انكسار

0

ابتسام شاكوش، كاتبة وروائية سورية

مجلة أوراق – العدد 14

القصص

مسح الطين عن أصابعه بمنشفة قديمة، وتوقف يتأمل ما صنع، الكتفان مستقيمان تماماً، الذراعان صلبتان، لا، لم تكن نهلة هكذا، أغمض عينيه واستدعاها من ذاكرته، جاءته ترقص رقصتها المتمردة، استوقفها راحت تضحك معابثة وخيالها يبتعد رويداً رويداً حتى غاص في الظلام.

ضاق صدره، غمره شعور بالتفاهة، تراءى له كتفان مستقيمان فوق صدر صلب، رفع نظره ببطء ليدرس بقية التفاصيل، ظهرت رقبة غليظة قصيرة، تتوسطها حنجرة ناتئة، تنبت فيها شعيرات قاسية كالإبر، تعلو وتهبط مع أسئلة قصيرة مركزة، تخرج كالعيارات النارية من بين شفتين رقيقتين، يعلوهما شارب محلوق أخضر، لم ير غسان ما فوقها، بل لم يجرؤ على النظر إلى ما فوقها، إلى العينين المختفيتين خلف زجاج نظارة سوداء، في تلك الغرفة شبه المظلمة, كل شيء حدث بسرعة كأنه كابوس.

ـ من أين تأتي ببضاعتك؟.

ـ البضاعة لا تخصني.

ـ خذوه.

وتنهال صفعة قوية على وجهه، يخال شرر النار يقدح من عينيه ينتفض فيجد نفسه أمام التمثال، التمثال يفرد ذراعيه على جانبيه في رقصة حالمة هكذا أراد له، لكنه يبدو الآن كأنه مربوط على الصليب.

ترك الذراعين وعاد إلى قاعدة التمثال، قبل أسابيع من الآن، صاغ القدم الصغيرة الرشيقة واعتنى بالأصابع، طوى العجينة الرخوة من الأمام رفعها من الخلف ليجعل تمثال نهلة مثل نهلة، يشب على قدميه رافعاً يديه للإمساك بأهداب الحلم، اعتنى أكثر بطيات الإهاب الناعم فوق الكعبين.

توقفت أصابعه عن العمل واشتغلت ذاكرته بنشاط استحضر صورة دقيقة التفاصيل لعضلات الساقين وهي تنقبض وتنبسط أثناء حركتها، لتواكب معزوفة صاخبة في خلاياها، تبعثر ألحانها الرعناء في أعصابها، فتهز أعطافها بحركة تتسارع حتى يعجز غسان عن متابعتها بنظره ثم يتباطأ اللحن حتى تتحول حركتها إلى ما يشبه الطيران، إلى تحليق هادئ رصين, وتتحول أعضاؤها المتناسقة إلى سرب من الطيور المهاجرة، يمور في فضاء دافئ، يتجمع ويتبعثر ناثراً رغباته، مستمتعاً بحرارة الشمس.

التقاها, التقى نهلة في ظرف استثنائي نادر، كانت نهلة ممثلة قوية بارعة وكان غسان معجباً بها يتعقب أفلامها في كل دور السينما، يبحث عنها دائماً في المجلات وعلى قنوات التلفزيون، يتفرج على أدوارها مأخوذاً مسلوباً ورآها مصادفة تقف أمامه، بحرارة كلماتها وخفة حركاتها تحت الأضواء يحيط بها فريق من المصورين والفنيين، تؤدي دوراً في فيلم لا يختلف كثيراً عما شاهده من قبل، سمعها غسان تقول للممثل الواقف أمامها أنها تبحث عن رجل، لا يهمها طوله ولا شكله ولن تسأل عن لونه أو مهنته المهم أن يحمل عقلاً متفتحاً في رأس شامخ، قالت يوم ذاك الكثير, كانت توزع كلماتها كما هو مرسوم لها، وغسان يتابعها بصمت في تنقلاتها بين المظلات المنثورة كالأزهار على شاطئ البحر، يلاحقها سرب من الآذان والعيون، في خطوها وهمسها وضحكها, تتطاير حولها الأحلام والأماني, كلامها عذب وصمتها دفء وحب، نظرتها الجريئة تقتحم القلوب، وتشعل النيران في النفوس الموات.

