ميديا شيخة، شاعرة كردية مقيمة في ألمانيا.
مجلة أوراق العدد 13
شعر
قامشلو
مسافرةٌ أنَا إلى غيابي الطويلِ
أحملُ تميمةَ حُبِّكِ،
ودموعِي المنذُورةِ لقامتِكِ،
بابتسامةٍ واسعةٍ تحتَ الأنقاضِ
رقدتِ.
لم ينتبِهْ أحدٌ حين مرَّ الشيطانُ
برائحتَهِ النتنةِ وصفقَ بيديهِ.
تاركًا للصمتِ أنْ يحدثَ الأثرَ.
أواااااااه…
حقلٌ من السكاكينِ نبتَ في صدري بعدَهُم
نبشَ في أكوامِ الأغنياتِ المرميةِ أمامَ الدارِ
وأمنياتِ غدٍ تشرقُ من بين أصابعِكِ
ودندناتِ صوتِكِ مذ كنتُ أحبو
أواااه….
كنتِ تغنين بمجدٍ مشرقٍ
وأيّةُ متعةٍ تلك..
والجميعُ نيامٌ
على أرضكِ اليانعة بالحُبِّ في ذلك اليومِ من التقويمِ!!!
شوارعُ قامشلو ترتدي الحدادَ الآنَ
وأنا يمزقني الألمُ ويعصرُني الحزنُ
أتوقُ… أتوقُ ملءَ القلبِ إلى ذاك الصدى:
خذلان
دفقةُ الشهبِ
التي أنارتْ بغتةً وجهي
لمْ تهطلْ.
يا اشتعالَ القلبِ
بالنيزكِ اللعوبِ
ويا اكتواءَ الروحِ
بلظى مجرةٍ
تتهاوى كالقيامةِ
ولا تهوي.
يا أيَّها الألمُ
المسافرُ إلى الدمعةِ
هاك رنينَ ذاكرتي
المثقلةِ بالمخاضِ
والزغاريدِ التي تخثرتْ على شفاهي
ولم تهطلْ.
وأنتَ أيُّها الموتُ
المتربصُ خلفَ البابِ
تجرُ بكاءَ الأمهاتِ
إلى صدري
ولم تكترثْ
بالعويلِ الذي هرسَ السحابَ
تدخل،
ثم تمضي بصمتٍ آسنٍ
خلفَ تنهيدةٍ معلقةٍ في الحلقِ،
قالوا لم يوارِ روحي أحدٌ تحتَ الترابِ
كلااااا…
ليس الآن
من يأتي بأجلٍ غير مسمى
كما البرق يشقُ عتمةَ الليلِ!
ما فاتَ لمْ يأتِ
يا ليتَ للوقتِ ظلًا وقبعةً
لأشهرتُ خنجري الصدئ من غمدِهِ
ولوحتُ بقفطاني لجحافل الغيمِ
حتى ينهمر وابلًا.
أماه..
كيفَ لي أن أتجرعَ الوجعَ دونَكِ؟!
كغرابٍ لفظتهُ المدائنُ الشاحبةُ
ألملمُ عطرَ أحاديثِكِ
وأكفُّ عن مكابرتي،
لأستجدي وجهَكِ من مهبِّ الغيابِ
حتى الدمعُ خذلني حولين
إلا جذوة الحبِّ من حليبِكِ
لا تضمحلُ في مساماتي وأوردتي.
أماه..
حولانِ من جحيمِ الوقتِ
وأنا عاصفةٌ من الحزنِ
أكابرُ،
وأشرعُ ضفائري للريحِ
كي تنثرَ رائحةَ أصابعِكِ
على وجوهِ الناسِ
أماه..
إياكِ أن تطأً قدمُكِ الأرضَ من دونِ أسماءِ اللهِ
فالجانُ يتخذونُ حتى أشكال الحشرات.
وكنتُ أذكرُ اسمَكِ…
وحفيفَ قفطانُكِ يهمسُ لي من الغرفةِ الأخرى.