واسيني الأعرج: مسلسل 2120/ النهاية، يسطو على 2084/ حكاية العربي الأخير

0

انتهى قبل يومين بثّ مسلسل 2120/ النهاية، ليوسف الشريف، على قناة «وان» المصرية، وهو الموعد الذي ضربته للقراء الذين وجدوا تشابهاً حد التطابق أحياناً، بين المسلسل وروايتي 2084/ العربي الأخير.
لن أعلق على قيمة المسلسل، إذ لا يمكن بناء مشروع كبير، موضوعه، الخيال العلمي، دون دراسات مستقبلية حقيقية في كل ما يحيط بالعالم الذي نعيشه المبني على ثلاثة مكونات حيوية يمكن أن تتولد عنها الحروب المدمرة: الطاقة (النفط، توليد الكهرباء، النووي)، والبيئة والزراعة (الأمن الزراعي، التلوث البيئي، السدود الكبرى، تحلية مياه البحر، مشكلة الأنهار الرافدة والعابرة للبلدان)، والعلم وامتلاك المعرفة (الامتلاك التكنولوجي بما في ذلك القوة العسكرية، والصحة، والاستقلال في إنتاج الأدوية)، وبقية العناصر تدخل في أحد المكونات الثلاثة.
مسلسل الخيال العملي الذي لا يتوغل في هذه المعارف، سيسقط حتماً في التسطيح والسهولة، والسذاجة أيضاً. لن أعالج هذه التفاصيل التي شكلت البنية المعرفية التحتية لروايتي «العربي الأخير».
يتعلق الأمر ههنا، بسرقة موصوفة كما نعتها الكثير من الذين تعاطوا مع الموضوع في مواقع التواصل الاجتماعي، الذين سبق أن قرأوا الرواية، وتابعوا المسلسل. وهم من نبهني إلى ذلك، وكان عليّ أن أتدارك الموضوع وأرى الحلقات العشر التي فاتتني رؤيتها. على الرغم مما لاحظته من تقاطعات وتشابهات، قلت لكل من طلب مني الكتابة والتدخل في موضوع يخص روايتي، إني لن أقول شيئاً حتى بث الحلقة الأخيرة من المسلسل، حتى لا أكون ظالماً.
لاحظ الكثير من القراء علامات التقاطع والتشابه والتطابق بين الرواية والمسلسل منذ 9 مايو تاريخ ظهور أول ردة فعل. وكل المقالات التي نشرت كانت تلح على فكرة السرقة الواضحة، بل تدعو إلى التضامن مع الكاتب لاسترداد حقوقه المنهوبة.
وتم الاتصال الأولي ببعض الهيئات الدولية لمعرفة الإجراءات التي يجب اتخاذها (حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في جنيف). وسيوضع ملف كامل على طاولتها، مع المتابعة القريبة من الوكيل الأدبي ودار النشر (دار الآداب، بيروت).
أعدت نشر بعض هذه المقالات التي تابعت موضوع السرقة عن قرب، على صفحتي في الفيسبوك، لتنوير الرأي العام. وصلت إلى ما وصل إليه الإعلامي الكبير أحمد حالي، الذي كتب مقالتين في الموضوع، تحت عنوان: فضيحة من العيار الثقيل، في لوسوار (المسائية) الناطقة بالفرنسية: «المفاجأة الحقيقية في المسلسل، في النهاية، ليست نهاية إسرائيل وتحرير القدس، ولكن السرقة المفضوحة لرواية واسيني الأعرج التي طبعت في 2016 (دار الآداب، بيروت). منذ اللقطات الأولى من مسلسل النهاية، بدا واضحاً أن السيناريو أخذ الكثير من وقائع رواية: 2084/ حكاية العربي الأخير. التي تفطن لها رواد المواقع الاجتماعية الذين قرأوا واسيني ووجدوا تشابهاً محيراً بين المسلسل المصري ورواية واسيني».
الكاتب الفلسطيني أحمد لطفي صبح كتب مقالة مطولة تحت عنوان: هل تم السطو على رواية العربي الأخير؟ «صدمت وأنا أتابع حلقات هذا المسلسل من الانتحال البارز لفكرة رواية العربي الأخير التي تتحدث عن عالم فيزياء آدم، الذي تم احتجازه في القلعة الصحراوية من أجل إنجاز مشروع القنبلة النووية الصغيرة، أو قنبلة الجيب».
في مسلسل «النهاية» نجد نفس المشروع السردي، ونفس البرنامج، إذ يتم احتجاز المهندس زين في الواحة من أجل إنجاز مشروع الدرع».
ويواصل أحمد لطفي صبح في كشف نقاط التشابه في مقالة مطولة مبيناً السرقة الواضحة، «لقد سحرنا الأعرج في رواية حكاية العربي الأخير من خلال ملحمة صراع بقاء في إطار الخيال العلمي، محذراً من نهاية مأساوية العرب.
