في الفنون التشكيلية والفلسفة، وبدرجة أقل الأدب، تغيب المرأة كمؤلّفة فتحضر في شكل استثناءات ليس أكثر. ليس تاريخ الموسيقى استثناءً، خصوصاً على مستوى التأليف، حيث نجد هيمنة رجالية واضحة من فيفالدي إلى سترافينسكي. لكن هل تاريخ الموسيقى مرآة صادقة؟
من هذا السؤال انطلق مشروع بحثّي تمخّض مؤخراً عن إطلاق موقع في فرنسا بعنوان “ماتريموان” وهي كلمة لن نجدها في أي معجم فقد جرى التلاعب بكلمة Patrimoine، وتعني التركة أو الميراث، وهي مشتقة من مفردة الأب، وكأن الميراث لا يأتي إلا في سياق ذكوري، ومن هنا تأتي فكرة الموقع؛ فعنوانه يعني أنه بصدد تقديم تراث أمومي – نسوي، بما أنه يجمع المؤلفات الموسيقية التي ألفتها النساء.
يتخصّص الموقع في الموسيقى الكلاسيكية باعتبارها إحدى التجسيدات الكبرى للثقافة الغربية، والتي انعكست فيها النزعة البطرياركية بامتياز. بذلك فإن الموقع يطمح إلى “إضاءة النصف البعيد الضوء من كوكب التأليف الموسيقي” بحسب عبارة تقديمية ترد فيه. كما جرت الإشارة إلى أن الموقع ليس سوى تتويج لعمل بدأ منذ 2006 برعاية “جمعية المؤلفين والمنتجين الموسيقيين” في فرنسا.
في تصريح لها في جريدة “لوموند” الفرنسية، أشارت إحدى المشرفات على الموقع، كلير بودان، إلى أن الموقع لا يريد أن يبدو مثل جزء من “موضة نسوية”، فالهدف ليس إعادة كتابة التاريخ الموسيقي من زاوية نسوية وإنما إكمال نواقص.
لدى إطلاقه، ضمّ الموقع قرابة 700 مؤلفة موسيقية أقدمهنّ الإيطالية فرانشيسكا كاتشيتني في القرن السابع عشر، أما أحدثها فهي المؤلفة الموسيقية الفرنسية كامي بيبان (مواليد 1990) وهي إحدى المشاركات في تصوّر المشروع. ويطمح الموقع إلى توفير توثيق دقيق لـ 4660 مقطوعة تتضمّن توضيحات حول سياقات تألفيها وكيف عُرضت أوّل مرة. كما أن الموقع أعلن بأن لديه أرشيف أوسع سيجري طرحه بانتظام من باب إنشاء تفاعل مع الباحثين.
*العربي الجديد