ماريو بوخوركيس: قصيدة الكراهية

0

كلّنا يملك ذرّة كراهية
خيطاً رفيعاً
يلوّن يومه بالأزرق
داخل سرير معتم
من أزهار المغنوليا

كلّنا يملك ذرّة كراهية
تنز عصارتها
وتضع إطاراً من السعادة
لتفتح زهورها
وفاكهتها الرخوة

لكن يا للبِحَارِ..
ويا للهُوَاتِ العاصفة
تخبط الصدر
وعوض أن تبسم
تشهر براثن وأنياباً
يرفع البحر
تنّورتها المزهرة
وتحت جلدها تنمو
موجة أخرى متناثرة
في فراغ جسارتها المرنة

يُصَعِّدُ البحر كراهيته
يرتج الدَّوِيُّ
مع جدران الماء العزباء
وفي الخلف بعيداً
تأتي موجة أخرى
خميرة أخرى
شكل آخر سرّي
يضفيه البحر على كراهيته
يمتد إزاراً من الزبد
يعلو بُرجاً
مرصّعاً بالاستعجالات
هو نُصْبُ مائي
لغضب بلا مكبح

كلّنا يملك ذرة كراهية
وحين يشتعل الحديد
في الجوانب
التي عليها علامات
وتُشَمُّ رائحةُ اللحم المشوي
تكون الصرخة العميقة
يكون قناع النار
الذي يضرم الكلمات

كلنا يملّك ذرة كرّاهية
وقلوبنا التي صُمِّمَتْ
لتستضيفَ الحب
تلوي اليوم عضلاتها
وتضخ عصارات غيظ يائسة
قلوبنا التي في زمن ما
تُقلِّصُ أليافها وتنفجر

كلّنا يملك ذرّة كراهية
ناراً عالية تحرقنا من الداخل
رمحاً فتّاكاً يثقب أعضاءنا

نعم…
فحيث كان في السابق
دم ساخن
إزهار عظام متفجّرة
نخاع دون سوس
بدأت الكراهية
تنمو عندنا
بعناد وإصرار
بلسانها المحروق
بالخل الفظيع للامعنى

كلّنا يملك ذرّة كراهية
وحين يتحرّك المؤشّر
مرسلاً إشارة نارية
وحين يطبع في الهواء
علامته القدحية
ويتحرّك كتيبة
تلو كتيبة
فيا لوابل التأنيبات الحمضية
ويا للقارات الصعبة التي تنقبض
الإيماءة
إشارة اليد
التكشرية
الأصبع المُتَهِم
والظُّفر
يا للظُّفر
ترس مٌقَوَّس
تغرزه في الصدر

كلّ منّا لديه ما يؤاخذه على العالم
حصّته غير المتكافئة
من المتعة والحزن
ميزته البطيئة الساخطة
في أن يظلّ بعيداً في الجانب الآخر
حيث تنغلق الأيدي بصخب
متشبّثة بهواء خيبة الأمل
ولم لا كذلك
تجربتُه الحدّية
ووهنُه الأقصى
وعدمُه الأعمى
وعجلته وضياع الفرص من يديه

كلّ منّا لديه ما يقوله عن الآخرين
ومع ذلك نصمت
لكن دائماً
وخلف ابتسامة الأسنان
السعيدة والكاملة
والشديدة البياض
في أحلامنا
نحطّم وجوهاً
وأجساداً
ومُدناً
ولا أحد بإمكانه
إيقاف ثورتنا المجنونة
نحن المجرمون المبتسمون
ومشعلو الحرائق
والجلّادون اللطفاء.


في ناحية ما من جسدنا
هناك منبّه مفاجئ
منبّه حرارة يرسل نبضاته
وكأنما يهتف:
اللحظة!
فنحس بالدم الملوّث العميق
يكاد يقفز من عيوننا
بصريف الفكّين
يمضغان جرعات من الهواء السام
بشحنة الكهرباء
تخترق العمود الفقري
بفأس تحطّم البيانو وتطحنه
بالزغب واللحي
وكيس الخصيتين
يخشوشن كقنفذ ضخم
باليدين تنتفخان بعروق مُزْرَقَّة
بالجسد يرتج
يهتزّ اهتزازات عنيفة
كل ذلك يستغرق بالكاد ثانية
لتأتي موجة دم أخيرة
مؤكسجة
وتعيد إلينا هدوءنا.

المصدر: العربي الجديد

المترجم: عبد العربي غجو

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here