ولد يوشيرو فرانسيس فوكوياما في حي هايد بارك بمدينة شيكاغو في 27 أكتوبر 1952 لكل من يوشيو فوكوياما وتوشيكو كواتا. هرب جد فوكوياما من الحرب الروسية اليابانية عام 1905 وافتتح متجراً في لوس أنجلوس كاليفورنيا قبل الاعتقال الادراي للأميركيين اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية. والده كان أوفر حظاً من جده وتفادى الاعتقال لأنه حصل على بعثة دراسية في جامعة نبراسكا. هذه التجربة التي مرت بها عائلة فوكوياما جعلته ناقداً لما يسمى بالإسلاموفوبيا.
والده يوشيو فوكوياما كان أميركيا يابانيا من الجيل الثاني، حصل على الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة شيكاغو حيث قام بتدريس الدراسات الدينية. والدته توشيكو كواتا ولدت في كيوتو باليابان وهي إبنه شيرو كواتا، مؤسس قسم الاقتصاد بجامعة كيوتو وأول رئيس لجامعة مدينة أوساكا. قدمت إلى الولايات المتحدة حيث التقت زوجها للدراسة الجامعية. انتقلت عائلة فرانسيس إلى مانهاتن بمدينة نيويورك حيث عاش سنينه الأولى قبل الانتقال إلى بنسلفانيا عام . 1967
نورّث أبناءنا المال وطريقة التّفكير أيضاً
الابناء هم استمرار لجيل الآباء، الجيل السّابق ، وكما يورّث الآباء الثروة التي تنتقل بدورها من جيل إلى جيل كذلك يورثونهم طريقة التفكير، مع بقاء شخصيتهم المستقلة .الموضوع حول فوكوياما ، لكن كونه أمريكي من أصول مهاجرة” اليابان” فمن حقنا أن نسأل هل يمكن لأمريكي من أصول مهاجرة من سورية أن يصل لنفس الشّهرة، ونفس المناصب؟ الجواب: نعم ، وحسب موروث ذلك الشّخص من العلم و الثروة، فباب الشّهرة ليس مصادفة حظ سعيد، بل هي عمل ، وتسويق، وحاضنة اجتماعية، فربما تكون صدفة لو نجح أبناء المهمشين في الوصول إلى مكانة اجتماعية ، وهنا أعني بالمهمشين في الغرب من يعيشون على المساعدة الاجتماعية عاطلين عن العمل. على الإنسان أن يكون مستقلاً ، ويعمل ضمن مجموعة أيضاً، عندما يعمل على ذاته فإنه يخدم المجتمع، ولا بد لي هنا من التّذكير بأنّ من كان مع النّظام السوري من أساتذة الجامعات على سبيل المثال ، ورحل إلى الغرب حصل على منصب مشابه في الغرب، أما من كان مهمشاً في سورية، أو سجيناً فقد بقي مهمّشاً في الغرب . علينا -نحن السوريين- أن نكفّ عن تمجيد الفقر، ونسعى من أجل العلم، و المعرفة ، و الثروة أيضاً ، فيوكوهاما كان مهاجراً ينتمي لأم و أب ينتميان بدورهما لأم و أب ذوي منصب ومال.
نقدّم -نحن السوريين أنفسنا في الغرب إلى أبناء جلدتنا بأننا عظماء، وحصلنا مالم يحصلوا عليها، فهذا بطل في حقوق اإنسان يقضي يومه على الفيس بوك، وذاك ثوري مسلم يلوّح لنا بعدم مخالفة الشّرع، و الآخر ملآ الدنيا وشغل النّاس ، أغلبنا يضخم نفسه.
أجزاء من مقالات فوكوياما
في مقال لفرانسيس فوكوياما يقول: “من بين التحولات العديدة التي تحدث في الاقتصاد الأمريكي ، لا يوجد شيء أكثر بروزًا من نمو منصات الإنترنت العملاقة.
