صدرت حديثاً مجموعة شعرية جديدة للشاعر السوري المقيم في السويد فرج بيرقدار. عنوان المجموعة «عروة في قميص السؤال» وهي التاسعة في سلسلة أعمال الشاعر، وقد صدرت عن دار سامح للنشر في السويد. وفي تقديمه للمجموعة الجديدة يقول فرج بيرقدار:
تمتد قصائد هذه المجموعة على عشرين عاماً رأيت فيها ما رأيت، فصدَّقتُ ما كنتُ أكذِّب، وكذَّبتُ ما كنتُ أصدِّق، عشرين عاماً دقّت في داخلي وحولي أجراس وطبول وصفارات إنذار وحروب ومجازر وانتفاضات وقصف وخراب وهجرات. ومثلما ضربتُ في القيعان والأعماق خلال سنوات السجن بجمرها ورمادها، ضربت في القارّات والآفاق، وعشت الشعر كما يليق به، وكتبته كما يليق بي، وأطلقت أسرَ كلِّ ما خطرَ في بالي من طيور.
في الواقع كتبت خلال هذه المدة أكثر من كتاب، بالإضافة إلى كثير من القصائد والمشاريع التي لا بد من كتابتها، غير أني آثرت أن لا أجمع في كتاب واحد قصائدَ موزونة، عمودية أو على التفعيلة، إلى قصائد حرَّة أو متحررة من الوزن والقافية.
أشعر أنَّني، في داخلي، مسكونٌ بشاعرين صديقين، لا يخيب ظني في كونهما متآلفين إلى أقصى ما يمكن للألفة والوجدان، لكن لكل منهما ميوله الشعرية الخاصة، فإن انبثقت القصيدة أو عزَفَتْ أو نزفَتْ نفسها على نحو حرّ، أفسحَ الشاعر ذو الميول الوزنية المجال لصديقه، والعكس صحيح. يشبه الأمر من يتحدَّث أكثر من لغة، إذ يبدّل لغته لا شعورياً حسب المقتضى. مثلما يحدث مع صغيري مثلاً حين يتحدث في نفس الوقت مع معلمته بالسويدية ومعي بالعربية وهو يرينا فيديو بالإنكليزية أو التركية.
الشاعر الذي لا تتقن أذنه أوزان الشعر، يمكن أن يقع في مطبَّات كثيرة، أحدها أنه وهو يكتب قصيدته الحُرَّة «المنثورة» قد يطرأ له شطر موزون، فإن لم ينتبه إليه ويكسره، فستنكسر القصيدة.
هذه المجموعة ليست سؤالاً، ولا حتى قميصاً للسؤال. إنها ليست أكثر من عروة في قميص سؤالنا الذي لا يستقرّ ولا يهدأ ولا يريم، أعني ليست إلا عنواناً لبعض الفداحات التي مرّت بنا أو مررنا بها أفراداً وجماعات وعواصم.
تحويل المأساة إلى قصيدة قد يساعد على تحمُّلها أو تمثُّلها أو فضحها أو تحاشيها أو تصفية الحساب معها ولو معنوياً.