قرر غسان منذ ذلك اليوم، أن يكون الرجل الذي تبحث عنه نهلة سيتحرر من صمته وضعفه، ويكسر القوقعة الكلسية التي ترسبت على وعيه مذ عرف الوعي تحجب عن عينيه عالماً يجيش بالحركة والحياة والمشاعر يحتوي أنواعاً من الجمال لا تحصى، وتخفى فضاءً واسعاً هو البحر وامرأة رائعة اسمها نهلة.

ما الذي جاء به إلى البحر في ذلك اليوم؟ هل جاء ملبياً لنداء خفي أطلقه القدر ليجمعه بنهلة؟ أم أنه ترك قريته تنام ببلاهة بين أشجار الزيتون وجاء ليكتشف ما لا يعرفه من خفايا الوجود؟ أم أن حظه السيء ـ ربما الحسن ـ قد ساقه للقعود على الرمل وتوجيه نظره إلى نهلة باتجاه الأعلى؟ كل ذلك ما كان يعنيه، لأنه غادر الشاطئ ممتلئاً بها، مسكوناً بطيفها، يحسب أن رقصها وكلامها ووهج عينيها ملك له وحده، وأنه هو لا سواه المقصود بعباراتها المبطنة والصريحة، وغمزاتها وإشاراتها حتى صارت نهلة مرسومة على أنفاسه وحركاته وسكناته.

عاد إلى تمثاله، بلل الطين بماء كثير حتى ارتخت العجينة وأصبحت قابلة للتشكيل من جديد، ضم الذراعين فوق الصدر كما تحتضن نهلة جسدها الحالم, مسد العنق، ورفع الرأس إلى أعلى ليجعلها تنظر إلى الأفق البعيد, محاولاً أن يبعث في الطين حرارة اللحظة ذاتها، تراجع، تأمل, وجد ما صنعه لا يتعدى إنساناً مكبلاً بالأغلال وصرخة استرحام.

قبل أن ينتهي فريق العمل من تصوير الفيلم كان غسان قد اتخذ قراراً جريئاً، لحق بنهلة حين رآها تبتعد وتجلس وحيدة على إحدى الصخور تدلي ساقيها إلى الماء، فتأتي الأمواج، موجة إثر موجة، تسجد عند قدميها كعبيد يؤدون طقوس الصلاة للفرعون الإله، لم يقطع عليها تأملها بل جلس بجوارها صامتاً، أحست به فما التفتت، بل انحنت إلى الأمام تناولت قبضة من الأصداف والحصى الملونة وراحت تقذف بها إلى الماء واحدة واحدة، سألته ما رأيك بالبحر؟ تنفس غسان الصعداء، زفر براحة كل ما كان يغص به حلقة من ضيق وحيرة، هدأت نفسه الثائرة، انتشلته نهله من لجة لا تقل في عمقها وغليانها عن لجة البحر, كان يبحث في طيات شجاعته عما يبدأ به الحديث معها، ها هي تبدأ وتعفيه من حرج الموقف.

البحر… البحر هو المجهول، هو المغامرة، هو أكثر أسرار الأرض غموضاً، وأكثرها بساطة, البحر هو الموت لمن يظنه موتاً، بمداه الأزرق اللا متناهي وسطحه الراكد الساكن، وهو الحياة لمن يبحث عن الحياة, بتنوع موجوداته وبفوضاها وقوانينها, البحر هو الجمال.

ـ هنيئاً للبحر بحبك هذا.

