مشير باسيل عون: هل يصح أن تتفلسف المرأة خارج السياق الفكري العام؟

0

نشأت الفلسفة النسائية أو النسوية أو الأنثوية في الستينيات من القرن العشرين في أوروبا، ولا سيما في فرنسا، وما لبثت أن انتشرت في الولايات المتحدة الأميركية في السبعينيات من القرن عينه. وجاء ظهورها تعبيراً عن حركة اجتماعية ثقافية تحررية أصابت جميع حقول الوجود الإنساني. فكان للمرأة نصيبها من الإسهام في انتفاضة العدالة الكيانية هذه بين الجنسين الأنثوي والذكري. لا ريب في أن كتاب سيمون دبوفوار (1908-1986) “الجنس الثاني” الصادر في عام 1953 استثار موجةً نسائيةً تحرريةً عارمة اجتاحت أوروبا، وما عتمت أن غمرت الأوساط الأكادمية والثقافية الأميركية. في عام 1968 اهتاجت الأوساط الطلابية الجامعية في فرنسا، فانبثقت منها صحوة نسائية أوروبية وأميركية تجلت في التظاهرات التي تؤيد إنصاف المرأة في ميادين الحياة كلها، والكف عن إخضاعها لتصورات الرجل وهيمنة الفكر الذكري، وإبطال كل الأعراف والتقاليد والتنظيمات التي تُشيّئ المرأة وتسلّعها وتموضعها في مرتبة التبعية الكيانية والفكرية. في الطور الانتفاضي النسائي الأول، اضطرت المرأة أن تبرهن للجميع أنها مهر لا يقبل الترويض، وفرس شموس جموح لا يثني الرأس، وكيان حر مستقل صلب الإرادة شديد الشكيمة.

الفلسفة بين الذكرية والأنثوية

أحست النساء في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين أن إسهامهن في الفلسفة قليل الزاد، ضعيف الأثر. فربطن مقامهن الفلسفي الوضيع بتصورات الغرب الأنثروبولوجية الموروثة من العصور الوسطى. فإذا بالمرأة ترسمها الأقلام في صورة الكائن اللاعقلاني، العاطفي، المزين بذكاء قلبي وجداني يخالف المنطق العقلاني الحسابي القائم على معادلات الأشياء، وتناسب المعاني، وتلاؤم الإسنادات المألوفة بين الوقائع والدلالات التفسيرية.

لذلك، تسأل الفلسفة النسائية عن أسباب إقصاء المرأة عن الحقل الفلسفي المنتج حتى ستينيات القرن العشرين، غير أن الفيلسوفات أدركن أن الحل لا يستقيم بالإكثار من الإنتاج الفلسفي النسائي، وبالاستزادة من مناصب التعليم الجامعي الفلسفي المحفوظة للمرأة. تنبثق المشكلة من صميم التصور الرجلي الذكري البطريركي الذي يعارض التفكير الفلسفي المبني على الحدس الأنثوي العصي على كل إمساك منطقي، ذلك بأن الفلسفة، في التصور السائد، شأن ذكري عقلاني منطقي يناقض كل ضروب الشغفية التفورية، والانفعالية الوجدانية الأنثوية. بذلك تصبح الفلسفة النسائية شبه مستحيلة، إذ تنطوي على تناقض داخلي بين دعوة الفلسفة وخصوصية المرأة.

