟

هل يعتذر الشوك عن الزهر؟

أم الورد عن العطر؟

ماذا أقول عن نفسي؟

أأقول شال الخرز 

لف خصر جنية؟

يا بحر ماذا؟

أيشتهي الموج أن يغني لحورية؟

ليس عندي للضوء ما أقول 

عن الشمس 

غير أسر الليل 

في وضح الجرح 

كأنما الحصى 

يرمي العالم بالكينونة 

بقلب يعيد رصف الأساطير 

حجر على حجر 

يبحث عن وجه طفل يلد الآن 

ربما كان أنا 

أو القمر 

أيهذا القلق ثروتي من ذهب الوجود 

لعنتي من الماء 

شقيق البلاد أنا 

ماذا أقول للبلاد 

إذا سفت الرمال 

عن جوع الهوية؟

أبيع نفسي للأساطير 

في سوق نهاية الأسبوع 

كي أشتري البلاد 

هل أبيع البلاد 

لأشتري الرحيل؟

هي شقيقتي في الجرح 

نتقاسم سيفاً يطعننا بالفرح 

بالحرية 

بالجوع 

بالحلم 

تهيأ أمنا العشاء 

ما يكفي المستحيل 

من الحليب والحب 

لا نفكر في الهوية 

بل نتعلم خفة الوجود 

ونطير مع العصافير

*****

مشى الحلم حافياً على الغيم 

تقدح رؤاي الشرر 

فاشتعل أيهذا الماء 

في هشيم الجسد

كن رفيقاً بالنار 

إذا حان اللهب 

هل هبطت السماء من الغبطة

لتنام الآن في الشغاف؟

أم صعدت إلى الغيم 

في رؤى الماء؟

أو تنام يا حلم 

وبك يقظة البحر؟

لك شوقه في أن يكون النار 

ولي الغرق 

بكل شوق السفائن إلى الشطآن 

ألوذ بالليل 

وأخاف الشفق 

في الحلم تكلمت إلى النار 

من يكتب انبهار الليل بالنار؟

ومن في هذه الساعات يكتبني؟

أيهذا النهار

*****

أترى لو وهبتُ عينيّ للهباء

وأعطيتهُ قلبي

هل يرى ما يرى الأعمى 

على سفوح الدخان؟

من بصائر شَيّعتني إلى آخر التراب 

أيفوح أكثر من سوسنة تغنّي 

ويشدو أكثر من ناي في سَكِره؟

يَطير مع الفراش 

يَتلبّسُ كُحل الأجنحة 

مجنوناً يُحسّ أنّه العطرُ 

رذاذ تجره الروح على السراط 

أول الماء 

هل يرى إلى الشمس تُشرق مني؟

وهناك في ليل بَعيد 

بين أصابعي 

تمر أقمار إلى عوالمها وتغيب 

هل يرى أني أجرت نفسي للكواكب 

كي تسرع في الرحيل 

نحو بلاد حلمها الماء 

وسماء يمرح بها إله أخير؟

هناك اعدو في أنفاس الشمس 

وأدعو السحاب ليتدفأ بين يدي 

يسير على هدي دمي 

لا أشواك في لحم المدينة 

لا أرقام تسفح هوية الغيم 

أو شاشة يتدلى منها الوجود 

هناك تحملني على أصابع الحب 

أنّى ثقفتني السماء.

*****

الرايات ال خفقت على صليب الروح 

تلك رايات المشتهين عبور الحواف 

الآيبين في عويل الشهب 

مع أجراس المغيب 

إلى الهاوية 

الذين نذرت لهم من فلوات 

لممت طواريفها 

عددت ذرات الغبار على دروبها 

التآويل في ليل أسفارهم 

كانت عظامي ال وهبتها طواحين الرياح 

كانوا هنا في وضح السراب 

كانوا الملح الواضح اليقين 

في الجرح 

الفاضح عيون الليل 

القناديل المعلقة على ضفائر المشتهى 

كانوا سيل اللهب على سفوح الحريق 

في الرؤى كانوا التواء الدخان 

والخطا ال سالت في المآب 

كانت دبيب الروح.

*****