إلى صديقي عباس أبو ديمة
مجلة أوراق
أوراق الشعر
منذ التقينا
هجستُ لنفسيَ أن الفتى الكهلَ
ليس طويلَ الأجلْ.
لَكَم كان يشبهني
في يقين الغيوم بما سوف تُعشِبُ
في أمنيات الينابيع نحو السرابِ
وفي خَطَرَاتِ المُحِبِّ الذي لا يخونُ
ولكنني سأضيف لهُ
أنَّهُ كانَ أبعَدَ مرمى
إلى ما يرى ويريدُ
على مقتضى الحال
ثمَّ أضيف لهُ
أنَّ ضحكتةً
لا يحالفني الحظُّ في كركرات سلالمها
والغريب أشد ّ الغرابةِ
أنَّ اسمهُ كان: عبَّاس.
عباس؟!
أين عبوسكَ يا ابن الضنى والأملْ؟
تَراهُ على مشرق الشمس
حتى إذا ما تأخَّرتِ الشمسُ عن شأنها
هزَّ خلخالَها
وتراه على صَحَوات النهار وسكراتِهِ
ويفاوض آخرةَ الليل كي تستطيل
يريد من العمرِ عمرين
يا ليتني كنتُ قبلكَ يا هَصْرَ قلبي
أنانيَّتي أن تهيّئَ لي
لا أهيّئَ مرثيتي لكَ
يا ابنَ أعزِّ ظنوني
لقد آنَ أن أشهدَ الآنَ
أنَّ الذي كان يأكل ما يتيسَّر من خبزنا
كان يمضي إلى غيرنا بالعسلْ.
عجولاً كعادتهِ
وأنا مثلُهُ
كنتُ أحسَبُ أنَّ خُطانا كأخطائنا
والردى والرِّداءَ سواءٌ
وأنَّ القناديلَ تتقنُ ظلمتنا
والنهارات أمّ الليالي
إلهَ السماواتِ أينَ سماواتُنا؟
لا سماوات لكْ.
لقد كان للصمتِ عرشُ الكلامِ ولكنْ
تعجَّلتَ أكثر مما تظنُّ حبيبي
علامَ العجلْ؟
شقيقين كنَّا على أيِّ أمرٍ
وفي أيّ أمرٍ
وكان له من كروم المحبة أضعاف ما لي
كريمٌ ويرعى كروماً
لهُ ألفُ روحي التي آلفتْهُ
ويعرف كيف يغنِّي
وإن كنتُ علَّمتُه ما القرارُ
وكيف يردُّ عليه الجوابَ
فصار نديمي الأحبَّ
على خفقة الناي في صوتهِ
وارتجالات ما في السهولِ
وما في الجبلْ.