محمد زعل السلوم: المبدع السوري اللاجئ بعيداً عن مقص الرقابة في وطنه

0

يقترب الشاعر والكاتب الروائي والمترجم السوري محمد زعل السلوم من تحقيق رقم قياسي في موسوعة غينيس، بعد مغامرته في نشر مؤلفاته الأدبية دفعة واحدة بعد سنوات طويلة من تعرضها لمقص الرقابة والمنع، إذ لم يتمكن من طباعة معظم أعماله في وطنه الأم سورية، ليطبعها دفعة واحدة في بلد لجوئه الحالي تركيا. فجاءت ضمن 13 ديوان ورواية خلال فترة زمنية قياسية وكان قد طبع في تركيا قبل ذلك بالعربية كتابه السياسي “وقالت الصفحات”.

تمكن السلوم الغزير الانتاج وبمجرد عثوره على فرصة مناسبة من طباعة ما يمكنه طباعته بلا هوادة، نهاية 2020-بداية 2021 ليتأهل بذلك لموسوعة غينيس للأرقام القياسية.

ومن جهة ثانية، اثبت الكاتب المغامر أن مخزونه المعرفي قد أفرد جناحيه أخيراً فكانت العناوين أيضاً مثيرة وملفتة وهي “ألفية بغداد” و”ألفية الجنون” و”النبش والهذيان” و”الخوارج على الحب” و”إكليل الغرباء” و”هانامي الياسمين” و”هافامال” و”هانا واساكو” و”أيتام محمد” و”تغريدات الليل والوجد” و”نثريات حالمة” و”وتبقى دمشق” و”عُرمَة قمح” ورواية “مشرّد البوسفور”

لكل عمل من هذه الأعمال حكاية مختلفة، لكن خروجها للهواء الطلق بعد ذلك الصيام الطويل، جعل السؤال عن قيمتها الفنية والإبداعية حاضراً، لكن الكاتب لم يسع لتفسير الأمر بالحديث عن لغة جديدة يحلّق بها بعيداً في الآفاق بل إنه جعل كتبه مثل أطفاله كما يصفهم الكاتب في إحدى لقاءاته التلفزيونية، فهؤلاء الأطفال وُلدوا أخيراً لمواجهة الحياة وحدهم ربما ليعبروا عن سورية وحالاتها من 2003 لعام 2021 وربما عن العالم العربي وخيبات الحب والعشق والهوى، وربما ليعبر عن روح انسانية معذبة، فهو يتبنى “الكافكاوية” في قصيدته “حياة حشرة” وندائه لعشتار وجلجامش فيستعيد الأسطورة العربية بل وحتى الاسكندنافية في “هافامال” ويبحث عن الحبكة في شجرة الحياة وسدرة المنتهى، ويحاول جمع التراث والحداثة والإرث الديني والمكاني والزمان، وصولاً إلى مهاجمة العقليات الديكتاتورية ووصفها ب”الضفدع الأخير” بعد ثورات الربيع العربي في نثرياته الحالمة!

 تجربة محمد زعل السلوم، وشعوره بالاستلاب والغربة في وطنه، تكللت بإكليل الغرباء وبالتمرّد على الحب في “الخوارج على الحب” والإيمان بمعجزة تفتح الوردة عبر استلهام الأغنية اليابانية بعد كوارث اليابان الثلاث عام 2011 وعودتها للحياة إثر كارثة نووية صنعها الانسان وكارثتي الزلزال والتسونامي، ومعانقة أطفال اليابان وتوأمتهم بأطفال سورية في “هانامي الياسمين” في عزائه لنفسه بعيد مجزرة الكيماوي لأطفال الغوطة عام 2012 وكارثة هيروشيما عام 1945، فبكى على أطفال جديدة عرطوز عام 2012 في “أيتام محمد” وعلى شعب وطنه سورية المعذبة.

لقد حاول أن يكون شاعر اللحظة التقليدي واللا تقليدي بذات الوقت.  ساموراي الحياة وهو معلم اللغة الفرنسية للطفل الفلسطيني اللاجئ لعشر سنوات تقريباً وهو الذي ولد بدمشق لعائلة نازحة من الجولان عام 1979، وعاش معنى اللاجئ مبكراً، وفهم بفطرته معنى نهاية وطن، والبحث عن وطن آخر قبل لجوئه الثاني.

وحاول استلهام روح شاعر اسبانيا العظيم فيديريكو غارسيا لوركا في “إكليل الغرباء” وهو الشاعر الذي واجه فرانكو دكتاتور اسبانيا حتى إعدامه، وجماليات بابلو نيرودا في البساطة ولغة جاك بريفير البسيطة!

فكانت اللغة بالنسبة له كانت مختبر للكثير من المدارس فمن العبثية للسريالية للدادائية للرومانسية للرمزية، عبر ثقافة موسوعية، يستند فيها ومعها على دراسته الأدب الفرنسي بجامعة دمشق.

وبانتظار رأي القراء بما نشره السلوم، وفي انتظار اكتمال مغامرته مع موسوعة غينيس، يمكن تأمل الفكرة الأولى؛ يتحرر الشاعر من قيود وطنه، فينطلق بعيداً في الأمداء.