الآن أغلقُ البيتَ الذي بنيتهُ لأجلك في الخيال،
أنزعُ النوافذ وأمسحُ الألوان
أزيلُ اللوحات القديمة ومعها الجدران
أكسرُ شاشة الصالون وأمضغ الأفلام؛
أجمعُ صوتكِ من الغرف
رائحة نومك من الأغطية
ضحكاتكِ من فناجين القهوة
جمرُ “أركيلتك”وكفُ يدكِ
سيرةُ فمك
ومعجون أسنانك؛
ملابسكِ التي ماتت على حبل الغسيل؛
دونَ أن تشبعُ منها العينْ على جسدك
أصابعكِ من مقابض الأبواب
وردُ الزينة ودموعُ غربتك؛
ملحُ لحمك من البانيو
شعركِ من الماء؛
صابونك ومنشفتك…
جواربكِ الصغيرةُ التي نسيتها تحت الأسرة؛
وصلاتُ أغانيك من المطبخ
بقايا الطعام
أثرُ الكلام…
ما ماتَ من المسافة على الطاولة
ما لم نبلغ من الحنان!
بيتنَا الذي “كان”
وما تجاوزَ “يا ليتَ” التمني
وما دخلت على أحلامهِ الأفعال…
في هذه اللحظة أصبح البيتُ خلف ظهري؛
تنهمرُ أشياء كثيرةٌ من عيوني
كراسيُ أطفالي الصغار
أرجوحتهم
حروف ندائهم الأولى
ألعابهم وقصصهم؛
أموتُ بدون ضجيجهم في البال…
ويبكيني أنني الآن آكل لوحدي
لا يدَ تمتدُ ولا فمٌ يحكي
أغلقُ الأضواء؛
أتوسّدُ كل الأشياءِ التي تَركتها خلفكِ
وأمضي كل يوم في جنازة
كل يومٍ… فوق أكتاف الغرباء
ولا أصل إليكِ!
*الترا صوت