هذي البلاد .. علمتني كيف أحبك أكثر
علمتني .. كيف أتقمصك قصيدة
وأسافر مع النيل، مثل طائر فرَّ
إلى حيث لا أقفاص تحبس الحمامات
وتخنق القصائد
هنا
أطير بين يديك
أتعمد بماء عينيك
فأتسمَّى وأتقدس
…
هنا حيث تنثال من زرقة الماء أسئلة
عافت الإجابات، التي غرَّبتنا
يتوقف الوقت.. وقتي
عند حدود الأزرق
في بحرك..
ثم يمتطي صهوة الموج
والشواطي تستعيد إليها
ما تبقى من الذاكرة
هنا
استحضر طفولتي ومراكبي
وطيارتي الورقية..
خيطها الملفوف على إصبعي
يشدُّني إلى الوجود
كي أبقى مُلك الأبيض
تحت زرقة السماء
وتبقى يداي مفتوحتين لفراشاتك
الملونة بألوان العشق
وعيناي حديقَتها الغناء
…
هنا..
الهواء يصير أنقى
أتنفسك، الآن، ملء صدري
وفي كل آن
أنت نقاء الهواء
المجدولِ على أشعة الشمس
وضياء القمر
…
في حضرة الريح..
أرتبك قليلاً
تجلس الريح على الكرسي المقابل
والعواصفُ خواتم في أصابعها
والأعاصير
تضيق المسافة بين عيني وعيني
وتغرق القصيدة بالدمع
تغيّر الأشياء أشكالها
تتقمصني امرأةً خائفةً
تتغير الأشجار..
تصبغ ثيابها
فتصير أقرب إلى الصفصاف
وها أنا ذي، هنا،.. أمام النيل
لغةٌ عاشقةٌ
على ضفافه
تتشمس كلماتي تحت سمائه
في النهار
وتغوص في مائه خلف نجومه
في الليل
النجوم تستعيد مداراتِها
هنا.. في الماء
وتستأنف إلقاء قصائدها
على إيقاع الموج.
…
الحاضر ظلٌّ يتوحَد فيَّ
ويجري خلفي
أتركه خلفي
لكني أخاف..
أخاف أن تتورّط القصيدة في غربة المكان
أن تصير الصحراء أنا
أن تدخل في جسدي، فتصحِّرني
هنا..
علمتني البلاد كيف أكبر أكثر.
*خاص بموقع رابطة الكتّاب السوريين