محمد زعل السلوم: وابتسم الجنرال أخيراً

0


اللقطة الأخيرة من مسلسل ابتسم أيها الجنرال للفنان العظيم مكسيم خليل باعتقادي نسخة أصيلة للفن
الإنساني، وأنا أحاول نبش ذاكرتي في العراب وتخيل مارلون براندو وآل باتشينو هل ابتسم أحدهما أو
كلاهما في فيلمهما الأشهر؟!، المذهل في لقطة مكسيم خليل والكاتب سامررضوان والمخرج عروة محمد
أنهما دمجا تاريخ الآب والإبن وروح الشيطان بشخصية واحدة، ومن محاسن الصدف أن أشاهد بنفس ليلة
الحلقة الأخيرة من ابتسم أيها الجنرال حلقة وثائقية عن حرب البعثين وأشاهد صور حافظ الأسد، إذ لا أذكر
أنه يبتسم، فيما تصل ابتسامة ابنه بشار الأسد من الصين شرقاً إلى البرازيل غرباً، بين الشر الصامت
وتفاهة الشر. وبذات الوقت قمت بلقطات شاشة وبحث صور لأقارن عدم ابتسامة جنرال الفن مكسيم خليل
وابتسامته الأخيرة بحافظ الأسد ووريثه اللاشرعي بشار الأسد، وكلاهما جزار سوريا بلا منازع مع بعض
اللمحات لماهر ورفعت الأسد شقيقاهما، وكذلك حاولت عصر ذاكرتي بابتسامات المجرمين في أفلام المافيا
من السينما العالمية. ولا أعلم هل رافقت موسيقى ابتسامة الجنرال صوت الضباع أم الذئاب المعروفة
بغدرها في مشهد سريالي بديع يعادل ثلاثين حلقة من المسلسل.
وقد عنونت على صفحتي على الفيسبوك وأخيراً ابتسم الجنرال ابتسامة “تسم البدن” وكما يقول الفنان
الراحل ناجي جبر بدوره الشهير أبو عنتر من مسلسل وفيلم “صح النوم” عبارته التاريخية : “لكد أسابتني
كشعريرة”.
هذه الكوميديا السوداء السورية، خلقتها دراما سورية أصيلة وناجحة وفنانين كبار، بغض النظر عن رأيي
بالفنانين الثانويين الذين كانوا أقرب لدمى متحركة وأدوات سينوغراف مسرحية منها إلى فنانين، لكن العمل
على ضخامته إستوعبهم، وابتلع مكسيم الجميع حين تفرد بمشهده الأخير وأوصل الرسالة الحقيقية بوجه
البشاعة السورية المتمثلة بنظامها القائم.
عشنا ثلاثين يوماً، ولو أنني كنت لأفضل عشر حلقات كافية على أسلوب المسلسلات الغربية بحيث تتكثف
المشاهد وتنحصر الخيوط وتتركز الأهداف من العمل بعيداً عن الإطالة ومع ذلك فهو عمل جبار
وأسطوري، يضاف كمَعلَم لدروب الثورة السورية.
مبارك لنا هذه الإبتسامة المضيئة في الفن الثوري السوري، رغم الآلام ورغم الصعوبات، والتي -وأقصد
الثورة- كلما قالوا عنها ماتت تعود لتُبعَث من جديد وكأنها طائر العنقاء، ليُسجّل لهذا العمل أول دراما
سورية تكشف رأس السلطة الديكتاتورية الشمولية العربية، وتعري كواليسه وتكتب للتاريخ كلمتها بأن الفن
قادر على التغيير.