أوراق الملفّ: منفى المسرات والحسرات

0

مجلة أوراق- العدد9

اعتبرت حركة السوريين والسوريات لجوءا ونزوحا خلال السنوات الأخيرة أكبر انتقال بشري في التاريخ الحديث.

لم يكن عموم السوريين، خلال عقود سيطرة الدولة الأسدية، يعرفون السفر إلى الخارج، فهو كان ترفاً خاصاً بأفراد طبقات معينة “مصطفاة”.

كان السوري العادي مشغولا بلقمة عيشه وكان جواز السفر، والخروج من سوريا، جائزة.

وجد السوري نفسه فجأة مبعثرا ومشتتا يسافر حافيا أو سابحا أو طائراً أو غواصاً، وصارت للجوئه حكايات غريبة وإبداعات مبتكرة وتنكرات معبّرة: من الأزواج بملابس العرس إلى الهيبيين والمثليين ورجال دين من كل الملل، في أشكال تحاول تمثل أهواء المكان الجديد وانحيازاته. وصل بعضهم إلى سيبيريا والأسكيمو وجزر في أقصى المحيطات في سياحة إجبارية خسروا خلالها حياة أقرباء أحبة وبيوتا وأرزاقا، بعد أن خسروا، من زمن طويل، معنى الوطن والحياة الكريمة والكرامة.

صارت للسوري قصة مع كل مدينة يدخلها، واختلطت مشاهد الهروب من العنف بألوان الفتنة المشرعة، ونوستالجيا الألم الكالح بآفاق الغواية الملونة.

تطلق متزوجون وتزوج عشاق وتداخلت جينات الأمم اللاجئة بالملتجأ إليها. صار المنفى ذكرا أو أنثى. صار لغة وحضارة جديدتين. امتزج طعم الحرية بآفاق الحداثة وتعرف الناجون من الموت على جماليات الحداثة وحسن الإدارة، ولمع السوري (والسورية) في شأن غير الاستشهاد فرأيناه يخترع ويبتكر على ما به من قروح، ويتفوق في الدرس والبحث، ويطبخ، ويعيد الأمانة وهو فقير.

يحاول ملف “أوراق” هذا مقاربة امتحان السوري الجديد هذا المسمى “منفى” عبر قنوات متعددة يختارها الكاتب: بحوثاً ودراسات أو سرديات إبداعية أو أعمال تشكيلية وتصويرية تحاول التقاط عناصر هذه التجربة الخاصة.

هيئة التحرير

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here