يُـتَأَرجَحُونَ في سَفِيْنَةٍ بِلَا قَرَارٍ.
عَطورُهم تُجَمّلُ حَبْلَ الْكَذِبِ بَينَهمُ.
يُقْبِلُونَ عَلَى بَعْضِهم هرَبًا مِنْ صَفْنَةٍ أليمةٍ، مِنْ ذِكْرَياتٍ تغطُّ في نومِ النسيان، مِنْ ثلجٍ يتمرّنُ على الشيخوخةِ، سَيطيح بتيجانٍ سُوْدٍ، ويُكَفِّنُ هَالاتٍ تَذْبُلُ.

أعْصَابُهم تَلْتفُّ، نَواجذُهم تعضُّ على رقابِ خُيولِ الوقتِ المَجنونةِ، كي تَمنّ عَليهمُ بيومٍ مَديدٍ.

عَلَى تَلّةِ الهَاوِيَةِ يقفونَ، يرقبون هلالًا في غروبٍ غائم.
أتعبهم السيرُ في الطريقِ الى الحِكْمَةِ الضَائِعَةِ، فتجحفلَ الخَوفُ عَلَى اْكتَافِهم، وبادلهم الشَكُّ لُعْبَةً قَدِيْمَةً، هاربًا بوهمِ اليقين.

يُغادرُونَ بُيوتَهم مِن نَوافذِ المَرايَا، ليَطمئنوا عَلى تَواريخِ وُجوهِهم، ومَا لَحقَ بتضاريسِها مِن تَقلّبِ مَناخِ الحَياةِ.

يَعودونَ تَحتَ جُنحِ الظَلامِ، لِيفَوتوا عَلى الشَامِتينَ التمَعنَ في عُيونِهم المُنكسرةِ، وَأثرَ صَفعةٍ حَديثةٍ.

مُتَجَهِّمَونَ فِي خَلَوَاتِهِم. حَزانَى فِي لَيْلِهِم. مُتعَثِّرونَ في خُطاهم، إنْ فرحوا يَتَسَاقَطُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ضَحِكٌ عَليلٌ.

يَجْمَعُهُمْ الهَمُّ، ويُفَرِّقَهُم الْتَّأَمُّلُ.

مُتَشَبِّثوْنَ بِعشْبَةِ الأمَلِ اللَّعُوبِ.

هارِبُوْنَ مِنْ قَصَصٍ بِنهاياتٍ وَشِيْكَةٍ.

مُجلجِلُونَ مِنْ نَظَرَاتِ الْعَابِرِيْنَ الْشَّكَّاكَةِ.

مُتصَابُونَ حَتَّى فِي الحُلمِ.

يَحنّون لوثباتهم على رياحٍ كانوا يمتطونها، عنوةً، ممسكينَ بلجامِ الحياةِ، قَبلَ أنْ تُلقِمُهمُ أحْجَارًا.

تُكلّلهم الخَيبةُ، إن تفوّهوا ثرثروا، وإن سكتوا خَرسوا.

أحْجَارُ خَواتِمهم تَتَصدّعُ، تعبت أحْلامُهم من انتظارِ عَرَباتِ النومِ، نامَ الليلُ، وظلّوا على الطريقِ ينتظرونَ.

حَطَابُوَ النَّدَمِ، نَسَّاجُو أَحْلَامِ اليَقظَةِ، نُدَمَاءُ الظَّهيرَةِ، حُرّاسُ اللَّيْلِ الطَّوِيلِ، مُرَمّمُو الجَسَدِ عَلى سِقَالَاتٍ القلقِ، قَيّافو الدُّمُوعِ عَلىَ البَسِيطَةِ، حارقو القلوبِ بِقصصِ عِشْقٍ جديدةٍ، مُراهقو الوَقْتِ الضَّائِعِ، ضُيوفٌ فوقَ العادةِ في مَقبرةِ المَسَرّاتِ، أَربابُ مَأدَبةِ الندَمِ الجليل.

*ضفة ثالثة