ومن ثم، اتفقت كوكبة من النساء الفيلسوفات على مناهضة التصور الفلسفي الذكري المتطرف هذا، فأخذن ينادين بضرورة تغيير بنية التفكير الفلسفي حتى يستطيع أن يتقبل إسهامات المرأة الفلسفية اقتبالاً يفضي في نهاية المطاف إلى تغيير هوية الفلسفة. لذلك لا بد من التفكير في مقام الجنس (الجندر) الإنساني، أي في هوية الإنسان الثنائية الذكرية – الأنثوية لكي يستقيم النظر في مقام المرأة، ويجري إنصافها وتعزيز حضورها وفعلها وأثرها في معترك الوجود الإنساني. فالجنس (gender) غير الجنسي، إذ إنه يشتمل على الاستعدادات والملكات الكيانية الفطرية والسمات النفسية التي يتصف بها الكائن الإنساني، سواء كان ذكراً أو أنثى، في حين أن الجنسي (sex) يدل على التركيبة الجسدية والهيكل العضوي والجهاز البيولوجي التناسلي في كل ذكر وأنثى على حدة، لذلك يخضع الجندر للاعتبارات الثقافية والاجتماعية والدينية والاقتصادية التي تهيمن على تصورات الاجتماع الإنساني. فالمعرفة السائدة في مجتمع من المجتمعات تفرض على الناس أن يميزوا ويصنفوا ويفاضلوا بين الرجل والمرأة، متذرعين بالبنية البيولوجية من أجل تعزيز صحة تصوراتهم الثقافية المتوارثة.

لوحة جندرية لغريس غروب بيار (موقع الجندر الفرنسي)

المحور الأول: الفلسفة النسائية الاجتماعية السياسية

تنوعت إسهامات الفيلسوفات المعاصرات، فتوزعت على أربعة محاور أساسية. يتناول المحور الأول الفلسفات الاجتماعية والسياسية التي أسهمت الفلسفة النسائية في تجديد عدتها، إذ انبرت تستفسر عن فائدة سياسة التمييز التي أصابت المرأة، فعزلتها عن حركة التاريخ، جاعلةً الرجل في موضع الاستفادة الأقصى. أصرت الفيلسوفات في هذا الحقل على علنية الظلم الاجتماعي الذي يصيب المرأة في حضن الأسرة وفي نطاق العدوان الجنسي المحض. خلافاً للرأي القائل إن مشاكل العلاقات الزوجية والعيلية شأن خاص داخلي، صدحت أصوات الفلسفة النسائية تطالب بإخراج هذا الظلم إلى العلن، واعتبار الشأن الشخصي شأناً اجتماعيا سياسياً بامتياز. ومع أن الفلسفات السياسية السائدة، من ليبرالية وماركسية واشتراكية، تجاهلت قضية المرأة والنزاعات الزوجية والعيلية، فإن الفلسفات النسائية المعاصرة أصرت على صدارة هذه القضايا، جاعلةً إياها في صلب تفكرها الفلسفي السياسي الذي تجلى في اتجاهات ثلاثة: الفلسفة النسائية الليبرالية، والفلسفة النسائية الاشتراكية، والفلسفة النسائية الراديكالية.

يبين الاتجاه الليبرالي الأول، تتحدث باسمه الفيلسوفة النسائية والكاتبة السياسية الأوسترالية سزان مولر أوكين (1946-2004)، أن التمييز الجنسي أهان المرأة، وخنق تطلعاتها وطموحاتها، وحبس عليها في معقل دارها. لذلك لا بد من تحويل قضية المساواة بين المرأة والرجل إلى مسألة فلسفية اجتماعية سياسية. تعتقد فيلسوفات التيار النسائي الليبرالي أن الاختلافات الفاضحة بين طرق تربية الأبناء والبنات، والصبيان والصبايا، تفضي إلى نشوء مقامات وأدوار ووظائف اجتماعية متفاوتة تسندها الأنظومة الثقافية السائدة إلى الرجل وإلى المرأة إسناداً ظالماً. في هذه الحال، ينبغي إلغاء التمييز في مسار التربية والتنشئة، وتعزيز مشيئة المرأة في اختيار نهج حياتها والتصرف الحر بكيانها الجسدي والوجداني والعاطفي، واستحداث الفرص الوظيفية عينها التي تتيح لها أن تستقل استقلالاً مادياً ناجزاً.

