عن رحلة محمود درويش إلى مصر، والسنوات التي قضاها في القاهرة (ما بين 1971 و1973) قادماً من موسكو، وعمله بصحيفة «الأهرام»، وما أثاره وجوده من مظاهر تعاطف متباينة في أوساط الشعراء والمثقفين، وكتاباته المتنوعة في تلك الفترة ما بين الشعر والمقالات ذات الطابع السياسي، صدر عن «منشورات المتوسط» بإيطاليا كتاب بعنوان «محمود درويش في مصر – المتن المجهول»، للكاتب والصحافي المصري سيد محمود.
يقع الكتاب في 336 صفحة من القطع المتوسط، ويتتبع فيه المؤلف بشكل استقصائي تفاصيل هذه الرحلة متوغلاً في متنها وهوامشها، كما يكشف عبر مجموعة من الوثائق، تُنشر للمرة الأولى، كثيراً من الوقائع المستترة في ظلالها، خصوصاً أنها جاءت في توقيت سياسي بالغ الدقة إقليمياً، وفي الداخل المصري، وكما يصف الكتاب: «فحين وفد الشاب الثلاثيني إلى مصر، كان هناك مسرح سياسي متكامل، وخشبة جاهزة، والكل في انتظار بطل يعتلي هذه الخشبة ويشغل المكان، لأن أصحاب المواهب الراسخة هدَّتهم الهزيمة».
يرصد الكتاب الظروف التي دفعت درويش لمغادرة موسكو إلى القاهرة، وعلاقتها بموضوع الصراع العربي – الإسرائيلي، وما فرضه من خيارات أمام الفلسطينيين في الداخل والخارج، بعد نكسة يونيو (حزيران) 1967، ومذبحة سبتمبر (أيلول) 1970 التي تعرض لها الفلسطينيون في الأردن.
يقول سيد محمود في مقدمة الكتاب: «أحسب أنها المرة الأولى التي سيتاح فيها للقارئ التعرف على مُجمل إنتاج محمود درويش في تلك الفترة، ليس فقط إنتاجه الشعري، إنما أيضاً المقالات التي كان يكتبُها في مجال التّحليل السياسي، والتي تُنشر هنا كاملة لأوَّل مرَّة، مُرفقة بنسخة طبق الأصل عن صورتِها المنشورة في صحيفة (الأهرام)».
يتحدث درويش عن القاهرة في سيرته الذاتية قائلاً: «كنتُ أصحو من النوم وكأنني غير متأكد من مكان وجودي. أفتح الشباك، وعندما أرى النيل أتأكد من أنني في القاهرة. خامرتني هواجس ووساوس كثيرة، لكنني فُتنتُ بكوني في مدينة عربية؛ أسماء شوارعها عربية والناس فيها يتكلمون بالعربية. وأكثر من ذلك، وجدت نفسي أسكن النصوص الأدبية التي كنت أقرأها وأعجب بها. فأنا أحد أبناء الثقافة المصرية تقريباً والأدب المصري. التقيت بهؤلاء الكتّاب الذين كنت من قرائهم، وكنتُ أعدّهم من آبائي الروحيين».
*الشرق الأوسط