نبيل سليمان، روائي وناقد سوري
أوراق 19- 20
الملف
بقدر ما تسعف الذاكرة، تلوّح لي الآن دعوة من مدير الثقافة في الرّقة حمّود الموسى إلى مهرجان للقصّة القصيرة في مدينة الطبقة صيف 2005. لم أكن أعرف حمود من قبل، لكنني كنت أعرف الطّبقة منذ (الفرجة) في 8/3/1968 على الدكتور يوسف زعين يضع حجر الأساس لسد الطّبقة (سد الفرات). ومن المعلوم أن زعين (1931 – 2016) قضى في سجن المزّة ما بين انقلاب حافظ الأسد الشّهير بالحركة التصحيحية عام 1970 حتى 1981، حيث أُفرجَ عنه ليموت بالسرطان، لكن العلاج في السويد أنقذه ليقضي بقية حياته منفياً.
الشّرارة:
لبّيتُ دعوة حمّود الموسى، وأسعدني بخاصة اللقاء في الطّبقة بالصديقين خطيب بدلة وتاج الدّين الموسى. وأنّى لي أن أنسى خلوتنا ثلاثتنا ليلاً في غرفتي مع كؤوس الطّلا وابنة الدنّ وابنة الكرم… وقبل أن نغادر الطّبقة كانت الغيرة قد فعلت بي فعلها، وكنت قد امتلأت إعجاباً بمدير المركز الشاب المختلف عن كل من عرفت من مدراء الثقافة ومدراء المراكز الثقافية في سوريا من القامشلي إلى السويداء واللاذقية وما بين بين، لا أستثني إلا الصديق الذي فارقنا في 23/1/2023: رفعت عطفة.
محمولاً على جناحي الغيرة والإعجاب سألتُ حمود الموسى: لماذا القصّة القصيرة وحدها؟ والرواية أين مهرجانها؟
بابتسامة الواثق أجاب: هات مشروعاً، وأنا جاهز.
على الرغم مما بين الرقة واللاذقية من مئات الكيلومترات، وعبر اتصالات معدودة ومحدودة، قدمت المشروع الطموح الذي يضمر مضاهاة ما كنت قد شاركت فيه من مؤتمرات الرواية في تونس أو الدار البيضاء أو عمان أو الشارقة أو باريس… وعيني على ملتقى القاهرة للإبداع الروائي. وقد جاءت تسمية المهرجان الموعود في الرقة باقتراح من حمود الموسى وآخرين من أدباء الرقة: (مهرجان عبد السلام العجيلي الأول للرواية العربية).
الدورة الأولى:
لأنها الرّقة، ولأنه أيقونتها، كان من الطبيعي أن يتمحور المهرجان في دورته الأولى 2005 على دراسات لأدب عبد السلام العجيلي، بالإضافة إلى دراسات حول الرواية السورية، وأخيراً: شهادات.
وللمرء أن يتخيل الجهد الدؤوب والمركّز الذي أسفرَ خلال فترة قياسية عن حضور سميحة خريس ومصلح النجار ومحمد عبيد الله (الأردن)، عبد الرحمن مجيد الرّبيعي وفاضل الرّبيعي وعبد الله إبراهيم (العراق) مصطفى الضبع وعزت القمحاوي وسمير الفيل وصلاح فضل (مصر)، وعلي مهدي زيتون وعبد المجيد زراقط (لبنان)، واسيني الأعرج وفضيلة فاروق (الجزائر)، كما شارك سبعة أدباء من الرقة، وسبعة عشر من أنحاء سورية، من أبرزهم: خيري الذهبي، وليد إخلاصي، ممدوح عزام، شهلا العجيلي، سمر يزبك، خالد حسين، ماجد رشيد العويد، إبراهيم الخليل، نعمة خالد، خليل صويلح …
جرياً على سنن الدورة الأولى لملتقى القاهرة للإبداع الروائي (1998) جاءت رسالة عبد السلام العجيلي إلى المهرجان في الافتتاح، وكان المرض قد أقعده، لذلك زاره الضيوف والمنظّمون في منزله. وعند خروجنا تقدمتُ الضيوف إلى البيت الذي سكنته عام 1967، على خطوات من بيت العجيلي، آملاً أن أرى غرفتي بعد عقود، لكن الباب الذي انفتح أخيراً واجهني برحيل أصحابه.
