هناك قصيدة
مهمَلة
راعٍ ينزف وهو يمشي بصعوبة وراء قطيعه الضال
مهندسة معمارية تحت الأنقاض
ومهندس مدني يرتشي وهو يتناول فطوراً معتدلاً.
هناك حكاية واحدة وراء كل باب
وبابٌ واحد خلف مآسي العائلات البشرية منذ الشمس الأولى.
هناك فزعٌ يملأ حنجرة طفل يلعب بقطاره
يعبر بين مدينتين
رغم الرصاص والقتلى
رغم العاهرات وتجّار الحشيش والإذاعة الرسمية
يعبر غير متأكد من الطريقة التي تدخل بها القطارات المدن: دمٌ وأغنيةٌ وشبقٌ لا نهائي
وردٌ ورسائل ومعلمون طيبون يلفوّن خبزهم اليومي في صحيفة المساء
بعد كأسين من عرق مغشوش ينامون في انتظار معجزة ظهور اليوم التالي
كنبي
يخبرهم أن الساعات الأولى هي الأهم
وأن سكاكين الجزارين لا تختلف عن رقاب الضحايا
جميعها حادة ونازفة ونهائية.
هناك نبرة صوت عالقة في قلعة تطل على صحراء يُعتقد أنها باب الجنة
يكمن جنديان منذ عصر الأنباط في قمّتي برجيها المهدّمين
يتنفسان ويحكيان لبعضهما بصوت خافت عن الرصاصة
سمع بها أحدهم مرّة في القرن السادس عشر بعد الميلاد
قال لزميله المتأهب إنها صاخبة وحادة
في يوم ما، سينهض الجندي الآخر من مكانه الأبدي
ليتلقى الرصاصة بدهشة.
هناك بائع مثلجات وطفلة موؤدة وبتلات زهرة بريّة
مكانس خشبية لتسوية الأرض وتنظيفها
لتستقر أرواح القتلى في الجحيم
كما أكّد قائد الكتيبة
وهو يمضي للتوقيع على معاهدة سلام طويلة
هناك سماء أرجوانية
ينابيع تنفث نيران الأرض القديمة
عشيقات يكوّرن فضة أجسادهن في تنور الرغبة
ويُنشدن ملاحم عن أرض الأجداد التي تركنها منذ قرون مضت
هناك عسكري يتحفّز للانقضاض على حمامة ميّتة
أمٌ تدهن رأس ابنتها ببقايا زيتٍ مقدّس
دويلة تجادل عن حدودها الميّتة
راقصة تبكي لأن ثمن عملها الليلي ذهب في سبيل رعاية أطفال التوحد
هناك خارطة عرجاء
ومرابون
وعمائر سكنية بلا أقفال
حيث تدخل الريح المخادع ثم ترحل محمّلة بالآهات
هناك طمي يطمس قصّة وزير الحربية كلما اجتمع بجنوده
كان يجرّ المراهقة الانتحارية من شعرها ويصرخ
ثم يرفع علامة النصر
كانت ساكنة كملائكة القصص العتيقة
منطفئة كشمس الظهيرة
تشعر ببقية صحبتها وقد رضوا بالغياب الأبدي
على شفتيها ابتسامة المنتصرين
وفي إحدى يديها وشم على هيئة سكة قطار
يسير بين مدينتين
ويغنّي.
*موقع اوكسجين
Leave a Reply