عن الدار المصرية اللبنانية صدرت رواية ” قارئة القطار” وهي العمل الأدبي الأحدث للكاتب المصري ابراهيم فرغلي تنضم إلى مجموعة أعماله الروائية والقصصية.
يقول فرغلي : هذه الرواية بالنسبة لمشروعي الرواية تأتي في إطار محاولاتي المستمرة للجمع بين مسارات تبدو متباينة لكنها ترتبط بشكل ما. في هذه المرة محاولة الإيهام بحالة واقعية هي تجربة مسافر على متن قطار، تتحول إلى واقع ملتبس بالخيال أو الحلم، وافتراض عالم خيالي يتم التعامل معه باعتباره الحقيقة، بما يحول السؤال بالتناوب بين مدى قدرة الإنسان على إدراك ما يظنه الحقيقة.
ومن حيث المضمون تأتي في إطار سؤال عن العقل انشغلت به منذ فترة، وبدأت التفكير في هذه الرواية التي تتأمل معنى الذاكرة بالنسبة للفرد، وبالنسبة للمجتمع وعلاقتها بالتاريخ بالتالي. وفي الوقت نفسه كنت انشغلت بموضوع العقل والعقلانية وبدأت في كتابة رواية أخرى، تتناول سيرة خيالية لشخصية عرفت بالعقلانية. وراحت كل من الروايتين تعطل الأخرى حتى قررت قبل عدة شهور حسم الصراع لصالح قارئة القطار، خصوصا أيضا وأنني كنت أحاول إعادة تأمل جذور الثورية في الشخصية المصرية، وإعادة قراءة أحداث الثورة العرابية في هذا الإطار، وكنت أنتظر إتمام بعض القراءات حول الموضوع وبعدها وضعت المسار النهائي للرواية كما نشرت.
يجمع إبراهيم فرغلي في روايته بين أدبيات “رواية الطريق” حيث تتحقق الأحداث بأكملها من خلال رحلة أفقية، وبين التأمل العميق للأفكار والهواجس، ويمزج ببراعة بين مستويين، أحدهما واقعي والآخر حُلمي يجعلنا عالقين في مسافةٍ ضائعة، شديدة الالتباس، بين ما نظنه الواقع وما نعتقد أنه الخيال.
من أجواء الرواية: “فتشتُ في جيوبي بحثًا عن التذكرة، فيما ألحَّ سؤالٌ مباغت لم أُحر له إجابة: إلى أين يتجه هذا القطار؟ فتحتُ الحقيبة وأخذتُ أعبث بما فيها، وبدا لي أنني نسيتها في المقهى. مسحتُ العرق على جبهتي بظهر كفي، وابتسمتُ لفكرة أنني أضعتُ نفسي في قطارٍ لا أعرف وجهته”.
يهرع البطل للّحاق بقطاره، قبل أن يفقد الذاكرة، ليكتشف أنه قد أضاع وِجهته ولم يعد يعرف إلى أين يجب أن يصل ولا في أي محطة ينبغي أن يغادر. في الوقت نفسه، يفاجأ أن القطار الذي استقله خاليا تماماً من المسافرين، كأنه أصبح المرتحل الوحيد في عالمٍ فقد مغادريه، قبل أن يعثر على شريكةٍ وحيدة في الرحلة: امرأة غامضة آخذة في قراءة كتاب غريب، تُخبره أنها تقرأه كي لا يتوقف القطار. في ذروة يأسه واستغرابه تبدأ “قارئة القطار” بسرد ما تخبره أنها قصته الشخصية التي نسيها، ليجد نفسه شاهداً على تغريبة من الجنوب للشمال، بطلها فتى خرج من مقبرة حياً، ليبدأ رحلة هرباً من ماضيه.. فما الذي يجمع بين هذين المسارين الغريبين المتباعدين؟ هذه الرواية المشوقة المثيرة للأسئلة تجيب ببراعة.
إبراهيم فرغلي (1967) أحد أبرز الروائيين المصريين في جيل التسعينيات، أصدر خمسة عشر عملاً بين روايات ومجموعات قصصية وكتباً في أدب الرحلات، فضلاً عن إسهامه البارز في أدب اليافعين. وقد نال عدداً من الجوائز المهمة منها جائزة ساويرس لكبار الكتاب مرتين عن روايتيه “أبناء الجبلاوي” و”معبد أنامل الحرير”، والثانية أدرجت أيضًا على اللائحة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) عام 2016.