في الذكرى 233 للثورة الفرنسية وتحديداً 14 يوليو تموز 1789، والتي غيرت العالم في العصر الحديث، ورفع شعارات الثورة الفرنسية الثلاث حرية مساواة إخاء لتواجه فرنسا حروب العالم القديم والملكيات الأوروبية، المناهضة لثورتها ضدها، ومع ذلك تمكنت من ترسيخ مفاهيمها وفرضت مبادئ حقوق الإنسان وصنعت الجمهوريات، وخلقت عالم أكثر وعياً وأكثر عدالة وتوق للحرية.
وفيما أقف على الدوام أمام ذكرى هذه الثورة الإنسانية العظيمة ورغم تأخرها في تحقيق أهدافها، وتطورها على مراحل، إلا أنها غذت النزعة الإنسانية على الدوام وألهمت ثورات الشعوب من بعدها.
كان لاقتحام الباستيل بحد ذاته رمزية فائقة انغرست في الفكر البشري، وترسيخ فعلي لمفهوم الحرية، وبغض النظر عن عدد المعتقلين فيه آنذاك وسبب اقتحامه للحصول على السلاح منه، إلا أنه ألهم الثورة السورية وقبلها ثورات الربيع العربي، ففي الثورة السورية لم يتوانى الثوار عن اقتحامات سجون الأسد، مثل اقتحام سجن غرز في درعا وتحرير معتقليه، وحصار سجن حلب ومحاولات ملحمية لتحرير من كانوا فيه.
فيما يتربع سجن صيدنايا قلوب السوريين وانكساراتهم، وهو رمز الجحيم السوري، والذي شهد العديد من التمردات كما حصل عام 2003-2004، والذي أصبح مركز شنق عشرات آلاف الأحرار السوريين، وأطلقت عليه قناة فرنسية قبل أعوام لقب “المسلخ البشري”، وقد صممه في السابق أحد الضباط النازيين الهاربين من العدالة الدولية، وعلى ذكر النازيين تم اكتشاف بقايا 8000 جثة بشرية في سجن نازي في بولندا قبل أيام فحسب، تعود للحرب العالمية الثانية.
ربما الباستيل كان معجزة كحدث ومفتاح لعنوان الحرية، إلا أن صيدنايا يستمر اليوم كرمز لهزيمة البشرية أمام طغيان نيرون العصر بشار الأسد وزبانيته.
سيبقى سجن صيدنايا وصمة عار على جبين البشرية حتى تحرير كامل معتقليه وحينها سيصبح بقدرة قادر باستيل الشرق المظلم.
ربما عشت شخصياً مفهوم السجن لأجل كلمة في سوريا وتركيا، وربما عشتها من قبيل المصادفة لا أكثر. لكنني أتذكر على الدوام معنى فرحي وحزني عندما أتذكر سجن الخيام في الجنوب اللبناني، وسجن أبي غريب وسجن غوانتانامو وهروب شباب فلسطينيين من سجن اسرائيلي وقصص اقتحامات سجون كثيرة في هذا العالم. وكل أمنياتي ألا يتم احتجاز حرية الكلمة وحرية الإنسان.
*خاص بالموقع