إذا كان الاتجاه الليبرالي الأول يعزز قيم الحرية والمساواة، فإن الاتجاه الاشتراكي الثاني، تمثله الفيلسوفة البريطانية – الأميركية أليسون ماري جاغر (1942-….) والفيلسوفة السياسية الاشتراكية الأميركية أيريس ماريون يونغ (1949-2006)، يعتمد التصور الماركسي، من بعد أن ينتقده انتقاداً صائباً لشدة إصراره على عدالة الأجر العمالي خارج المنزل. فيبين أن أجر المرأة العاملة في خدمة الأسرة لا يوازي حقيقة التزاماتها وتضحياتها العيلية، وأن اقتصار الخدمة المنزلية على المرأة، إنما ينطوي على تمييز جنسي يستغل النساء استغلالاً مجحفاً، لذلك يجب إنصاف المرأة اقتصادياً، وإعلاء شأن الخدمة العيلية التي تهبها في موازاة الالتزام المهني الذي تقف ذاتها له.

أما الاتجاه النسائي الراديكالي الثالث، فيعالج مسألة الطاقة الجنسية التي يزخر بها الكيانان الذكري والأنثوي، وتعيب على المجتمعات الذكرية البطريركية التقليدية ترسيخ التفاوت في تصور الطاقتين الجنسيتين، ذلك بأن المخيلة الجنسية الذكرية لا تتورع عن تشييئ الجسد الأنثوي تشييئاً يخضعه لأغراض الهيمنة، ويسخره من أجل مضاعفة منسوب الاستمتاع الرجلي الشبقي الجنسي. استطاع هذا التيار في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي أن يستنهض الرأي العام دفاعاً عن المرأة التي يذلها التحرش الجنسي والتسليع البضاعي البورنوغرافي، على غرار ما أنجزته الحملة الفلسفية التي قادتها الفيلسوفة الحقوقية النسائية الأميركية كاثرين أليس ماككنن (1946-….)، والكاتبة المناضلة النسائية الأميركية أندريا دوركين (1946-2005).

غير أن الاتجاهات النسائية النضالية الثلاثة هذه أهملت مسألةً شديدة الخطورة تتعلق بهوية الجنس (الجندر) وحقيقته الأونطولوجية الأعمق. تجدر الإشارة في هذا السياق إلى الرأيين المتعارضين اللذين يستقطبان الاجتهادات الفلسفية النسائية الأساسية. تعلن فيلسوفات الرأي الأول، ومنهن الفيلسوفة البلجيكية -الفرنسية لوس إيريغاري (1930-….)، أن الجنس (الجندر) حقيقة كيانية أصلية ناشبة في بنية الطبيعة الإنسانية، في حين أن فيلسوفات الرأي الثاني، ومنهن الفيلسوفة الأميركية جديت باتلر (1965-….)، يؤكدن أن مفهوم الجنس والتمييز الجندري وهم أونطولوجي ابتكرته الفلسفة النسائية من أجل الدفاع عن حقوق المرأة المستضعفة.

المحور الثاني: الفلسفة النسائية الأخلاقية

نشأ التيار الفلسفي الأخلاقي النسائي من التفكر في نضال المرأة التي تقف ذاتها من أجل أسرتها وأولادها، وفي سبيل تعزيز روابط الألفة القلبية بين الناس. عوضاً عن الاكتفاء بالمطالبة المستميتة بإنصاف المرأة في الوظيفة والمقام الاجتماعي والسياسي، انبرت عالمة النفس الأميركية كاول كيليغن (1936-….) تناصر أخلاقيات العناية والود والرقة في علاقات الناس بعضهم ببعض، وفي إنضاج شخصية المرأة، ذلك بأن علاقات الحب والألفة والصداقة التي تنشط بين المرأة وأولادها، أو بين الحبيب وحبيبته، أو بين الصديق وصديقه، أو بين المعلم وتلاميذه، تجعل الإنسان أشد أمانةً على إنسانيته. بفضل هذه العلاقات، تسقط مقولة الإنصاف المحض، إذ إن ارتباط المحبين بعضهم ببعض يستند إلى مبدأ التبادلية الأخلاقية، لا إلى قانون العدالة التوزيعية. ومن ثم، فإن أخلاقيات العناية تجعل المرأة تراعي حكمة التوفيق بين عنايتها بالآخرين الذين تهبهم رقة حنانهم ورفق التزامها المعنوي، وعنايتها بإنضاح كيانها وتطوير قدراتها واستثمار مواهبها ومؤهلاتها، على ما كانت تذهب إليه الشاعرة والروائية الأميركية مارغريت واكر (1915-1998).

