“يوم الحساب”.. رواية جديدة لـ فواز حداد

0

“يوم الحساب” رواية جديدة للأديب والروائي السوري فواز حداد، صدرت أخيراً عن دار “رياض الريس للكتب والنشر”.

وعن مضمون روايته، كتب حداد: لن تذهب الرواية إلى النهايات، إنها عالقة في زمن صعب. ولن نتنبأ في عالم تغيب عنه العدالة، وبلد هو ساحة قتل وقتال، ونظام موبوء بالفساد حتى العظم، يسري النهب في دمه. رواية عن توثيق الألم، تغوص في مجاهل النظام الشمولي وتخترق خطوطه الخلفية.

رواية عن هذا الزمان، لا تنزاح عنه، وجها لوجه، لا يغيب الله عن السماء المدلهمة، ولا عن الأرض الدامية، حيث تتساوى المقابر، مثلما تتساوى الضحايا.

رواية لا تنتظر التاريخ والمؤرخين، مضادة لسردية النظام، تكتب نفسها بنفسها، تنقب في حقائق مضيعة، وأنصاف الحقائق، وما نالها من تشويه وشبهات، في أوساط تعمل على تصنيع بدائل عنها.

ترى ما تكون الحقيقة؟ إنها في البحث عنها.

من الرواية

.. “ماذا عن العدالة؟ ألا يصح أن تكون على الأرض؟”.

تمنى ألا يدعه الله وحيدًا أمام هذه المرأة المكلومة، ولا يتخلى عنه في هذا الامتحان. كاد أن يقول لها، لو كانت عدالة الأرض، مثل عدالة السماء، لأصبح العالم أفضل، لكن البشر لا يسعون إليها بقدر ما يخذلونها.

“هذه مشيئة الرب”.

“أليس للبشر مشيئة؟”.

“يا ابنتي، لم تكن مشيئته وحدها إلا من تقصير البشر، كان بوسعهم ألا يكون بعضهم أعداء بعض…”.

لم يكمل، قلبه يتفتت حزنًا من أجلها. ما الذي يقوله لها؟ هذا الكلام أشبه بالعظة، لا يقال لأم، ولو تذرع بالرب.

صمَتَ، لا بد أن السؤال وصل إلى مسامع الله، ولم يعد مسؤوليته، فلم يتفوه بكلمة. باتت مسؤولية القدير، لم يبحث عن جواب، الجواب لديه، ليس إلا وكيله.

أحسّ بأنه يريد أن يقول شيئًا، رغماً عنه، ليس مخيرًا فيه، ولن يتلعثم، يدرك مهما كان ما سيقوله، فقد كان صوت الله:

“لا تظني أن يوم الحساب في السماء فقط”.

لم يكن يتكلم عبثًا، ولم تكن تسمع عبثًا، سمعها تتنهد بارتياح، بينما عيناها معلقتان على وجهه، فلم يتأخر عن إبلاغها ما أصبح مكلفاً به:

“هناك يوم حساب على الأرض، ثقي يا أم جورج، فوق هذه الأرض”.