زياد طرقجي: هل تعلمنا الدرس؟

0

بعد أن شهد مخترع القنبلة النووية الأمريكي روبرت أوبنهايمر أول تجربة نووية في 16  يوليو  1945 قال مقولته الشهيرة ” لقد أصبحت “أمثل” الموت، أنا مدمر العوالم” (*)

بعدها بعشرين يوما تم إلقاء أول قنبلة نووية على مدينة هيروشيما اليابانية وبعدها بثلاثة أيام ضُربت ناغازاكي. 
أوبنهايمر لم يندم على استخدام اختراعه في إزهاق مئات الآلاف من الأروح، لكنه قال إنه كان يجب إعطاء اليابان إنذار واضح عما سيحل بشعبها.

قبل أيام حلت الذكرى الخامسة والسبعين على كارثة هيروشيما التي أنهت الحرب العالمية الثانية، والكل يدّعي أن تلك الذكرى هي درس للإنسانية لكيلا تسمح بتكرار تلك المأساة.  لكن – وهناك لكن دائما — الجنرالات الأمريكان الذين دفعوا الرئيس هاري ترومان لاستخدام القنبلة النووية ظلوا يدافعون عن رأيهم بأن اللجوء إلى الحسم النووي قد أنقذ فعليا مئات الآلاف من الأرواح ممن كانوا سيُقتلون لو استمرت الحرب العالمية الثانية بعد أن كان قد قتل فيها قرابة 75 مليون إنسان!
وبنفس المنطق، حاجج هتلر (في كتابه الأوحد “كفاحي”) أن السلاح الفتاك يصبح ” إنسانيا” بقدر ما يُسرّع في إنهاء الحروب!


وواقع الحال أن صناعة القتل والدمار هي الاكثر رواجا وربحا في كل بقاع العالم منذ هيروشيما إلى اليوم. دعك من مهرجانات ومعارض الفن والعمار والهندسة وما تفخر به الأمم من رقي “حضاري”، فهناك بالتوازي معارض للأسلحة بمختلف أنواعها من طائرات مقاتلة إلى دبابات ورشاشات وأنواع الذخائر الفتاكة.  حضرت إحدى تلك المعارض مرة وشعرت بمعضلة أخلاقية وأنا أستمع لمهندس حربي وهو يشرح كيف أن الدبابة التي تنتجها شركته كفيلة بتدمير أعتى المباني وان قذائفها تقتل حتى الجنود المختبئين في الخنادق… وآخر كان يشرح كيف أن تلك البندقية القناصة تستطيع أن تفجر دماغ شخص من بعد 700 متر!!… وبالطبع، هنا أيضا يقول هؤلاء أن تطوير تلك الأسلحة هو بقصد الدفاع عن الأوطان ومصالحها وأن الحروب حقيقة لا مفر منها.

وحين تكرر السجالات بين مؤيدي اقتناء الأسلحة الفردية ومعارضيها في المجتمع الأمريكي، يردد لوبي الأسلحة القوي مقولة إن الأسلحة لا تقتل، بل البشر هم الذين يفعلون!
وبعيدا عن أكذوبة درو س هيروشيما وحديث المشاعر الرقيقة، هناك الآن سباق محموم بين العديد من الدول الناشئة لامتلاك السلاح النووي وغيره من أسلحة الدمار الشامل. ويجد هؤلاء القدوة في كوريا الشمالية التي اندفعت في هذا المجال رغم فقرها المدقع، ما جعل جيرانها الأقوياء وأمريكا نفسها يحسبون لها ألف حساب!
فيا هيروشيما ويا نغازاكي ربما تفقدان قريبا هذا التميز المشؤوم وسيكون هناك ضحايا غيركما، فعالمنا مجنون، والشرخ آخذ في الاتساع بين البشرية والإنسانية.
   (*) مقولة أوبنهايمر مقتطفة من كتاب الهندوسية المقدس بغافاد غيتا.
*مادة خاصة بالموقع

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here