المحور الثالث: فلسفة الفاعلية النسائية

استناداً إلى مكتسبات المحورين الأول والثاني، أخذت المرأة تدافع عن أحقية صوتها الفاعل في التعبير عن خصوصية كيانها وميزة إسهامها. لا يجوز للمجتمع أن يعاتب المرأة على انسلاكها الطوعي في أنظومته الثقافية الظالمة، في حين أنه لا يتيح للطفل أن ينمو نمواً سليماً يجعله يدرك قيمة الاستقلالية والحرية والمسؤولية الذاتية. إذا نشأت الطفلة على ذهنية الاستتباع، فلا غرابة، وقد بلغت، من أن ترضى ببنى التمييز والفرز والإقصاء الذكرية. لا بد للفلسفة النسائية من أن تساعد المرأة في الانعتاق من هذه البنى، وابتكار سبل انتمائية التزامية فاعلة تؤهلها للانخراط العادل المستقيم في حركة الاجتماع الإنساني. في هذا السياق، خرجت أستاذة العلوم السياسية والدراسات النسائية في جامعة واشنطن نانسي هارتسوك (1943-2015) تطالب المرأة بابتداع القيم النسائية التي تفصح عن ذاتية الكيان الأنثوي وفاعليته الثقافية والاجتماعية، من غير أن تسقط في متاهات التأنق الجمالي الذي يجعلها مطية الرغبة الذكرية. وعلاوةً على ذلك، تجلت فلسفة الفاعلية النسائية في دعوة بعض الفيلسوفات إلى تعزيز روح السردية التأويلية التي تساعدهن على تصوير الواقع تصويراً جديداً يخالف الهيئة الذكرية المهيمنة، حتى إذا تعرضن للإهانة أو التحرش أو الاعتداء، استطعن أن يظهرن جسامة الأذى وفداحة الضرر وأن يجاهدن جهاداً راقياً في سبيل صون الكرامة الأنثوية الرفيعة.

المحور الرابع: فلسفة العلوم والإبيستمولوجيا النسائية

أما المحور الرابع، فإنه يسعى إلى هدم الصورة النمطية التي استقرت في الأذهان عن الرجل المجبول على العقلانية والمرأة المفطورة على الانفعالية اللاعقلانية. ليس أصل المشكلة في بنية المرأة الذهنية، بل في المراس المعرفي المتراكم منذ أقدم العصور، إذ اتضح أن إقصاء المرأة قديماً عن مختبرات المعرفة جعلها تفقد قدراتها العلمية الذاتية. لذلك لا بد من إقصاء الإقصاء النسائي المعرفي حتى تستطيع المرأة أن تسهم إسهاماً فاعلاً في فلسفات العلوم والإبيستمولوجيا. تدعيماً لمثل هذا التوجه، انبرت الفيلسوفة الأميركية ساندرا هاردينغ (1935-….) تدافع عن مبدأ تنوع الهوية في منتجي المعرفة، سواء على مستوى التكامل بين الرجل والمرأة أو على مستوى التفاعل بين الأعراق. ومن ثم، ينبغي تغيير مقاييس اختيار النخبة العلمية في المجتمع حتى تستطيع النساء والأعراق جميعها المشاركة السليمة البناءة المغنية. فالعلوم، في منظور فلسفة العلوم النسائية، ليست اليوم حيادية على الإطلاق، بل تنحاز إلى فئة ذكرية انحيازاً يفقد العلم موضوعيته الممكنة وصوابيته المتاحة.