من أبرز ما قدمه المشاركون أذكر حديث خيري الذهبي عن الرواية التاريخية، ومنه أن قدر الشاميين الذين سُمّوا بالسوريين على غير رغبة منهم، حاولوا الخروج من القفص. لكن القضبان كانت أقوى من صدورهم العارية. وأخيراً بدؤوا الكتابة / قراءة الوطن بالرواية التاريخية. وقد ميّز خيري الذهبي بين نوعين من كتّاب هذه الرواية في سورية: الكسالى الذين يتّكئون على مشجب الالتزام، والآخرون الذين لهم مشروع روائي خاص، وتكرّم فجعلني في مقدمة هؤلاء برباعية (مدارات الشرق).
وقد قدم جهاد نعيسة دراسة مميزة لعالم خيري الذهبي، تعويلاً على رواية (لو لم يكن اسمها فاطمة)، ورأى فيها أن الذهبي نموذج لمزج وعجن الأساطير والمواد التاريخية. وقد عقد نعيسة موازنة بين تجربتي خيري الذهبي ونجيب محفوظ، حيث عرضت الأولى تصوراً موازياً عن أزمة وعي أعم يكون المثقف أحد أطرافها مأساوية، وبالمناسبة قضى جهاد نعيسة خمس عشرة سنة في السجن وحُرمَ بعد السجن من حق العمل أستاذاً جامعياً داخل الملاك. ومن الشهادات المؤثرة والبصيرة جاءت شهادة سمر يزبك تحت عنوان (الكتابة الجديدة). وذكرت فيها أنها كتبت روايتها (صلصال) بولهٍ وحشيّ وخشية ومتعة، وأن الروائيين كانوا دائماً أنبياء في العالم العربي، حيث لا أفق سوى الأسود، أما الكتابة الجديدة فهي الكتابة الجيدة.
أضفتْ فرقةُ الرّقة للفنون الشعبية بقيادة إسماعيل العجيلي بهجة مضاعفة على المهرجان في جلسته الافتتاحية. وكنت قد عايشت هذه الفرقة منذ نشأتها عام 1969. وكان عبد السلام العجيلي قد كتب لها بعض أغانيها وأعمالها بالمحكية البدوية، وسوف تتكرر مشاركتها في افتتاح دورات المهرجان التالية.
طُبعتْ أغلب أعمال الدورة الأولى في كتاب، وهو ما سيغدو سنّة المهرجان في سائر دوراته الست (2005-2010). كما رافقت المهرجان معارض للكتاب والفن التشكيلي، ونظمت مديرية الثقافة رحلة للمشاركين إلى قلعة جعبر والرصافة وسد الفرات.
التمويل:
في يوم الرحلة تخلّفت عن الركب، ليس فقط لأنني كنت قد زرت كل المواقع الساحرة مراراً خلال أربعين سنة سابقة، بل لأن رهق الأيام الفائتة من قبل ابتداء المهرجان بيومين كان قد أعجزني، وكنت قد اقتديتُ بجابر عصفور في تنظيمه لأيام ملتقى الإبداع الروائي في القاهرة، فجعلت لكل يوم من أيام مهرجان العجيلي أربع جلسات علمية: جلستان قبل الظهر، للواحدة ساعتان، يتحدث فيها أربعة، ويلي ذلك النقاش مع الجمهور الذي ندر أن كان مثله في ملتقيات العواصم، ابتداءاً بأكبرها: ملتقى القاهرة للإبداع الروائي. وفي المساء جلستان مماثلتان، ثم يأتي العشاء والسهرة التي يعطّرها بخاصة غناء الروائية فوزية المرعي بنت الرقة، وسواها.
