محمد زعل السلوم: الأدب النووي الياباني وأدب الكوارث السوري

0

ينقسم الأدب النووي الياباني لمرحلتين هما الأدب النووي الياباني ما بعد القنبلة النووية في هيروشيما وناغازاكي والأدب النووي الياباني ما بعد كارثة فوكوشيما النووية، فالأولى نتيجة عمل خارجي والثانية نتيجة صنع اليابان نفسها والتي نقلت الوحش داخلها وهو المحطات النووية لتعويض نقص الطاقة وحاجتها الماسة لها.

أدب القنبلة الذرية (غينباكو بونغاكو؟) هو نوع أدبي من الأدب الياباني يستخدم للإشارة إلى الكتابات المتعلقة بالقنابل الذرية لهيروشيما وناغازاكي ، وبالتالي القصف النووي بشكل عام. يمكن أن تكون هذه الصحف أو الشهادات أو الأفلام الوثائقية أو الشعر أو المسرح أو الأعمال الروائية القائمة على التفجيرات.

يتم تصنيف أدب القنبلة عموماً إلى ثلاث فئات مختلفة، يشار إليها باسم الأجيال

الجيل الأول من غينباكو بونغاكو هو الجيل المكون من الهيباكوشا، ضحايا القنابل النووية التي أسقطت في هيروشيما وناغازاكي. لذلك فإن هذا الجيل مؤلم بشكل أساسي. تمت كتابة العديد من هذه الأعمال بعد وقت قصير من القنبلة أثناء احتلال الحلفاء وبالتالي أثناء نشاط مفرزة الرقابة المدنية، وبالتالي تم إصدارها في السوق السوداء أو بعد ذلك. يشمل هذا القسم الأعمال الأدبية وكذلك الشهادات، لا سيما من الأطباء.

وأشهر كتاب هذا الجيل تاكيشي هارا والذي كتب (هيروشيما، أزهار الصيف) و(من تحت الأنقاض)، (مقدمة للإبادة). وكذلك الكاتبة يوكو اوتا التي كانت ضحية الأشعة النووية في هيروشيما وكتبت (مدينة الجثث) و(شظايا بشرية). والشاعرة والكاتبة اليابانية شينوي شودا التي كتبت (كفارة) وقد تجنبت وقتها رقابة الاحتلال عندما نشرتها، والشاعرة ساداكو كوريهارا التي نشرت (قدوم الحياة الجديدة) و(شاهد على هيروشيما) و(ووثائق عن هيروشيما بعد 24 عاماً)، والكاتبة كيوكو هاياشي ومن أعمالها (طقوس الموت) والشاعر سانكيشي توغي الذي نشر (قصائد القنبلة الذرية).

كما يمكن اعتبار مانغا كيجي ناكازاوا المعروفة باسم هيروشيما جين (هاداشينو غين)، من أدب القنبلة من الجيل الأول.

الجيل الثاني :

يتكون الجيل الثاني من غير الهيباكوشا وهم الذين كتبوا عن القنابل لمناقشة المزيد من القضايا الاجتماعية والسياسية التي يثيرونها. لذلك فإن لهذه الكتابات جانباً وثائقياً. ومن أشهر كتابها كينزابورو أووي الحاصل على جائزة نوبل وقد كتب حول هيروشيما (ملاحظات حول هيروشيما) والروائي ماسوجي ايبوسي الذي ألف الرواية الشهيرة (المطر الأسود)، وماكوتو أودا الذي كتب (هيروشيما).

الجيل الثالث :

يتطلع الجيل الثالث إلى المستقبل ويناقش عالم ما بعد النووي، مردداً صدى هيروشيما وناغازاكي دون أن يكونا موضوعين في الأعمال. مثل كوبي آبي وروايته الشهيرة (امرأة في الرمال).