الاعتراضات الفلسفية على الفلسفة النسائية

يقر الجميع بأحقية هذه المطالب، غير أن الحكمة تقتضي ألا تنتقل المرأة من مرحلة الاضطهاد الأولى إلى مرحلة الانعزال التشنجي الثالثة، من بعد أن تكون قد اجتازت مرحلة الإنصاف الثانية. بعض الفيلسوفات لا يحبذن أن تقتطع المرأة حيزاً منعزلاً من الوجود، إذ ليست المرأة نوعاً فريداً من الكائنات الإنسانية لا صلة لها بالكائنية البشرية. لذلك يسأل المرء: هل هناك عقل أنثوي تأويلي مختلف عن العقل الذكري التأويلي؟ أم هناك عقل إنساني واحد يتجلى في سياقات مختلفة؟ إذا اعترفنا بعقل نسائي مختلف، حشرنا النساء في منفى حضاري تسعى الفلسفة الأنثوية إلى الانعتاق منه.

لا ريب في أن بعض الفليسوفات يفضلن التفلسف الكوني الإنساني العام، من غير أن يستندن إلى اختبارات الفلسفة النسائية، إذ ليس لهذه الفلسفة من سمات خاصة بمجرد أنها ناشئة من أقلام أنثوية، ذلك بأن التأمل في الهامشية الوجودية ليس وقفاً على الفيلسوفة، بل ميزة التفكر الفلسفي على وجه العموم. فالفلسفة صناعة الفكر النقدي في الهوامش الإنسانية المهملة. لا يجوز أن يأتي تفلسف المرأة تعبيراً عن أنوثتها وحسب. من الإنصاف أن يرتبط التفلسف النسائي بالسياق الفلسفي الكوني العام. ومن الظلم أن يكون تفلسف الرجل منغرساً دون غيره في صميم الفعل الفلسفي. ومن ثم، ينبغي التفطن النسائي حتى لا تظلم المرأة نفسها حين تعزل فلسفتها عن مجرى التاريخ الفلسفي.

يبقى السؤال عن إسهام الفلسفة النسائية الخاص. أعتقد أن أفضل من يفهم المرأة أولاً المرأة عينها، ومن ثم الرجل الذي ينبغي أن تستثمر المرأة غيريته الفاهمة، على نحو ما يستثمر الرجل غيرية المرأة الفاهمة. فالفهم في مرآة الآخر أشد إنصافاً وأغنى خصوبةً وأبعد مراماً. وعلاوةً على ذلك، ينبغي للفلسفة النسائية أن تساعدنا في فهم عناصر الاختبار الإنساني الأشمل فهماً أفضل، وهي عناصر وضعتها الفلسفة في موضع أدنى: العاطفة، الحدس، الباثوس، الجسدانية، الغيرية، إلخ. فهل يجوز أن نقصي الانفعال العاطفي من مقام الإدراك الأنثروبولوجي، على نحو ما جاء في محاورة الفيدون، إذ أصر سوقراط على اصطحاب زوجته إلى المنزل حين بدأت تنوح على مصيره المأساوي، وفي يقينه أن القرار الوجودي الفلسفي لا يحتمل الهشاشة الأنثوية التي تصيب النساء والرجاء على حد سواء؟ حتى الرجل أبولودو الذي ناح نوحاً نسائياً كان ينبغي أن يعتزل الجماعة التي تتأمل في مصير المعلم المهيب. فهل يمكن اقتلاع النوحية التفجعية من صميم الكيان الإنساني، سواء انبثقت من اختبارات المرأة أو الرجل؟

من حقوق المرأة أن تتجاوز طور التحرر الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، وأن تتخطى أزمة الضحية المرذولة، فتفكر تفكيراً عاماً يحيل على خصوصيتها الأنثوية وعلى خصوصية الكائنية البشرية العامة، وتسهم إسهاماً فاعلاً في تصوير هيئة العالم المقبل علينا. آن الأوان لكي تتجاوز الفلسفة النسائية مفاهيم الإخضاع والهيمنة والتبعية، على ما كانت تذهب إليه الفيلسوفة النسائية الفرنسية جنفييف فرس (1948-….)، فتستخرج أصول التعددية الجنسية الناشبة في عمق الكائن الإنساني، بحسب ما اقترحته عالمة النفس التحليلية البلغارية – الفرنسية جليا كريستفا (1941-….).

*اندبندنت