التي كانت قوية حتى قبل كوفيد -19 أمازون وأبل وفيسبوك وجوجل وتويتر ،
، أصبحت أكثر خطورة أثناء الجائحة ، حيث أن الكثير من الحياة اليومية تنتقل عبر الإنترنت. على الرغم من ملاءمة تقنيتهم ، فإن ظهور مثل هذه الشركات المهيمنة يجب أن يدق أجراس الإنذار – ليس فقط لأنها تمتلك قدراً كبيراً من القوة الاقتصادية ولكن أيضًا لأنها تمارس سيطرة كبيرة على الاتصالات السياسية. تهيمن هذه الشركات العملاقة الآن على نشر المعلومات وتنسيق التعبئة السياسية. وهذا يشكل تهديدات فريدة لديمقراطية تعمل بشكل جيد.
بينما سعى الاتحاد الأوروبي إلى إنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار ضد هذه المنصات ، كانت الولايات المتحدة فاترة أكثر في استجابتها. لكن هذا بدأ يتغير”
في كتاب “مستقبلنا ما بعد الإنسان” ، يعرب فوكوياما عن قلقه العميق من أن البشر بمساعدة التكنولوجيا الحيوية سيستمرون في التطور من خلال تطور متحكم فيه بدلاً من الصراع بين الأنظمة الاجتماعية المختلفة. يقول فوكوياما: “قد لا نرى تطبيقات مثل الاستنساخ البشري والهندسة الوراثية اليوم ، لكن هذه التقنيات الموجودة بالفعل تحثنا على التفكير في المكان الذي نريد أن يذهب إليه العلم في أسرع وقت ممكن”.
من خلال أعماله المبكرة ، ألهم فرانسيس فوكوياما سلسلة طويلة من مفكري المحافظين الجدد في أمريكا ، وساعد في صياغة عقيدة ريغان التي تحفز السياسة الخارجية التدخلية. كان فوكوياما أحد المتعاونين في مؤسسة الفكر مشروع القرن الأمريكي الجديد ، حيث دافع عن الإطاحة بصدام حسين والقبض على أسامة بن لادن أو إعدامه، لكنه تدريجياً ، اتخذ فيما بعد موقفاً نقدياً شديداً تجاه المحافظين الجدد وأعلن أن لحظتهم قد ولت. وهو اليوم يدافع عن سياسة تدافع عن حقوق الإنسان العالمية ، ولكن ليس بالضرورة من خلال الأسلحة الأمريكية. لقد انتقد بشدة سياسات جورج دبليو بوش الخارجية والاقتصادية ودعم باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية لعام .2008
“نهاية التّاريخ و الرّجل الأخير “
حاز أول عمل رئيسي لفوكوياما ، “نهاية التاريخ والرجل الأخير” (1992) ، على إشادة دولية وقرأه على نطاق واسع الجمهور والأكاديميون. افترضت أطروحته – التي تم تقديمها كمقال في مجلة في عام 1989 ، عندما كانت الشيوعية في أوروبا الشرقية تنهار – أن الديمقراطية الليبرالية على النمط الغربي لم تكن فقط هي المنتصر في الحرب الباردة ولكنها كانت تمثل المرحلة الأيديولوجية الأخيرة في مسيرة التاريخ الطويلة.
في عام 2001 ، أصبح فوكوياما أستاذًا في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز بواشنطن. بعد ذلك بوقت قصير ، نشر كتاب مستقبل ما بعد الإنسان: عواقب ثورة التكنولوجيا الحيوية (2002) ، والذي يبحث في الدور المحتمل الذي يمكن أن تلعبه التكنولوجيا الحيوية في مسار التنمية البشرية. يكشف العمل عن مخاطر الاختيار المسبق للسمات البشرية ، وإطالة متوسط العمر ، والاعتماد المفرط على الأدوية التي تغير الحالة المزاجية. بصفته عضواً في مجلس الرئيس لأخلاقيات علم الأحياء (2001-2005) ، دافع فوكوياما عن التنظيم الفيدرالي الصارم للهندسة الوراثية. كتب لاحقاً : الحوكمة والنظام العالمي في القرن الحادي والعشرين (2004) ، حيث ناقش كيف يمكن جعل الدول الديمقراطية الوليدة تنجح.