أدب ما بعد كارثة فوكوشيما :

أما أدب ما بعد فوكوشيما عام 2011 اذ حصل زلزال وتسونامي اليابان العظيم في 11 مارس آذار 2011 فقد تسبب ب18 ألف ضحية ونزوح نصف مليون ياباني من ثلاث محافظات هي فوكوشيما وميياغي وايواتي، وتسبب انهيار محطة فوكوشيما النووية إثر الزلزال والتسونامي ومشاهد الحطام الهائلة في تغير الذاكرة اليابانية الابداعية، مثل الكاتبة ريوكو سيكيغوتشي ويوكو تسوشيما.

تمت مقارنة 11 مارس 2011 بأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وأصبحت فوكوشيما موضوع للتفكير فهي تشبه تشيرنوبيل كمسألة لم يتم حلها لليوم وعلى البشرية القبول بها، وأصبحت مثار اهتمام الأدب العالمي مثل هيروشيما وناغازاكي. وقد اشتهر أيضاً الشاعر الياباني واغو ريوئيتشي الذي أصر على البقاء في فوكوشيما ونشر منها عبر تويتر نمط جديد من الشعر الياباني، الذي تحول لشعارات يطبعها اليابانيون على قمصانهم. كما امتلأ أدب الزلازل والتسونامي الياباني بأصوات الحطام الهائلة والهروب للجبال والجياد التائهة، إضافة لقصص الناجين والمانغا والتصوير الضوئي في وصف زلزال توهوكو العظيم 2011.

أدب الكوارث السوري :

أما أدب الكوارث السوري فهو قديم أيضاً فهناك أدب النكسة على سبيل المثال مثل سعد الله ونوس في مسرحيته الشهيرة (حفلة سمر من أجل خمسة حزيران) و(الفيل يا ملك الزمان) وكذلك الشاعر محمد الماغوط الذي كتب مسرحية (الغربة) و(كاسك يا وطن) و(ضيعة تشرين) و(خارج السرب).

وقصائد نزار قباني أشهرها قصيدته ( هوامش على دفتر النكسة) و(أجراس العودة هل تقرع؟) في رده الشهير على أغنية فيروز (أجراس العودة فلتُقرع).

كما أبدع زكريا تامر في مجموعاته القصصية مثل (دمشق الحرائق) بأسلوبه الرمزي الساخر، وبعد ثورة 2011 في سورية انتج الأدب السوري أكثر من 500 عمل روائي مثل أعمال فواز حداد كرواية (السوريون الأعداء) ومها حسن مثل رواية (عمت صباحاً أيتها الحرب) و(حي الدهشة)، ورواية (الطريق إلى الزعتري) لمحمد فتحي المقداد وأعمال ابتسام شاكوش الروائية مثل (ابن المجرم) والكثير الكثير من الأعمال الفنية والشعرية، كما كتب خالد خليفة رواية (الموت عمل شاق)، وسمر يزبك في روايتها (المشاءة)، وابراهيم جبين في روايته (عين الشرق).

وحتى إذا عدنا للوراء قليلاً أي عصر الانتداب الفرنسي وقبلها عصر النهضة والقومية العربية زمن العثمانيين نجد الكثير من الصحف التي أنتجها السوريون وأذكر صحيفة المضحك المبكي في عهد الانتداب الفرنسي، وكانت في كثير من الأحيان تلعب لعبة القط والفأر وأحيانا تتعرض للإغلاق ولكنها تمكنت من الاستمرار وبسخرية لاذعة على أزمة التعامل مع الانتداب والتيارات السورية على تنوعها آنذاك. ويمكن تصنيف الأدب السوري أيضاً إضافة لأدب الكوارث السورية لأدب اللجوء أيضاً وأدب الثورة. الأدب الذي عبر تارة عن الرفض والألم ودور الضحية في مواجهة الجلاد. فهناك من وثق في أدبه وهناك من عبر برمزية مثل نجم الدين السمان، وهناك من عبر عما بعد الكارثة في بلاد الملاجئ المختلفة,

*خاص بالموقع