سألني أستاذي علي سفر ما اسم ساحة التحرير في القنيطرة قبل أن يرفع المقبور علمه عليها باعتباري اكثر المهتمين بتاريخ الجولان فما كذبت خبر وطلبت منه ان يمهلني عدة دقائق لأسأل أخوتنا الشركس كون مدينة القنيطرة أصبحت مدينة متكاملة بفضل هجرتهم إليها فأعمروها طوال حوالي القرن رغم تعدد أبناء الجولان فيها بل وعاش فيها من معظم أبناء سوريا لانها كانت مركز جبهة وقبل ذلك كانت بالنسبة لتجار دمشق مركز تجارة نحو بيروت وصيدا وحيفا والقدس والخالصة وبالفعل سألت الدكتور مأمون بيرم ابن بريقة التي دفن في غابتها عشرات الشهداء من خيرة أبناء الجولان الذين حرروا التلول الحمر وقرى القنيطرة من النظام الجائر وله أهل من شركس القنيطرة والدكتور أحمد الخلقي الدمشقي واخواله الشركس من الصرمان والمنصورة والإعلامي المخضرم ورئيس جمعية تركمان الجولان في اسطنبول الخال خليل محمد أبو عمر ابن الغادرية عاصمة تركمان الجولان واخي ملحم أبو صالح والمهتم بأرشفة صور الجولان ويقيم بمجدل شمس فأجابني ربما ساحة بانياس، اما البقية وللمفارقة فكانت تعليقاتهم ساخرة ليقول لي الدكتور بيرم ساخرا بان اسمها ساحة الاحتلال وثم أضاف بانها ربما كانت مصطبة وضعوا تمثال المقبور وعلمه عليها ولكن سأسال المسنين من الشركس ليجيبوني اما الدكتور الخلقي وهو دكتور سابق بجامعة كلكوتا بالهند ويدير شركة صناعات غذائية طبية في اسطنبول وله عدة كتب بأنه يطلق عليها ساحة الخوازيق الثلاثة وحدة وحرية واشتراكية … كانت الإجابات عظيمة وعبرت عن حقيقة حكم المقبور وسلالته الملعونة وكان جواب خليل محمد وهو الاعلامي المخضرم لثلاثين عام فقال سأسأل من يعرف من الشباب وهو يقصد المسنين.
وفي النهاية جاءني جواب الدكتور احمد رضوان الخلقي بأن اسمها قبل ساحة التحرير عام ١٩٧٤ وقبل تسليمها لاسرائيل عام ١٩٦٧ والبيان ٦٦ لحافظ الأسد الذي اذاعه بدمشق بسقوط القنيطرة قبل سقوطها الفعلي بخمس او ستة ايام فقد كان برج الروس واحيانا كانت تسمى ساحة السادات. فيما ذكر قريب آخر لي بأنها لم تكن سوى امتداد للطريق العام ومفترق طرق عند منطقة التجهيز في القنيطرة.
وفيما نبحث عن اسمها قبل مهزلة رفع العلم عام ١٩٧٤ ارسلت لاستاذي علي سفر صورة لوالدي الشيخ زعل السلوم وكان عضو مكتب تنفيذي بالقنيطرة آنذاك وعدد من أعضاء المكتب التنفيذي لمحافظة القنيطرة في نفس يوم رفع العلم المسرحي وكان مجلسهم يسمى آنذاك بالمجلس العشائري لأن محافظة القنيطرة تمردت على قائمة الجبهة عام ١٩٧٢ بأول وآخر انتخابات حرة في تاريخها وقام نازحوا الجولان وقتها بشطب قاىمة الجبهة وتم اختيار الاعضاء الحقيقيين الذين يمثلون أبناء الجولان من بدو وفلاحين ودروز وشركس وتركمان ونصيرية وممن ينتمون لحزب البعث والشيوعيين لثقلهم الاجتماعي وليس لانتمائهم الحزبي ليقوم النظام فيما بعد بقصقصة اجنحتهم شيئا فشيئا بما فيهم والدي الذي حجبوا عنه الثقة لاتخاذ “نفوذ وظيفته” وكانت نكتة والنكتة المفاجئة عندما أضاع والدي هويته عام ٢٠٠٣ ليقرأ تقرير محافظ القنيطرة في السبعينيات وهو نايف نوفل يصف فيه والدي بأنه فتح مكتبه ديوان عرب وينتمي لعائلة عريقة متسلطة في الجولان.
حكاية القنيطرة المحافظة التي تأسست كمحافظة عام ١٩٦٤ وكان محافظها الأول عبد الحليم خدام أحد الأربعة الذين سلموا بشار الأسد مقاليد السلطة عام ٢٠٠٠ مع فاروق الشرع وحكمت الشهابي ومصطفى طلاس والاخير أيضا كان مقره في تل المضاد بقرية أهلي بمويسة حيث قيادة الجبهة وكذلك في سهل المنصورة بالقنيطرة وقال ذات مرة : صرعتونا بالجولان كلها وعرة متناسي ان هذه الوعرة تسقي فلسطين المغتصبة مياه بنسبة ٦٥ بالمئة واقيمت فيها مستوطنات تنتج وتستقبل سواح بقيمة أربع مليارات دولار سنويا ومنتج سياحي هائل… المدينة التي سلمها حافظ الأسد عام ١٩٦٧ وليرقع بيانه عام ١٩٧٤ دون تحرير الأرض السورية.
الجميل في أبناء الجولان هو روح تمردهم فقد وضعهم حافظ الأسد في اكثر من خمسين عشوائية بعثية في كل من محافظة دمشق وريفها ودرعا وحمص وذات مرة تمردوا في السبعينيات وأغلقوا طرقات دمشق من شمالها وجنوبها وكافة منافذها إذ هددوا باستمرار الإغلاق إذا استمرت سرقة كعونات النازحين وحل قضيتهم وتمردوا كذلك في المزة لمواجهة سرايا الصراع عدا ثلاث محاولات انقلاب قادها سبعة ضباط منهم خمسة من نازحي الجولان اعوام ١٩٦٨ و١٩٧٠ و١٩٧١ وشاركوا بفعالية هائلة في حرب ١٩٧٣ كونهم أبناء الأرض وتحرير مرصد جبل الشيخ وعمليات الاستطلاع داخل الأراضي المسلمة لاسرائيل لكن خطط المقبور كانت عبارة عن مسرحية وعدا معتقلي الثورة الأولى اعوام ١٩٧٩_١٩٨٤ من اخوان وشيوعيين ويساريين معارضين من أبناء الجولان وعدا فعاليتهم في الثورة السورية ٢٠١١ ليقابلهم النظام بعشرات المجازر في الذيابية وجديدة الفضل وحي التضامن ومخيم درعا وجميع تجمعاتهم السكنية التي يسميها الدكتور اياس غالب الرشيد عشوائيات البعث. عدا حصارهم وتجويعهم في الحجر الأسود ودروشا وخان الشيح وجباتا الخشب وشاركوا على امتداد القطر العربي السوري في مواجهة النظام الجائر والأجمل أنهم هم أول من اطلق شعار يلعن روحك باع الجولان وصدرت لهم منشورات جريدة الجولان المباع بدايات الثورة السلمية وكانوا وراء تحرير مخيم اليرموك الفلسطيني ودخول حي الميدان الدمشقي العريق وتأسيس جيوب داخل العاصمة لاسقاط النظام.
واليوم توزعوا مثل معظم السوريين في كافة أرجاء الكون لكنهم لازالوا على إيمان عميق باسقاط النظام وتحرير أرضهم سلما او حربا.
*خاص بالموقع