محمد بنيس: سأبصرُ ما بَناهُ الأقدمونَ لموتهم

0

نهْرٌ

أصَاحِبُ خَطْوَهُ

ثمِلًا

سأبْصرُ ما بنَاهُ الأقْدمونَ لموتِهم

أحْجارُ أعمدةٍ مُشَرَّبةٍ

بأصْفَى زُرقةِ الأْروَاحْ.

قبابٌ بيَن أسْوَارٍ

تطوفُ بجَزْعِهَا وعَقَيقِهَا

تتْلُو

عليْكَ

سُلافَةَ الأقْدَاحْ.

قِلاعٌ في النّهايَةِ

هَلْ هو الذهبُ الذي لمعَتْ

دوائرُ شكْلهِ

أمْ وحْدَهُ الأشْبَاحْ.

مدَارجُ

لَمْ تنَمْ منْ قبلُ

ثمَّةَ شاعِرٌ

يدْنُو

ويصْعَدُ رافعًا يدَهُ

التي ظلّتْ تُضيءُ

بياضُها مصْبَاحْ.

معابِدُ

كلّما أحْصَيْتُ بضْعَ فَراسخٍ

عَادتْ لتنْشأَ

حيثُ يكتملُ العرَاءُ

وحيثُ

تسْمعُ جوقةً

تصطفُّ في غُرفٍ منَ الياقُوتِ

يكْسُو

صوْتَها ليلٌ منَ الأمْدَاحْ.

تلكَ الهياكلُ مُظلِمَاتْ

تلكَ الهياكلُ ما سأُبصِرُهُ

بيْنَ الأنا والهُوَ

تحْضُر أنْتَ

نُقطَتُكَ التي فاضَتْ مِنَ النّر القديمِ

وقد سَكنتُ إليْكِ

هَلْ

مَاضٍ مضَى

أمْ أنَ وارِدَك الّذي يأْتي

سيحْفِرُ صوْتَه

ودُخانَهُ

فاخْتَرْ لهذا الآنَ

نُقْطتَك الّتي نزَلَتْ علَيْكْ.

هيأتُ للعينين مركَبةً من الكَلِماتْ

ونفخْتُ في طُرقي

اتْبعي نهْرِي

مَدَاكِ.

يصونُ أبْعدَ ما رأيْتُ

مصائرُ ضِفّتيكِ تضجُّ صلْصةً

شراعُكَ لن يكونَ سِواكْ

ودفّتُكَ انشقاقاتٌ

تكاثَر حدُّهَا

أبدًا

يغورُ العمقُ

نهرٌ 

يرتمي

بين

اختفاء

مسالك

النّهرين

كيفَ تقولُ للأفُقِ الذي أبصَرتَ

أنتَ أنا

وتحْتَ الأفُقِ أُفقٌ 

هادرٌ

يسعى

مُرَادُكَ

أنْ يُعيدَ الضّوءُ

أبعَدَ

ما تراهُ

إلى يديْكْ.

*قصيدة “ما بناه الأقدمون” منشورة في مجموعته الشعرية “نهر بين جنازتين“، الصادرة عن “دار توبقال للنشر” عام 2000. 

*الترا صوت