ـ ما كنت أعتقد أني سأجد في البحر ما وجدت.

ـ وماذا وجدت؟

ـ وجدت ما أمضيت العمر في البحث عنه حتى أدركني اليأس.

ـ الماء والصخر والرمل والأصداف كلها ثوابت منذ آلاف السنين, الإنسان هو المتغير هنا، تأتي أفواج من البشر وتمضي، الكل يتمتع أو يصطاد أو يركب الموج ثم يفنى، ويبقى الماء المالح والصخر.

ـ لا أقصد الماء المالح والصخر لقد وجدتك أنت وهذا يكفي.

استندت نهلة بمرفقيها على ركبتيها, احتضنت وجهها براحتيها, والتفتت إليه تأملته باهتمام:

ـ ماذا وجدت؟

ـ وجدت امرأة تفكر بعقلها تبحث عن جوهر الإنسان، كنت أتابع حركاتك وكلماتك منذ وصولي.

مرت لحظات في صمت، نهضت بعدها نهلة فنهض، سارا معاً حتى بوابة الفندق، توقفت فتوقف، أصبح أمامها وجهاً لوجه، تأملته بنظرة متفرسة طافت بها على وجهه وعينيه توقفت عند الكتفين ثم هبطت ببطء إلى خصره النحيل وساقيه الدقيقتين ثم عادت إلى وجهه ها هو رجل ينبت من قاع المجهول، يأتيها من حيث لا تدري، يبثها كلمات تهز وجدانها بعنف يخاطبها بلا مجاملة ولا تملق، لا يمتدح جمالها, ولا يعترف بأنه صريع نظراتها وإغرائها, بل يطرح ببساطة ما كانت تفتقده ولا تجده، حتى كادت تعتقد أنها مجرد دمية للعرض والإغراء، بحثت بسرعة في جراب أفكارها عن طريقة تساعدها على التمسك به، وإخفاء فرحتها بلقائه قدحت زند عقلها فجاد عليها سألته:

ـ أتراني سأجد فيك مثلما وجدت فيّ؟.

ـ أجل، وحين تجدين ما تريدين هل تتخلين عني؟ وفي أية حال؟

في تلك اللحظة توقفت سيارة صغيرة، نزل منها بعض الركاب ثم ركبها آخرون تأملتها نهلة حتى أقلعت، خيل لغسان أنها نسيته، لكنها التفتت إليه بحركة سريعة:

ـ هل شربت الكولا يوماً ما في دكان على الطريق وتركت الزجاجة الفارغة في مكانها؟.

فتح عينيه محملقاً مستغرباً ما تقول لم تتركه لحيرته بل تابعت:

ـ حين أكتشف أنك خلاف ما تقول سأتركك ولا ألتفت، تماماً مثلما تترك زجاجة الكولا الفارغة، ابتلع ريقه بصعوبة ودخل الفندق لم ينزل إلى البهو في تلك الليلة بل لجأ إلى سريره، تمدد فوقه وبقيت عيناه مفتوحتين، ما تمكنت النسمات الرطبة من تخفيف حرارة النيران المشتعلة في أوصاله، وما فتئت ترسل لهيبها أمواجاً إلى وجهه وعينيه أهذه هي المرأة التي يحلم بها؟ أجل إنها تشبهها كثيراً, لكنه ما تخيل أبداً أن تكون في مثل هذه القوة والصراحة، إنها أكبر بكثير من طموحه وأحلامه، ما أثارتها ولا أضعفتها كلمات الإطراء التي قالها، تلقتها بسلبية وبرود, يبدو أنها معتادة على سماع الإطراء, هذا حسن, إن توقفت عند غسان فستمنحه شعوراً بالقوة والنصر, سيعتبر نفسه أفضل من التقت به نهلة في حياتها الذاخرة وإلا… وإلا ماذا؟

يجب أن يصوغ نفسه من جديد ويبذل الكثير من الجهود ليكبر ويصبح مطابقاً للمقاس الذي رسمته له سأل نفسه بكثير من الشك:

أتراه يستطيع؟ أم أن غضاريفه قد تصلبت وتجاوز مرحلة النمو منذ زمن بعيد.

