مساءٌ أخيرٌ على حَيِّنا

0

نزار غالب فليحان

شاعر سوري مقيم في دولة الكويت، يحمل إجازة في الاقتصاد والتجارة، أصدر مجموعة شعرية فصحى “قبل القصيدة”، وأخرى من الشعر المحكي “قصب مبحوح”.

أوراق 11

أوراق الشعر

مساءٌ أخيرٌ على حَيِّنا

مساءٌ بلا لهفةٍ للرُّجوعِ

ولا نظرةٍ في خطوطِ الطباشيرِ فوقَ الرَّصيفِ

وما خَرْبَشَتْهُ الأصابعُ فوقَ الجدارِ

مساءٌ أخيرٌ …

بلا لهفةٍ في العيونِ التي سَكَنَتْ

في رَمادِ الصُّوَرْ

مساءٌ أخيرٌ …

لقلبٍ كسيحٍ

يُوَدِّعُ خَفْقاتِهِ ذابلاً …

كغصنٍ جريحٍ

يُغالبُ ريحاً

تَرَنَّحَ ..

لَوَّحَ …

ثم انْكَسَرْ

مساءٌ أخيرٌ …

ونَخْطو على مَهَلٍ في الظَّلامِ

دليلُنا تيهٌ …

وطيبٌ من المَرْيَمِيَّةِ

يعبقُ في الدَّرْبِ

والدَّرْبُ أوَّلُها غُصَّةٌ

وليس لآخرِ غُصَّاتِها من أَثَرْ

مساءٌ أخيرٌ …

نقولُ: وداعاً لأحلامِنا

لِظِلِّ حبالِ الغسيلِ على سطحِ بيتٍ تداعى

لماءٍ يداعبُ وجهَ البَلاطِ

ويوقظُ في الصُّبْحِ خِتْمِيَّةً

لمُفْتاحِ بابٍ

يُذَكِّرُنا بالإيابِ

لوخزِ الضَّبابِ

لليمونةٍ تحتفي بالسَّحابِ

وفي شُرْفَةٍ يَسْتَحِمُّ القَمَرْ

مساءٌ أخيرٌ …

لرَقْصِ القُرُنْفُلِ في السُّلَّمِ الدَّائريِّ

لبوحِ الغمامِ

لبدْرٍ يساهرُنا في الظَّلامِ

لهَدْلِ الحمامِ

لعصفورةٍ تَنْفُضُ الرِّيشَ

تَجْفَلُ مَذْعورةً من مُزاحِ المَطَرْ

مساءٌ أخيرٌ …

على ما تَبَقَّى من الذِّكْرَياتِ

على الأمْنِياتِ

على غُرْبَةِ الأغْنياتِ

على أُمَّهاتِ اليَتامَى

يُطَرِّزْنَ أكْفانَ أَزْواجِهِنَّ

ويُدْمينَ بالنَّوْحِ قلباً

ويُدْمينَ دَرْباً

ويُدْمينَ سَرْباً

حَماماً يُشَيِّعُ عُشَّاقَهُ الرَّاحلينَ إلى غامِضٍ …

كأَنَّ الرَّحيلَ قَدَرْ

مساءٌ أخيرٌ لشُبَّاكِنا

لبوْحٍ يُرَفْرِفُ في دَرْفَتيْنِ

لوشْوَشَةِ العاشِقَيْنِ

لغَمَّازَتَيْنِ

لِتَنْهيدَةٍ تَرْتُقُ الحُزْنَ في وَجْنَةٍ

وكَفٍّ تُداعبُ غُرَّةَ فارسِها المُنْتَظَرْ

مساءٌ أخيرٌ …

تُلَوِّحُ للقلبِ مَذْهولةً

على الدَّرْبِ صَفْصافَةٌ لا تُصَدِّقُ

أنَّ الوجوهَ التي ألِفَتْها

ستألَفُ يوماً طريقَ السَّفَرْ

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here