ثم يأتي من يسرق أفكار الرواية دون أن يحصل على إذن من الأستاذ واسيني. على المسؤولين عن هذه المهزلة أن يراجعوا أنفسهم وأن لا يتخذوا من سرقة الإبداع وانتحال الآراء مذهباً». ويرجع المسرحي والسيناريست صلاح الدين ميلات سبب هذه السرقة. يعود في رأيه إلى أزمة السيناريو في الجزائر، «يأتي الجواب من مصر. لديكم كبار كتاب يمكن أن تستثمروا رواياتهم وتحويلها إلى سيناريو. أكبر وأول عمل درامي في تاريخ العرب (خيال علمي) تسرق فكرته من رواية الكاتب الجزائري الكبير واسيني الأعرج. وتقول الكاتبة فاطمة بن جبار: «لدى رؤيتي لبرومو المسلسل تذكرت رواية واسيني الأعرج؟ لأني قرأتها وقت صدورها. ولهذا، كتبت على إحدى الصفحات التي كانت تقوم بالدعاية للمسلسل، أنه مأخوذ من رواية الكاتب واسيني الأعرج. فالقارئ للرواية بمجرد رؤية لقطات المسلسل سيتذكر أحداث الرواية». وتقول الباحثة آمال جلينار: «فكرة المسلسل مأخوذة، عفواً.. مسروقة من رواية العربي الأخير. نقطة انتهى. أنا تابعت المسلسل وقرأت رواية العربي الأخير…». من خلال هذه النماذج القليلة وغيرها، تتضح أوجه التشابه وتكاد تكون مفضوحة، مع تحويرات تؤكد السرقة ولا تخفيها. قد أراده أصحابه مسلسلاً مستقبلياً يرى العالم بعين أخرى غير تلك العين المستهلكة. للأسف، المناخ الحربي العام الذي تدور فيه أحداث الرواية هو نفسه حرفياً مناخ رواية العربي الأخير. تنفتح الرواية على نهاية المشروع العربي وبداية التفكك والاضمحلال، بينما يقلب المسلسل العملية بتوحد العرب (؟) ونهاية إسرائيل (لا تستند إلى أي معطى تاريخي موضوعي سوى دغدغة العواطف العربية المهزومة). نفس الشخصية ونفس الوظيفة. في الرواية نرى شخصية آدم، العالم الفيزيائي العربي الأصل الذي تم اختطافه واحتجازه في القلعة الصحراوية، يجبر على إنجاز مشروع قنبلة الجيب. نفس الحالة في مسلسل النهاية، حيث يتم احتجاز المهندس زين في الواحة من أجل إنجاز مشروع الدرع. بنية الشخصيات الأمنية والفكرية وممارساتها في المسلسل ملتصقة بالرواية بشكل مفضوح، حتى المخطوطة تقابلها وثيقة أزاريا (إسرائيل) التي توجد بها أسماء العلماء الذين تجب تصفيتكم. الفضاء المكاني والزماني نفسه. فكرة التنظيم الغامض في الصحراء في العربي الأخير يقابله التكتل في الواحة، مواجهة الناس البسطاء للقدر المحتوم الذي صنعه بشر لا إحساس لهم يقود إلى نهاية الرواية نفسها حيث يتضح كل شيء، بما في ذلك تهريب الأعضاء والأطراف في الرواية والمسلسل. فلا قيمة لما يبشرون به من مستقبل زاهر للإنسانية بنيته الكلية منقولة من الرواية. حتى في بعض التفاصيل التي يصعب عرضها كلها، نذكر منها فكرة استعمال الهولوغرام، حيث يرى آدم زوجته اليابانية الحامل بابنته، وكأنها تحكي معه وتنصحه بضرورة الانتهاء من القنبلة وشرب الأقراص البرتقالية التي تدمر الذاكرة بالتدريج والعودة، وهي كلها صورة اختلقها الكمبيوتر، الشيء نفسه نراه بطريقة الهولوغرام في المسلسل مع زين وزوجته الحامل بابنه. حتى نهاية الرواية لم تسلم من السرقة: وزوجته الحامل التي تنصحه بشرب العصير الأزرق الذي يخرب الذاكرة بالتدريج. المثير للانتباه لون المادة المدمرة للذاكرة، ودور الزوجة الافتراضية. المضحك هو نهاية المسلسل حينما يترك إياد نصار الواحة ويصعد عبر مركبة فضائية مع السيد مؤنس ويطلق من خلالها صاروخاً (نووياً) يدمر الأرض ويحولها إلى صحراء نفس آخر مشهد في الرواية، حينما تقوم طائرات القلعة برمي القنبلتين النوويتين على السد والبشر لتحيل كل شيء إلى خراب. في الرواية ابنة آدم يونا، هي التي وجدت والدها بعد الانهيار والتفجير النووي وتحطيم السد، وفي المسلسل بعد تدمير العالم، ابنة الملجأ التي هي بمثابة ابنة زين بالتبني، هي التي عثرت عليه بعد انهيار الواحة والعالم. نحن داخل حالة يتماهي فيها المسلسل في الرواية.

*المصدر: القدس العربي

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here