في الحقيقة كان غسان قد تجاوز مرحلة النمو، وأخذت نفسه شكلها النهائي، منحنية أمام أشياء كثيرة، أولها رؤية شعلان وهو يخبئ ممنوعاته في كل بيوت القرية وزرائبها وجحورها، ليزرع الخوف والشك بطرق شيطانية في كل الرؤوس والصدور، ثم يقبض الثمن ولاءً مطلقاً له ولتجارة الموت التي يمتهنها، ما ترك منزلاً إلا استخدمه في غفلة من سكانه مستودعاً لسمومه، ما ترك أسرة إلا جند بعض أفرادها لخدمته، أو استهلاك وترويج بضاعته ليضمن بذلك سكوت الباقين.

كان غسان يتخذ لنفسه غرفة مستقلة من دار أهله ما كان عبداً من عبيد شعلان، ولا مستهلكاً لسمومه، لكن ذلك ما استطاع حمايته من رؤية شعلان مقتحماً عليه عزلته، متمدداً في فراشه، ناثراً بضاعته في كل ركن وزاوية أثناء غياب غسان في سهرة أو نزهة، يعود فتلبسه المفاجأة، يتجمد عقله ويقفز قلبه إلى حنجرته خوفاً ورعباً، الموت له إن اعترض، والذل لو سكت، السجن إن وشى، والفضيحة لو أتى بحركة تثير الريبة، لا يجد بداً من الانحناء، لذا يترك الغرفة ويسهر حارساً لشعلان، ولتجارة الموت التي يحملها حتى الصباح.

ما تزال نهلة مهرة جموح، تركض في فلوات صمته تصهل عالياً فتثير كوامن طاقاته، يهتف سآتيك يا نهلة قريباً سآتيك، عزيزاً منيعاً شامخاً مثلما تحبين، متزوداً بعقلي الذي فتحت بيديك أبوابه ونوافذه، حطمت مفاصلة الصدئة، أقحمت نور الشمس بل نورك إلى ما تعفن فيه من الأفكار.

تركت نهلة الشاطئ في ذلك اليوم بشعور يختلف عما قبله، نأت عن البهو معتذرة عن كل الدعوات، أثارها غسان بإعجابه المنزه عن الابتذال, أيقظ ما كان غافياً من ملكاتها، لامس نقطاً من وجدانها لم تلمس بعد, كان صدى كلماته يترجع في ذاكرتها, فيتغلب على ضجة الموسيقى، وأحاديث من يحيطون بها, أي نوع من الرجال غسان؟ إنه جوهرة ثمينة, من الغباء التفريط بها, وما لبثت في الغد إن سافرت، واعدة بالعودة في فرصة قادمة لم يودعها غسان، خشي أن ينحني أمامها من ألم الفراق، وهي تؤكد أنها تريد رأساً لا ينحني وما مرت سوى أيام حتى وجد نفسه يقتعد الأرض ذليلاً، يرسف بأغلاله يقدم استرحاماً، تلو استرحام يطلب الإنصاف ممن لا يملكونه ويسكب آلامه على أقدام من لا يبالون به.