في ظهيرة يوم الرحلة إلى الطبقة والرّصافة خرجت من الفندق، وبعد خطوات قاطعني رجل مشرعاً ذراعيه وهاتفاً: أستاذي. بالطبع لم أعرف الرجل الذي قدم نفسه: بوزان البشير الهويدي، واندفع يذكّرني بالطالب الذي كان في الصف الثاني ثانوي وأستاذه الذي كنته. وفجأة أطبق عليّ لأكون ضيفه على الغداء، ولما تعللتُ بارتباطي بالمهرجان أقسم بالأيمان الغلاظ على أن كل من في المهرجان هم ضيوفه على الغداء، فتركت له أن يرتّب ذلك مع حمود الموسى، وكان ذلك في اليوم التالي: المضافة التي تترامى عشرات الأمتار: جلوساً على السجاد أيها الضيوف والمنظمون ويا رهطاً من الحضور: المناسف التي تتوسطها الخراف تنتظر المئات، ولن أنسى ذهول صلاح فضل وهو يحاول أن (يتربّع) ونظرته المركوزة على الخروف تتلمّظ تارة وتنكفئ تارةً كأنها خائفة.
الدعوة الحاتميّة لطالب الأمس الذي صار شيخاً: بوزان البشير الهويدي، تفتح القول على تمويل المهرجان، ابتداءاً من الدورة الأولى. فبطاقات الطائرة، ونقل الضيوف من مطار دمشق إلى حلب فالرقّة، وأجور الفنادق وتكاليف الإقامة… كل ذلك يعني أرقاماً عصيّة على المدينة الصغيرة النائية، وعصيّة بخاصة على ميزانية وزارة الثقافة، وعادة ما تكون هذه الميزانية في المرتبة الدنيا.
التفّ حمود الموسى بخبرته وشبكة علاقاته الرسمية والمدنية، على البيروقراطية وعلى ازدراء الميزانية للأنشطة الثقافية، فجاء المدد من (المجتمع الأهلي) كما اخترع الخطاب البعثي بديلاً للقول بـ (المجتمع المدني)، من أمثال صديقي الشيخ بوزان البشير الهويدي، (الشيخ فايز العبيد الغبين ومحمد حسن ويس العجيلي والمحامي عثمان محمد والمهندس الياس خضري…)، وكذلك العديد من المؤسسات (مديرية الخدمات الفنية، مديرية الأعلاف) على سبيل المثال. وقد فاجأني حمود الموسى في إحدى الدورات باصطحابي إلى إدارة سدّ الفرات، لماذا؟ لكي نطلب العون المادي للمهرجان، فقدم المدير مائة ألف ليرة، وكان ذلك مبلغاً كبيراً يعادل 2500 دولاراً.
تحية للراحلين:
من المشاركين في المهرجان من رحلوا، وأسماؤهم وحدها تدلّل على المستوى الرفيع الذي كان للمهرجان: من العراق نجم عبد الله كاظم وعبد الستار ناصر، ومن مصر، يوسف أبورية وصلاح فضل وسيد بحراوي ومكاوي سعيد، من تونس محمد الباردي وصلاح الدين بوجاه، من الأردن رفقة دودين وجمال ناجي، ومن سوريا: ياسين رفاعية، خيري الذهبي، وليد إخلاصي، فؤاد المرعي، رفعت عطفة، غازي حسين العلي، رضوان قضماني، عبد الله أبو هيف، عادل محمود، صبحي الدسوقي، غسان الجباعي.
علامات فارقة:
1- بقدر ما تسعف الذاكرة: تعنونت الدورة الرابعة 2008 بـ (جمالية الرواية العربية). وكان العنوان الذي اقترحته (جماليات) ولا أعلم كيف صار (جمالية) على غلاف الكتاب المطبوع الذي ضم أعمال تلك الدورة.
ألقى كلمة المشاركين إبراهيم عبد المجيد، ومثل هذه الكلمة كانت من تقاليد المهرجان، كما هو تكريم أحدهم. وممن جرى تكريمهم الروائي الصديق إبراهيم الخليل ابن الرقة الذي غادرها إلى الطبقة عندما قامت دولة/خلافة داعش، ثم عاد بعدما (قامت ولم تبقَ – نكاية بشعارها: قامت وستبقى) وجد بيته أنقاضاً، ولكنه لم يغادر الرقة من بعد. كما جرى تكريم القاص الراحل الصديق خليل جاسم الحميدي، ابن الرقة.
في هذه الدورة كانت مفاجأة مشاركة الروائيين اليمنيين نادية الكوكباني -القادمة إلى الرواية من هندسة العمارة- وحبيب عبد الرب سروري القادم إلى الرواية من أعقد وأحدث علوم الكومبيوتر، كما حضر من اليمن الشاعر والصحافي علي المقري الذي سينتقل إلى الرواية، وسرعان ما سيسطع نجمه فيها.
