خصصت مجلة (الجديد) الثقافية الشهرية التي تصدر من لندن، في عددها رقم (92) الصادر أخيراً عن شهر سبتمبر (أيلول) الحالي، ملفاً خاصاً عن الأديب السوري خيري الذهبي الذي رحل في يوليو (تموز) الماضي، بعنوان «طائر الجنة المفقودة»، ونشرت فيه حواراً مع خيري الذهبي أجراه الناقد الفلسطيني أنطوان شلخت عام 1993 ونُشر في صحيفة (الاتحاد) التي تصدر من يافا، وحمل عنوان: (القص ديوان العرب)، وفصلاً من كتاب الذهبي (محاضرات في البحث عن الرواية) الصادر عام 2016 بعنوان: (دون كيخوته نبي النهايات وشاهد البدايات)، وكذلك فصلاً من الكتاب الذي صدر بعد رحيله بعنوان (عود ثقاب قرب حقل جاف).
وضم الملف العديد من الدراسات مثل (رفيق الطيور الذي لازمته من بيته الشامي إلى قبره الفرنسي) للكاتب إبراهيم الجبين، وجاءت دراسة الناقد محمد منصور بعنوان: (دمشق خيري الذهبي: الروائي الشارد الباحث عن التحولات)، وقدم علاء الرشيدي في مقالته (الترحال وراء الرواية) قراءة في كتاب خيري الذهبي (محاضرات في البحث عن الرواية)،
وتناول ممدوح فراج النابي يوميات خيري الذهبي: (من دمشق إلى حيفا: 300 يوم في إسرائيل) الصادرة عام 2019 متوقفاً عند إشكالية تجنيس الأعمال الأدبية التي تطرح نفسها إزاء هذه اليوميات.
ونشرت المجلة في الملف، العديد من شهادات أصدقاء خيري الذهبي كالروائي فواز حداد والناقد السوري خلدون الشمعة، والباحث أحمد برقاوي، والكاتب العراقي عواد علي والسوري يوسف وقاص والكاتب الفلسطيني أحمد سعيد نجم، الذي روى في شهادته المعنونة (ذات يوم في كهف الرعب) ما عايشه عن حضور خيري الذهبي الشجاع والمعارض داخل المؤسسات الثقافية في بلده، والتي قادته ذات مرة إلى مراجعة فرع المنطقة وإطلاق وابل من الشتائم للنظام داخل الفرع، واصفاً إياه بـ«المقتحم كأسد، والوديع كطفل، وسط خريطة الكتاب والمبدعين السوريين، الذين ظل النظام السوري رغم كل ضراوته، يحسب لهم ألف حساب»
أما شهادة الكاتب فارس الذهبي نجل الأديب الراحل، فقد جاءت بعنوان (علم الجمال الذهبي) وذكر فيها أن «علم الجمال كما ترجمه خيري الذهبي في رؤيته الحياتية وفي أعماله الإبداعية يستند إلى فكرة الزمن وعلاقته بالمخلوقات، فعمر الجمال قصير، والجمال عموماً هش ويحتاج إلى النصرة في مواجهة القبح… فكيف لنا إطالة عمر الجمال في بلاد لا تحمي الجمال ولا الإنسان… لذلك فلقد عزل نفسه لسنوات طوال في معتزله الريفي بحثاً عنه، ومتابعاً له مثل مدمن عاشق يحتاج كي يعيش إلى جرعات يومية، يجدها في أزهار الكرز تارة، أو في حبات العنب تارة أخرى، ومرات في تربية الطيور ومنها تربية الحمام بأنواعه والطاووس والدجاج الياباني وديك الحبش… أذكر مرة أنه بنى غرفة صغيرة ليكون الحمام الأبيض فيها، وصنع لها كل مستلزماتها من مأكل ومسند ومشرب، وحصن البرج الصغير بشبك كثيف، ولكنه بعد شهر تقريباً ذهب إلى هناك ليجد أن جرذاً من هذا العالم قد دخل إليها ليلاً ومزق عشرين زوجاً من الحمام ليس ليأكل فقط، بل لرغبة فيه بالقتل… كما قال… وفي تلك المرة رأيته دامعاً لأول مرة في حياتي… وهو يرفع الريش الملطخ بالأحمر بعيداً مع ما تبقى من حلمه».
*الشرق الأوسط