“مباهج الانتحار الإحدى عشرة وقياس المراوَغات في أحوال جلال الدين الرومي”، عنوان رواية جديدة للشاعر والروائي السوري سليم بركات، صدرت حديثاً عن “المؤسّسة العربية للدراسات والنشر” بعد 29 رواية و25 ديواناً شعرياً لبركات.
تجري أحداث الرواية التي جاءت في 496 صفحة، على أرض شبه جزيرة من بلد غريب الجغرافيا قليلاً، اسمه “إيلانتِس”، لا شيء يبدو فيه مأساوياً في طرق المعيشة ونظام الحُكم. وعلى تلك الأرض يعيش شخص يُدعى “سِيْكيْن.
من عوالم الرواية
ومما جاء في الرواية، بحسب اقتباسات خصّ بها بركات صحيفة “القدس العربي”: “إيلانتِس، كان في ماضيه مملكة. عواصف غبار شبه دائمة. أرض من تراب بركان قديم، بشواطئ شديدة الانحدار على بحر منخسف المستوى. تفاصيلُ نشوء الدولة ومواردها في ذلك المكان المنعزل تجعلها أليفة، يتمتع بخصائصها سكان الدولة وزوارها للاستجمام في المنتجعات على ضفاف بحيرتها، ولزيارة البركان استمتاعاً بمعالمه.
لا شيء يبدو مأساوياً في طرق المعيشة ونظام الحكم. إلاَّ أن شخصاً يُدعى “سِيْكيْن” مهووس بماضيها حين كانت الدولة مملكةً. يعيش أوقاتاً في ذلك الماضي بذاكرته التي كأنها تحتفظ بسجلٍّ من زمن قديم عاش فيه بعض الوقائع داخل قلعة الملك الذي أسس المملكة، قادماً بشعبه من شرق البحر إلى تلك الأرض القاحلة من حول بركان خامد، لا يصلها بأرض أخرى سوى ممر ضيق طويل من الصخر.
ملك أعزب يتزوج زوجة أخيه بعد قتله بتهمة التآمر عليه. ينجب منها إبنة وإبناً. حين تبلغ الفتاة سنة الخامسة عشرة يتخذها أبوها عشيقة معلنة أمام زوجته وحاشيته. الأم تقتل ابنتها وتهرب بابنها. يحاول الملك العثور عليها إحدى عشرة سنة محترق القلب رغبة في الانتقام. لا يعثر عليها فينتحر.
لا تركِّز الرواية كثيراً على تلك الوقائع من زمن الدولة حين كانت مملكة. إنها تأتي في سردٍ متقطع بين الوقائع الأساسية الأخرى للرواية في الزمن الحديث لتضيف الكثير من جاذبية السرد في توسيع المشاهد الغنية جداً. لكن ذلك الماضي الملكي يظل يراود خيال سيكين بإلحاح، حتى أنه يصير تبريراً لإقدامه على انتحارات متواصلة: “سأصحح خطأ المكان”.
لا يبدو في واقع المكان ما يدعو إلى تصحيح خطئه، على الرغم من أن كل مكان فيه من الخطأ ما ينبغي تصحيحه. انتحارات سيكين معلنة أمام الجميع. يحدِّد مواعيد الإقدام عليها، لكنه لا يبوح بالموضع الذي سينتحر فيه ولا بطريقة الانتحار. الآخرون يتبلَّغون تصريحاته بالانتحار بطريقة عادية لا استغراب فيها. لكنهم يأسفون دائماً لجوابه: “انتحاري لم يعجبني” إذا سألوه عن أحاسيسه بعد الانتحار…”.
*تلفزيون سوريا