وقد كانت مشاركة شهلا العجيلي (الجمالي والمعرفي في الرواية العربية) درّة هذه الدورة، وهي الأكاديمية والروائية المرموقة، وابنة شقيق عبد السلام العجيلي، وكان والدها عبد العظيم العجيلي وشقيقتاها رزان ومزنة وعمها عبد الوهاب شموع المهرجان التي لا تنطفئ.
كتبت شهلا العجيلي أن “إنسان اليوم هو إنسان الرواية بجدارة، الذي يعاني قطيعة قيمية وجمالية مع العالم”. وكتب إبراهيم محمود عن جماليات الجسد المحظور في الرواية العربية. وكتب نجم عبد الله كاظم عن جماليات الشخصية في الرواية العراقية. أما خيري الذهبي الذي كان ضيف المهرجان للمرة الثانية، فقد قدم شهادة على تجربته الروائية حتى تلك السنة 2009. وازدانت الشهادة بما جاء فيها عن حياته الشخصية والثقافية، وعن النقد. وقد خصّني بقوله: “أما نبيل سليمان فقد كتب عدداً من الدراسات، وعدداً من العروض الصحفية لمعظم رواياتي، وهذا ما أشكره عليه، وأتمنى أن أتفرغ قليلاً للكتابة النقدية فأنصفه وهو الجدير”.
ومن المغرب جاء لعبد المالك أشهبون بحثه (جماليات الواقعية الجديدة في الرواية العربية)، كما قدم أشهبون بحث المغربي الذي تعذر حضوره عبد اللطيف محفوظ (الدلالة الأيديولوجية في الرواية: “دلعون” أنموذجاً). وفي ذلك توكيد على مدى جدية الباحث، وعلى مدى الجدية التي عرف بها المهرجان، وهنا أذكر الروائي السوداني أمير تاج السر الذي لم يتمكن من الحضور فأرسل شهادته (بصحبة الغرغرة المرة).
دَرَجَ المهرجان بفضل إدارته على استضافة عدد من الأدباء الأتراك في كل دورة. ومنهم في الدورة الرابعة صالح زكي طومباق الذي قدم (الرواية المؤامراتية في الأدب التركي)، وتولاي آل كوبون التي قدمت: (منعكسات العالم المتعولم على الأدب التركي). وكان الصديق المترجم بركات كار من أنطاكية قد ترجم للوفود التركية دورة بعد دورة. وهنا أسجّل أن شخصية تولاي في روايتي (تحولات الإنسان الذهبي-2022) ما كانت لتكون لولا الصديقة الكاتبة تولاي التي عرفتها في الرقة في المهرجان، وتعمقت صداقتنا، وثالثنا بركات، في مهرجان الأدب العالمي في آكياكا التركية.
2- تغيبتُ عن الدورة الثالثة 2007 لأنني كنت قد أجريت جراحة في القلب قبل المهرجان بشهر. وبعد المهرجان حضرت من الرقة لزيارتي في اللاذقية الضيفة المصرية الكاتبة دعاء صالح التي كنت قد التقيتها في صيف تلك السنة في مؤتمر في الجزائر. والطريف – الطريف!!!- أنها حضرت إلى دمشق سنة 2014 في مؤتمر نسيت ما كان. وصادف أن شاهدتها على شاشة التلفزيون مع حمود الموسى وآخرين، فهاتفت حمود وطلبت منه أن يصلني بدعاء، لكنها رفضت أن تكلمني لأنني غدوت في نظرها الجاحد المعارض أما هي فهي الموالية الوطنية!!
3- موضوع الدورة الخامسة 2009 من المهرجان كان (الرواية العربية والنقد) ومن المشاركات المميزة من مصر كانت مشاركة (زمن الرواية) لحسين حموده، و(“أنت” ضمير النقمة والسخرية والاحتجاج) لخيري دومة، و(النقد الجديد في مصر) لابراهيم فتحي، ومن الأردن (النقد والإبداع النسوي) للراحلة رفقة دودين، ومن السعودية (النقد الروائي العربي والرواية الشبابية) لنورا القحطاني، و(التناص بوصفه ممارسة) لمعجب العدواني، ومن المغرب (مسارات النقد الروائي) لشعيب حليفي، ومن سوريا (حول مشكلات الناقد الروائي العربي) لشهلا العجيلي، و(بلاغة السرد) لرشا العلي… ومن الشهادات أذكر شهادات ابتسام تريسي وخطيب بدلة وخيري الذهبي ونهاد سيريس وممدوح عزام (سوريا)، والميلودي شغموم (المغرب) ومحمد الأصفر (لبيبا) وأمير تاج السر (السودان).
