هوشنك أوسي
لا تكلّميني كشيطانٍ يأمرُ تابعهُ.
ولا تنظري إليَّ نظرة إلهٍ ينوي ابتلاءَ عبدهِ.
ما عدتُ الهدوءَ الذي يسبقُ عَصفكِ،
ولا المُذنِبَ المنتظرَ صفحَكِ وعَطفكِ.
كسماءٍ لا لزوم لها، عليلةٍ وساخطة،
وأرضٍ لا تستبعدُ الانتحار،
مُكرهًا، أديرُ ظهري لكِ، وأبكي.
يستدعيني البحرُ للمثولِ أمامَ حطامِ سفينةٍ،
ويدعوني الصّمت للاشتراك معه في ارتكابِ جريمةِ قتل الغيب، واغتصابِ أنثاه.
تهددني غابةُ الصّنوبر بالزّحف على قصيدتي،
وتُطمئني الصّحراءُ وبوادي صوتكِ والكلام،
ألاَّ خوفَ على جراحي مِن الاستيقاظ بعدَ لحظات.
كمساءٍ ما زال يلزمهُ الكثيرُ مِن التَّأمُّل حتّى يرحل،
وكترابٍ يتوهّمُ أنّهُ جسدكِ،
أدرتِ ظهركِ لي، وأدرتِ كأسَ السُّم والنّبيذ على جثتي.
غالبًا، ما أراجعُ ما تدوِّنهُ السَّماء على مائي
الذي يفترسهُ البدد، فورَ انبثاقهِ.
تستفتيني الغُيومُ في الأماكن التي يمكنها تفريغ أنينها عليه.
لا تؤاخذني على كتاباتي بدمعِ القلبِ، عن الأماكن التي صادفتكِ فيها.
تلومني بشدّة، حين أتأمَّلُ سحرَ نهديكِ والعينين.
تفهمني السُّحُب الآذاريّة، وتتفهَّمُ حزني وطيشي،
وكيف أن عشقي مسخني إلى قِردٍ تاهت بهِ سنواتهُ في غابةٍ استوائيّة.
حين رأيتُكِ تستحمّين بمطرٍ صيفيٍّ هناك،
قصفَ برقكِ قلبي، والتهمَ كبدي.
مُذاك، لا أراجعُ ما تدوّنهُ السّماءُ على مائي
الذي يشربهُ بددُكِ، على مهلِ غيابي.
كاحتمالٍ لا ثاني له،
طحنتكِ قصصُ حبّكِ الفاشلة، وغدرت بكِ،
ألقتكِ الأقدارُ في طريقي.
وكمجهولٍ عربيدٍ، مكتظٍّ بالكمائن والقصائد، ورقصة الفالس
على جليدِ الانتظارِ ولهيبهِ، تلقّفتكِ.
يا قطَّةً من نسلِ أساطير البلجيك،
لا يقللُ مِن الحبِّ فشَلُهُ.
ولا يزيدُ نجاحهُ فيهِ شيئًا.
حين كنتُ افتراضًا يتيمًا ينتظركِ في بارٍ بناهُ الفرنسيون على كتفِ بيروت،
كنتِ امرأةً من الكلامِ الأشقر والنّعناع،
تنتظرني في مطار بروكسل.
مُذّاك، غدا الموتُ احتمالاً لا يُحتَمل،
وأمست نهايتي بدايةً ممكنةً لكِ،
أبدعها القلقُ الحنون الغافي بين عينيكِ والنّهدين.
نهايةٌ اختلفت عليها المدنُ والدروبُ، وتقاتلت عليها الجهات.
هذا الجدار الذي لا ترينهُ في قصائدي، ويراكِ،
صديقي اللدود، مُذ باشرتُ الرَّسم عليه بالماء.
لا يكفُّ عن ملاحقتي، لسببٍ أجهلهُ.
وذلك الجدارُ الذي يعليهِ خجلي وقلقي،
وَعدَني بالانهيارِ أمامكِ في أوّل لقاء، ونكثَ بوعدهِ.
كلُّ ليلةٍ شتائيّةٍ ماطرةٍ، يفاجئني بجديدِ تدوينه عنكِ،
تخيّلكِ راقصة فلامينكو، في بارٍ بناهُ البرتغاليون في “مسقط”
وتخيّلني عازفَ غيتارٍ يعزفُ لكِ.
يراكِ شاعرةً نقرأُ قصائدها على أسماعِ النّوارس
وتلقي بفجورِها إلى قلوبِ الطيورِ الجارحة.
يراني نصلَ المجازِ، وكُحلَ خيالكِ.
يدركُ عددَ الرِّجال الذين أسقطتيهم من حساباتكِ، بغلاً إثر آخر،
وكيف تنصبين لي المكائدَ والكمائن، على مهلِ الليلِ الصَّبور،
ذلك الجدار الذي لا ترينهُ في قصائدي، ويراكِ،
ما عاد صديقي، وصارَ خصمي.
يناصبني العداء، جهرًا وسِرًّا، مذ سقطَ في حبّكِ.
11/04/2022
أوستند – بلجيكا
Leave a Reply