سوف أبدأ الحديث بطرح عدّة أسئلة: متى سوف يدرك الرّجل أنه لا شرف في جرائم الشرف؟
ألا يحق للمرأة أن تتخذ قراراتها بنفسها عندما يتعلق الأمر بالحب والزواج؟
متى سوف نتعلم محاربة تلك الجرائم ، و السعي لإدانة القاتل ؟
هناك أسئلة أخرى ، وجميع الأسئلة ليس لها إجابة!
جرائم الشرف لا تقتصر على مكان واحد من العالم لقد أصبح الأمر بسيطًا أنت تسمع ، وربما ترى ذبح امرأة ، إطلاق النار على رأسها ، إشعال النار فيها ، أو تسميمها حتى الموت، أو حتى تقطيعها ووضعها في ثلاجة. يبدو أن العائلة تنجب الأنثى مرغمة ويمكن أن تنهي حياتها أيضاً بإرادة شخص من الأسرة .
أدلى القتلة في التحقيقات التي حضرت جزءاً منها بعبارات مثل: “لست نادماً ” “هذه عاهرة ، و ليست ابنتي” ، “أتمنى أن أقتلها ثانية” تجعلنا مثل العبارات نفكّر في ضعف المرأة في المجتمع، فهؤلاء الرجال الذين أدلوا بتلك العبارات خرجوا من السجن بعد أشهر قليلة مستفيدين من العذر المحلّ في القانون ومن أحكام القضاء التي ورد فيها” لا يغسل العار سوى القتل”
لا يمكننا تجاهل الصدمة العقلية التي تسببها للنساء اللائي يشاهدن من تقتل أو يقرأن عنها، وربما ليست صدمة بل هو خوف من المستقبل ، فأنا على سبيل المثال لم أتلق أية ثقافة جنسية ، وبعد مقتل رفيقتي في المدرسة على يد أخيها ، أصبحت أخاف أن أكون حاملاً فأقتل ، كنت أعتقد أنه لو مررت بالقرب من رجل قد أحمل ، وكان الفضل في ذلك لأمّي، حيث صورت لي الرجل كبعبع دون أن أعرف ما تتحدث عنه. لم تحدثني مرة واحدة إلا عن تحذيري من الرجل، نشأت بسيطة خائفة مثل أغلب النساء، فلم أسمع أن مجرماً عوقب من أجل فعلته بحق امرأة . إن معاقبة المجرم هي بالضبط ما يمكن أن يحدث الفرق.
سوف أستشهد بقصة عن جرائم الشّرف حدثت قبل 2011 في سورية وهي موثّقة لدي في مكتبي في القامشلي . لم يكن شائعاً تقطيع النساء و الأطفال كما حدث مع المرأة السورية في الدانمارك حيث قطّعها زوجه، وقطع أولاده ووضعهم في ثلاجة، ولا عن تلك التي غرس زوجها في قلبها السكين على الهواء في السّويد، ولا تلك التي استأجرت أمها قاتلاً مأجوراً قتلها في ألمانيا لأنها تعرّضت للاغتصاب. القصص اليوم تبث على وسائل التواصل . قصتي تبدأ مع فتاة من القامشلي في عمر سبعة عشر عاماً اتهمها المجتمع وأهلها بقلة الشّرف . ماتت هي ، ونجا الجاني .
عاد أخو رويدة في إجازة من الخدمة العسكرية كي يقتلها، لكن ماهي قصة رويدة؟
في الحقيقة كنت محام مسخر في موضوع رويدة، لم أكن أعرف قصتها، فقط عرفت أنها فتاة تعرّضت للقتل لأنها حامل ، و قد حرّض أعمامها أخاها على قتلها فقتلها، لكنهم تصالحوا مع الجاني بمقابل مادّي و انتهت قضية الشّرف ، وسلّمني القاضي كل متعلقات رويدة، ومنهم دفتر مذكراتها، تابعته في ذلك الليل و أنا أبكي.
تقول : ذهبت في الصباح إلى عند صديقتي كي نذهب إلى المدرسة في وقت مبكر، جلسنا في المطبخ ، كنا نشرب القهوة معاً، لم أكن أعرف أن أخاها قد وضع فيها مادة مخدرة، لكنني أعرف أنه قفل باب المطبخ على أخته ، وسحبني بقوة ثم اغتصبني ، كان قد احتاط للأمر بأن أرسل زوجته في زيارة لأهلها. المذكرات طويلة سوف أوجزها. تقول : أصبحت حاملاً ، أردت أن أستر على الأمر. قلت له: تزوجني لليلة واحدة، لكنه أجهضني ، ثم عرفت أن مستقبلي انتهى ، قال لي سوف يتزوجني، حملت للمرة الثانية، وفي هذه المرة أنجبت مولوداً ذكراً قام بإعطائه لعائلة عراقية لاجئة تعيش في القامشلي هي عائلة أبو مدين . ذهبت إلى صديقه، طلبت منه أن يتدخل، فقال لصديقه أنني عاهرة . وفي كل صفحة من مذكراته تقول: أنا خائفة. سوف أقتل.
ملاحظة: شهد صديقه في المحكمة بأن هذا حدث.
ماتت رويدة. . .
طلّق الأب والدتها لآنها لم تجد تربيتها. . .
تصالح الجميع على مبلغ من المال . .
وغسل الشرف بالمال هذه المرة. خرج الجاني مرفوع الرأس ، وذهب مع زوجته وابنه إلى ألمانيا .
أين الشرف في جرائم الشّرف؟
جرائم الشرف تعني قتل فرد من عائلة أو من مجموعة اجتماعية من قبل أفراد آخرين ، بسبب الاعتقاد بأن الضحية قد جلبت العار على الأسرة أو المجتمع. يعتبر موت الضحية وسيلة لاستعادة سمعة وشرف العائلة..
القتل بدافع الشرف هو جريمة قتل يُقتل فيها شخص بسبب سلوكه الفعلي أو المتصور أنه غير أخلاقي. قد يتخذ مثل هذا “السلوك غير الأخلاقي” شكل الخيانة الزوجية المزعومة ، ورفض الخضوع لزواج مرتب ، والمطالبة بالطلاق ، وتصور سلوك غزلي ، والتعرض للاغتصاب. الشرف وبالتالي يكفي لتبرير قتل المرأة.
في الثقافات الأبوية ، يتم تنظيم حياة المرأة من خلال الحفاظ الصارم على ميثاق الشرف. من أجل الحفاظ على عفة المرأة ، يجب أن تلتزم المرأة بالممارسات الثقافية المقيدة اجتماعيا . غالبا ما تكون جرائم الشرف أكثر تعقيدا من أعذار الجناة المعلنة. في أغلب الأحيان ، تتعلق جريمة القتل بمشاكل الميراث أو تسوية الخلافات أو التخلص من الزوجة.
*مادة خاصة بالموقع