الغريب أنهم كثيرًا ما يكونون طيبين
بعيونٍ تملؤها الحسرة
ولسان حالٍ يستجدي شفقة أو تعاطف
هؤلاء الذين لا يكفّون عن الرذيلة
يلكزون قلب الليل بأحذيتهم الثقيلة
يقصّون ضفائر البنات
ويبصقون على العجزة والمساكين
الغريب أنهم أيضًا وحيدون
لهم أسرّة تلفظهم ليلًا ضجرًا بأنينهم
وآباءٌ قساة رحلوا فجأة
وأحباء سلخوا رؤوسهم و ضحكوا منتصرين.
ساحة النور التي نستريح فيها في نهاية الطريق
بردًا وسلامًا بعد حرائق اليوم وحواديته التي لا تنتهي
مكعبٌ أبيض صغير
من مدينةٍ لأخرى
من عمرٍ لعمرٍ آخر
الظل الذي يتمدّد على قدر التعب والحاجة
لكن بيتي كان غريبًا دائمًا
زيّنه الخوف أينما ذهبت
من بيت العائلة، الأب، الأم، الطفولة.. إلى بيت الغربة والكهولة والصلابة
كان الخوف دائمًا صاحبي
عوني على الوقت الطويل الذي لا ينفذ
خوفٌ من الظلام، من العفريت، من المجهول..
خوفٌ من المرآة، من يدي
من أمي.
أنا طفلةٌ جميلة
أبحث عن سكينٍ بلاستيكي
أقشّر جلدي
أتلذّذ بالألم وأشيح بوجهي عن النظرة المعلقة في سقف الغرفة.
في البيت
وأنا أطعم الصغار
أقرأ عليهم آيات السكينة
أسخر من الخوف الذي يدّعونه
ومن الوحش والظلمة.
أصارع عفريتي الخاص
خوفي الذي يقودني دومًا إلى بيتي
والذي إن سارت خطواتي على طريقٍ طويلٍ ردّني لمساحتي الآمنة ردًا جميلًا.
أرى دبًا هائلًا على باب بيتي
نابشًا أظافره في وجه الجميع
أنظر في عينيه بشجاعةٍ عظيمة
وأفتح كفي على آخرهما
أظافري حادة ولامعة والخوف ممددًا بجواري على السرير.
هكذا أستيقظ بصورةٍ يومية في منتصف الليل
أطمأن على البيت والأطفال والخوف والعائلة.
*ضفة ثالثة