على الرغم من اعتباره لفترة طويلة شخصية رئيسية في المحافظين الجدد ، إلا أن فوكوياما نأى بنفسه لاحقاً عن تلك الحركة السياسية. أصبح أيضاً معارضاً للغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق ، انتقد المحافظين الجدد والرئيس الجمهوري. جورج دبليو بوش وسياسات إدارته بعد هجمات 11 سبتمبر. في الانتخابات الرئاسية لعام 2008 ، أيد المرشح الديمقراطي – والفائز النهائي – باراك أوباما. ادعى فوكوياما أن العالم كان يشهد “ركودًا ديمقراطيًا” ، خاصة بعد انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة وقرار المملكة المتحدة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي (“بريكست”).
أشار في مقالته لعام 2016:” أن الخلل الأساسي في السياسة الأميركية هو الطريقة التي تفاعلت بها مؤسسات الضوابط والتوازنات في البلاد مع الاستقطاب السياسي لإنتاج حالة من الجمود والاقتتال الحزبي الدائم. منذ ذلك الحين ازداد عُمق هذا الاستقطاب وازدادت خطورته، وكان أحد العوامل المُحرِّكة هو التكنولوجيا التي قوّضت قدرة المؤسسات القائمة مثل وسائل الإعلام الرئيسية أو الحكومة نفسها على تشكيل ما يعتقده الجمهور. اليوم، يعتقد 77% من الجمهوريين أن هناك تزويرا كبيرا في انتخابات 2020 وفقا لاستطلاع أجرته كوينيبياك مؤخرا. كان هناك حديث عن نزعات استبدادية متزايدة على اليمين، وهو ما ينطبق بالتأكيد على ترامب والعديد من داعميه. لكن هناك عشرات الملايين من الأشخاص الذين صوّتوا له ويواصلون دعمه ليس لأنهم لا يحبون فكرة الديمقراطية، ولكن لأنهم في أذهانهم يدافعون عن الديمقراطية ضد حزب ديمقراطي سرق انتخابات رئاسية”.
“القبلية موجودة أيضا على اليسار، ولكن بشكل أقل وضوحا إلى حدٍّ ما. وُلِدت سياسة الهوية على اليسار في أعقاب الحركات الاجتماعية في الستينيات والسبعينيات. لقد تطورت عمليات التعبئة القائمة على الهوية ضد التمييز على أساس العِرق أو الإثنية أو النوع الاجتماعي أو الميل الجنسي بالنسبة للبعض على اليسار إلى مطالب بالاعتراف بالمجموعة وتأكيد إيجابي على اختلاف المجموعة. لكن على العموم، فإن أميركا الزرقاء أكثر تنوُّعا من نظيرتها الحمراء. ستشهد رئاسة بايدن انقساما كبيرا حول هذه القضايا بين الفصائل داخل الحزب الديمقراطي، وهو أمر لم يحدث أبدا للجمهوريين في عهد ترامب”.
تغيير النّظام السياسي
يناقش فوكوياما الأسباب التي جعلت الكثير من الدول حيث قامت ثورات أو انقلابات أو أي نوع من الاضطرابات المصاحبة لتغيير النظام السياسي، تقف في “منطقة رمادية” فلا هي بالسلطوية ولا بالديمقراطية. قادتها “منتخبون” ولكنهم مشغولون بشراء وسائل الإعلام أو إغلاقها، التضييق على المعارضة، التلاعب بالانتخابات، والاستيلاء على مؤسسات الدولة وشخصنة شروط الحياة السياسية. وهو ما خلق قلقاً إزاء قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية التي يتوقعها المواطنون عادة من حكوماتهم، لأن الفشل في تطبيق وعود أي نظام سياسي هي أكبر تحدياته الوجودية قبل أي شيء آخر. الديمقراطية الليبرالية ليست مجرد صندوق اقتراع بل حزمة معقدة من المؤسسات التي تقيد وتنظم السلطة بالقانون وبنظام من التوازنات والضوابط. هذه الاضطرابات مشاهدة في الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية وأجزاء من أوروبا الشرقية وجنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى والجزر الصغيرة في المحيط الهادي.
هناك وجهات نظر مختلفة حول أفكار فوكوياما ، و الكثير لا يقتنع أفكاره كما أن الكثيرين يؤيدونها، لكن الشيء المهم أنّه لم يلزم نفسه بخط ثابت ، بل سمح لنفسه بالتغيير كلما رأى أنّ ذلك ضرورياً .
*خاص بالموقع