أما الدورة السادسة والأخيرة 2010 فكان موضوعها (محظورات الكتابة في الرواية العربية). وقد شارك فيها من الجزائر الحبيب السائح، ومن العراق علي بدر وعمار أحمد، ومن المغرب أحمد المديني، ومن مصر هالة البدري وخليل الجيزاوي وشيرين أبو النجا، ومن السعودية عبده خال ويوسف المحيميد، ومن الأردن جمال ناجي وعبد الله رضوان، ومن سوريا فؤاد المرعي وعادل محمود، ومن لبنان علوية صبح ويسرى المقدم. ورافق المهرجان معرض الكتاب ومعرض التصوير الضوئي ومعرض للمخططات الهندسية الخاصة بإعادة تأهيل منطقة ما بين الجسرين. وكانت الدورة الثانية 2006 قد ازدانت بمعرض الفن التشكيلي لتجمّع فناني الرقة مطعّماً بلوحات لفنانين من تركيا والدنمارك والمغرب والعراق وبولونيا ورومانيا وفرنسا وأرمينيا وفلسطين وسوريا.
وبعد:
كان يا ما كان، وغير الله ما كان، كان فيه مهرجان في الرقة يحمل اسم عبد السلام العجيلي، وعاش ستّ دورات من 2005 حتى 2010، ثم زلزلت سوريا زلزالها، وأخرجت أثقالها، وتوقف المهرجان إلى أن حاولت وزارة الثقافة السورية إحياءه عام 2019 فيما سمته الدورة السابعة، أي إنها استأنفت إقامة المهرجان بعد الدورة السادسة، ولكن ليس في الرقة التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية الكردية، وخارج سيطرة الدولة أو النظام، بل أقيم المهرجان في بلدة (السبخة) التي علّمتُ في إعداديتها لمدة أسبوع في تشرين الأول 1967 قبل أن أنتقل إلى ثانوية خديجة للبنات في الرقة.
نقل لي صديق مشارك في الدورة السابعة أنه اقترح دعوتي فرفضوا (من هم؟) رفضا قاطعا أن يُذكَر اسمي البتة. كما كان محرما في هذه الدورة وفي الدورة التالية 2020 ذكر أي كاتب أو كاتبة من المحسوبين في المعارضة، داخل وخارج سوريا. ولأكن صريحا حتى لو وُصمتُ بالنرجسية أو الأنانية: لقد جعلني إحياء المهرجان، كما جرى، بأن الأمر هو اختطاف المهرجان، بل هو اغتصاب، ليس فقط لي أو لجهودي، بل لكثيرين وكثيرات من أمثالي، على رأسهم حمود الموسى، سواء ممن أنجبتهم وأنجبتهن الرقة أو سواهم من كتاب وكاتبات وعاملين وعاملات في الإدارة والإعلام، أما عزائي، والمكافأة الكبرى على ما قدمت فهو هذه الكلمات التي ألقاها حمود الموسى في افتتاح الدورة الأولى للمهرجان “ولا يفوتني -وإن اتهمت بالمحاباة، أن أشكر الصديق والأديب نبيل سليمان، فلولاك أيها الصديق كان من الصعب أن ننعم بهذا اللقاء، فشكراً على واجبك”.
وإنه لواجبي حقاً نحو الرقة التي سكنتني كما لم يسكنني مكان آخر تعلقت به روحي في سوريا وخارجها. الرقة مدينة عبد السلام العجيلي ومن سبقوا ومن لحقوا من المبدعين والمبدعات من ربيعة الرقي والبتّاني إلى عبد السلام العجيلي وإبراهيم الخليل وشهلا العجيلي وياسين حاج صالح وخليل الرز وعبد اللطيف خطاب و….