جنان الحسن، كاتبة وشاعرة من الرقة مقيمة في فرنسا
أوراق 19- 20
نصوص
صوت الحياة صاخب هادر
لكنه أحياناً يصمت ويجبرنا على اليقظة
كي يستمع إلينا ..
صمت صوت المطر حين
تأبطت الأمهات ثياب الحزن في الدروب
وطويّن الثياب القشيّبة المُطرزة بالقصب في صناديق الزمن وتوابيت الموت
وزيّنَّ أبواب الأيّام بأكاليل الغار
وتعاليل الليل بعتابا الصبر
وفي المقابر حيث نامت أعواد الزنابق
التقطن صور السلفي ..
انكسر حديث النور حين
عرفتُ أنَّ العتم أيضا قد يسود ويُضيء ويتطاول مثل لهب حريق هائل وأن له ألف لون ولون
في رقصة اللهب وفي منع عود الثقاب أو إشعاله في الباقي من قش الوطن
وفي طفلة قاصر ألبسوها ثياب النساء
غرسوا وردة في نهدها وأدخلوها مخادع الرجال
وبكامل حزنها توهجت أعوامها القادمة ..
جف بريق الشغف حين
جرحتها ضحكته المرحة
وهي من كانت تخشى أن تجرحه بلمسة الحزن في ابتسامتها
تلك برودة قد سكنت الأوصال
فشل أبدع الفنانين في تشكيل ملامحها ..
زاد صوت البياض وتوغل الليل حين
اللحظات الدافئة أصبحت أكثر بعداً تحت
أشعة الشمس الساطعة
حتى غدت شمسنا تنسكب وحيدة
في عروق الصباح
بعد حفلات الفِطام التي يقيمها الليل
لأطفالها كلّ مساء
يا لعزفها في الروح كم يوجع .. !!
غدر الفرح بنا حين
فتح بيته للغرباء متناسياً أننا طرقنا طويلاً على بابه
حتى سكن البؤس ديارنا
وشعرنا بأننا كلّما ارتكبنا شراً ما
فأن الحياة ترضى وإن قليلاً علينا ..
يا لغباءنا !!
قد كنا على الدوام مجرد جروح وندوب ولم نكن يوماً بسهامٍ ضالة أو طلقات رصاص ..
تحدثت الوحدة حين
لا شيء يؤنسني
سوى وضع قليل من الكحل في عيّنيّ
ومحاولة التغزل بهذا الليل الطويل
الذي يشبه ريش غراب بائس عجوز
الطيور خرجت من الشبكة وطارت بعيداً
والمرآة تكسرت من الجانب إلى الجانب
وحدها لعّنة الغياب تسامرني ..
كلّ هذا يحصل والحياة ما زالت تحاصر الصمت حيناً وتصخب مثل حشد عصافير حيناً أخر ..22