«قصص من آيرلندا» تستعيد تراث جيمس جويس

0

عشرة مؤلفين من الأجيال الجديدة في الأدب الآيرلندي تجمع بينهم مختارات قصصية تحمل عنوان «قصص من آيرلندا» صدرت مؤخراً عن دار «العربي» بالقاهرة لمجموعة من المترجمات.
اختيرت قصص المجموعة بعناية لتمثل التيارات الأحدث عبر عدة أصوات مدهشة، أطلقت عليهم صحيفة «الغارديان» البريطانية لقب «ورثة جيمس جويس»، الكاتب الآيرلندي صاحب الأسلوب الأدبي الفريد.
اللافت أن هذه القصص مختلفة تماماً عن بعضها بعضاً، وتقدم للقارئ أبطالاً يواجهون مواقف صعبة ومحورية تساهم في تغير دفة حياتهم. تقع الأحداث بين الريف والمدن الصغيرة والمناطق الحضرية، وتبدو كذلك الشخصيات متنوعة، من مراهق وشاب في مرحلة البلوغ إلى عجائز محملين بالحكمة، وغيرها من الشخوص التي جعلتها الحياة وتجاربها وآلامها صلبة رغم طابع الحزن والشجن الذي يسم معظم نهايات القصص.
جاءت نصوص الكتاب على النحو التالي، «غياب» للمؤلفة كرستين دويرهكي، «أن تكون في مكان ما» سيوبهان مانيون، «خمسون عاماً من الشتاء» سارة بوم، «آخر أيام البقرة» كيفن باري، «حيث المياه أكثر عمقاً» كلير كيجان، «فيستوس» جيرارد دونوفان، «كل شيء حتمي في هذا البلد» كولوم ماكان، «أغنية أختي» لوسي كالدويل، «العودة» ديرموت بولجر، «دماء وماء» إليش غوجنا. أما المترجمات فهن: يارا كمال، نيرة إبراهيم، ريم عبد الرحمن، يمنى خالد، رانيا صبري علي.
ويحظى الأدب الآيرلندي المعاصر بشهرة واحتفاء عالميين، فعلى الأقل فاز أربعة كتاب آيرلنديين بجائزة نوبل في القرن الماضي، رغم أنهم لم يفوزوا بها لأنهم من مؤلفي القصص القصيرة، فحتى الآن كانت الدراما والشعر هما أكثر ما استقطبا الجوائز العالمية. ومع هذا، تمثل القصة القصيرة دون شك جزءاً أساسياً من المشهد الأدبي الآيرلندي خلال القرن الماضي، حيث اهتم المؤلفون الآيرلنديون بهذا النوع الأدبي وطوعوها لكي تشبع احتياجاتهم فأصبحت عاملاً أساسياً في التعبير الأدبي.
وتعد قصة «الموتى» (1914) لجيمس جويس واحدة من أشهر القصص القصيرة في عالم الأدب، وهي تُدرس تقريباً لكل تلاميذ المدارس في آيرلندا، إضافة إلى أشهر مجموعاته القصصية «ناس من دبلن». ولجويس تأثير كبير على كل الكتاب الطموحين من الأجيال الجديدة في آيرلندا، حتى أن معظمهم يطمحون إلى الخروج من تحت مظلة تأثيره الكبيرة، كما تشير شينيد ماك أدوها، المحررة بالمؤسسة الآيرلندية للأدب، في تقديمها لتلك المختارات القصصية.
من قصة «غياب»، ترجمة يارا كمال، نقرأ: «أكثر شيء لاحظه هو الصمت. جلس على المقعد الخلفي. التاكسي الذي ابتعد عن مطار دبلن واتخذ طريقاً سريعاً لا يتذكره وعلى يمينه ويساره سيارات وسائقون جامدون مثل الدمى. فكر في طريق مومباي السريع، كل يوم ينظر الناس من نوافذ السيارات ويشكون أو يتضرعون إلى السماء. ارتفعت أبواق السيارات الغاضبة وبطريقة ما بدت كل تلك الضوضاء المتبرمة التي تكاد تفجر الرأس كأنها احتفال بشيء ما.
تعلم فرانك ألا يتوقع حال الطريق السريع في الهند، حيث يتكوم الشباب الصغار على الموتوسيكلات ويتعثر الرجال كبار السن ذوو الوجوه الصلبة في الأمتعة أعلى الباصات ولكن ما لم يتوقعه هنا هو هذا الفراغ.
تملكه شعور بأنهم يسيرون في الطريق الخطأ وعندما ظهرت لافتة تشير إلى باليمون تساءل ما إذا كان السائق لم يسمعه جيداً. فكر أن يسأل السائق لكنه لم يرد أن يبادر بإنهاء هذا الصمت. في المطار، في الوقت الذي كان يضع فيه أمتعته داخل التاكسي، كانت كلمة واحدة كافية لبدء محادثة ولكنهما تبادلا نظرة في بضع ثوان معدودة اتفقا خلالها أن يترك كل منهما الآخر وشأنه».

*الشرق الأوسط