حبيب عبد الرب سروري، كاتب وروائي يمني
أوراق 19- 20
الملف
قبل مساهمتي في مهرجان العجيلي للرواية العربية، في عام 2008، وبعده، كنتُ قد ساهمتُ في مؤتمرات أدبيّة عربيّة رسميّة، هنا وهناك، لم أعد اتذكّرُ من معظمها شيئا أحيانا؛ فيما ظلّ مهرجان العجيلي، بكلِّ تفاصيله تقريبا، مطبوعاً في ذاكرتي.
بخلاف بعض تلك المؤتمرات التقليدية، الرديئة أحيانا، حيث تسود اللغة الخشبيّة والالتزام للنظام الحاكم، ووزارات ثقافته الفجّة، على نحوٍ مضحكٍ أحياناً، كان مهرجان العجيلي بمستوى الشخصيّة التي يحملُ اسمَها: الأستاذ الكبير عبد السلام العجيلي: ثريّا أدبياً، مستقلّاً تنظيميّاً، راقياً وقديراً، ومملوء بنشاطات فنيّة وثقافية حميمة لا أنساها.
اتذكّر: رحلتي من دمشق إلى الرقّة بالسيارة، في الفجر، تحت شروقٍ ساحر، وما تركتْهُ من آثارٍ عاشقةٍ للمناطق التاريخية التي عبرتُها؛ المستوى الراقي للنقاشات والتفاعلات خلال المهرجان، في فضاءٍ ثقافيّ راقٍ جداً، جادٍّ ومرح.
أتذكّر: جودةَ التنظيم للمهرجان، الحفل الغنائي الختاميّ الذي رقصنا جميعنا فيه رقصات متنوعّة، الوجبات الجماعيّة الكريمة واللذيذة في جوٍّ عائليٍّ حميم…
لعلّ ذلك المهرجان عمّقَ علاقتي بكثيرٍ ممن تعرّفتُ عليهم فيه، وزادها حميميةً بسوريا أبي العلاء المعرّي (كتبتُ روايتي “تقرير الهدهد” عنه، بعدها، وقلبي يسرح في ديارٍ سوريّة قريبة من مدينة الرقّة، وتحت تأثيراتٍ جانبيّةٍ للمهرجان).
لعلّي، بسبب كل ذلك، وجدتُ نفسي مع الثورة السوريّة من أجل الحريّة والكرامة والديمقراطية، من أوّل أيامها؛ وضدّ الإرهاب الداعشيّ الظلاميّ المرعب الذي جعل الرقّة عاصمةً له، منذ أوّل لحظات دخوله على الخط؛ وبطبيعة الحال، ضدّ كل الخرائب التي سبّبها إرهاب النظام الحاكم، وكلّ التدخلات الأجنبية التي دمّرت سوريا واستعمرتها…
لا أبالغُ إذا قلتُ إن حبّي لسوريا، ولطلائعها المثقفة اللامعة التي تربطني بهم أروعُ العلاقات، ازداد وتجذّر بعد ذلك المهرجان الذي لا أتمنى أكثر من عودته مجدداً، في سوريا حرّة ديمقراطية…