بعد أول محاولة ـ لا لم تكن محاولة ـ مجرد نظرة شزراء رمى بها شعلان, يبدو أن شعلان قد حللها بمنطق خبثه، وفهم أنها شرارة الثورة دخل غسان غرفته أغلق بابه، ثم لم يفتحه، بل فتحته ضربات حذاء عسكري, لتدخل دورية من رجال الأمن، تقتحم عليه أحلامه وتغتصب طيف نهلة, وتثير الفوضى في كل ركن من أركان الغرفة، أخذ غسان مكبلاً بالحديد مرفقاً بكميات من بضاعة شعلان، تركها له دليل إدانة وخرج، يحيط به من وراء طوق رجال الشرطة عيون يستوطنها رعب قديم، ووجوه صممت ملامحها لتجسد الهلع، تغمره بنظرات تسترحم، ونظرات تستحلفه بلغة الصمت أن يحفظ السر ليبقي لها من يأتيها بالرغيف، ومن خلفها عيون يلمع فيها الحقد والغدر والشماتة، وأوقف في نهاية المطاف أمام المحقق, ذليلاً كسيراً بعد جولات من الاستجواب، في الأقبية المظلمة الرطبة.

من بين خامات الأرض اختار غسان الرخام ليعمل منه تمثال نهلة, يحاكي بملاسته نعومة بشرتها, وبتلك العروق المنتشرة فيه ارتسامات الشرايين الدقيقة تحت إهابها الشفاف, عمل قاعدة مستديرة من الصلصال, لونها بلون الرمل الذهبي, حفر فيها ما يشبه أثر قدميها الحافيتين حين كانت تؤدي رقصتها التي لم تكتمل, وكانت عيناها شبه مغمضتين, شعرها لا يستقر على كتفيها ولا يشاركها الرقص, بل يتعلق بحبال الريح في محاولة للانفلات من أسر الجسد, والتحليق بعيداً خلف مسارب الحلم.

قبل أن يضرب إزميله في الرخام توقف غسان, ليفكر كيف سيجسدها؟ تخيلها جالسة على الأرض، مائلة بجذعها للخلف، غارسة كفيها بالرمل, حتى كأنها مرساة لسفينة نفسه التائهة، ألقى بها القدر على هذا الشاطئ الوديع, ثم ما لبث أن عاف الرخام البارد وتأمل ما لديه من الخامات، اختار الصلصال وابتدأ العمل بنشاط وحب، خيل إليه أنه يحس حرارتها في الطين اللزج، ويخاطب روحها النقية في الهيكل الذي لم تتضح معالمه بعد.

لكنه ما عاد يرى بعد رحلته إلى السجن في تمثاله ما كان يراه من قبل هرب طيف نهلة واحتل محل قدميها الصغيرتين الحالمتين، حذاء عسكري مخيف ومحل جبينها المتألق، مساحة ضيقة تحاكي نذالة شعلان، هجم على التمثال يبغي تحطيم العنق والكتفين والذراعين، اكتشف أن الطين قد تصلب فتركه وخرج مغاضباً.

راحت نهلة تتباعد عن مخيلته بعد ذلك، حتى أصبحت ذكراها سبّة في ضميره، تريده شامخاً في زمان عزّ فيه الشموخ، ما عادت المنبهات تستطيع تنبيه عقله الذي جمدته الحادثة، ولا عادت الحبوب المنومة قادرة على منحه لحظات من النوم، ويعود صوت نهلة يدوي في وديانه أريدك رافع الرأس.

قبل أن يعترف لنفسه بالاستسلام، وفي إحدى جولات التسكع التي أصبحت منهجاً من مناهج حياته اليائسة، توقف أمام مجموعة من العمال يتصبب العرق غزيراً من وجوههم وسواعدهم، ينقلون زجاجات الكولا الفارغة من أحد المقاهي إلى سيارة شحن، لتؤخذ إلى المعمل تمهيداً لإعادة تأهيلها من جديد.

عاد راكضاً ليكمل تمثاله، ليوقد في نفسه شعلة الأمل, لكنه غيّر الموضوع, قرر أن يجعل منه نصباً لشعلان، ليستمد منه القدرة على الغضب والتحدي, ويكون رمزاً للخيانة يدفع به دائماً للشموخ، ويكون محرضاً له للبحث عن كرامته المسفوحة، وعن نفسه التائهة ليصبح بعد ذلك جديراً بحب نهلة.