في تفاصيل الحياة اليومية السورية الغارقة في اللامعنى، أذكر أيام طفولتي نكتة عن نجاح العطار بأنها كانت تضع باروكة على رأسها، كيف لا وباروكتها وغطاءها الأسد الأب والأسد الابن، وكيف لا ووزارة ثقافتها عبارة عن أداة سياسية لدعم بروباغندا النظام من عام 1976 إلى عام 2000، وخدمة توجهاته السياسية على مبدأ “كلو بما يرضي الله” كما في مسلسل “الزوجة الرابعة” المصري الشهير.
وعندما دخلت المعهد العالي للفنون المسرحية عام 2001 وكنت الطالب بقسم اللغة الفرنسية بجامعة دمشق وتعرفت على أعمال يوجين يونيسكو في المسرح العبثي، قمت بتسمية نجاح العطار “مغنية الأسد الصلعاء” وأنا أتخيل تلك المرأة المسنة وهي تضع باروكتها التي ربما تدفع ثمنها كل فترة بما يعادل اليوم راتب عشرين موظف سوري في مزرعة الأسد الإبن.
انحازت العطار لولي نعمتها الأب والإبن، فرغم أن الثورة السورية الأولى 1979-1985 ضد الأسد الأب ورغم قتل الأخير لزوجة أخيها في حادثة استهداف أخيها المعارض القديم لنظام الأسد، إلا أنها كانت دجاجة أسدية بامتياز، بلا ضمير ولا وجدان، وبعد الثورة السورية على الأسد الإبن عام 2011 استمرت ذاك الروبوت المسمى إنسان والعبد التابع والخادم المطيع لآل بيت الأسد “الكرام” وعلى مبدأ مثل بدوي قديم يقول “من أكل خبز السلطان شال سيفه”.
نعم هي مغنية ليست صلعاء فحسب بل وعارية تماماً ومتجردة من الإنسانية ولتؤكد ذلك حينما قبلت مؤخراً وسام الأسد والذي تسميته لا تتناسب أبداً مع مقام رئيس الجمهورية الحالي، لأنه الوسام الذي استحدث عام 1953 حتى قبل دولة البعث، والغريب إقحام اسم بنو أمية على رئيس دولة متقزمة، ومسؤول عن تفتيتتها وتقسيمها واستجلاب قوات احتلال إليها وقتل وتشريد شعبها، فهو عبارة عن زعيم عصابة مخصي وقاتل خارج العدالة.
كل هذا يتناسب مع دولة الأسد العبثية تماماً كالفصام الحاصل في مسرحية يونيسكو الشهيرة، فالمعلم الشاطر والفاشل حتى بالمدرسة يوزع على طلبته المطيعين مرحات، وفي الآونة الأخيرة كثرت مرحات الأسد و”البرافو” و”العفارم” و”التشكرات” سواء لأسياده أو عبيده تحت مسمى “وسام الاستحقاق” وكل من يصفق لجرائمه، فكرم سفير الصين امتناناً لدولة الصين التي استخدمت الفيتو في مجلس الأمن إلى جانب روسيا بوتين لمنع إدانة الأسد وإنقاذ الشعب السوري من مسلخه الوحشي وجحيمه، وكرم بوسامه أو مرحته سفير باكستان التي انقلبت مؤخراً على سيدها في البيت الأبيض لتنبطح تحت أقدام الروس، وعبده المطيع علي أصلان ووليد المعلم بعد نهاية صلاحيته البراميلية، ومقتدى الصدر لعل وعسى يميل الأخير لصالح الاحتلال الإيراني في العراق.
مرحات الأسد التي يتم توزيعها هنا وهناك تحمل في طياتها قراءات من نوع المضحك المبكي، لمغتصب السلطة في سوريا. وهو من سحبت منه فرنسا وإيطاليا وأوكرانيا وصقلية أوسمة الشرف لأنه أثبت ويكل أمانة أنه بلا شرف.
فليس عدلاً أن يسمى وسام الاستحقاق السوري باسم بنو أمية الذين حكموا العالم حوالي قرن من الزمن من دمشق، ومن العبث أن تؤول دمشق الفيحاء بعظمتها التاريخية للص صغير قزم ومختار حارة بل ومن وقاحة التاريخ أن يوزع “بغل” يحكم وطن الخيول الأصيلة شهاداته كما نقول للرايح والجاي، فيما الشهادة الوحيدة التي تناسبه فضلات المجرور الصحي.
*خاص بالموقع