عبد الله حسن: بلاد الخوف: عن مشكلة الدين واللائـكيّـة الفرنسية

0

أتاحت لي دراستي الشريعة الإسلامية سبعة أعوام، وممارستي الخطابة ثلاث سنوات (2005-  2008) أن أكون قريباً جدّاً. هناك في الأرياف السورية حيث لم تصل خطوط الهاتف الأرضي بعد يستطيع المرء أن يعاين بوضوح العقلية العربية التي خلّفتها السلطة العثمانية وراءها.

أتذكّر كيف كنتُ أقف بين المصلّين أُذكّرهم بأنّهم باعوا، وأنّ “الله اشترى من المؤمنين أنفسهم”، وأن القوة والعزّة لله وحده وللمؤمنين، وأن الدين عند الله هو الدين وحده لا شريك له، وأنّ من ابتغى غير الدين ديناً فلن يُقبَل منه وهو في الآخرة من الخاسرين، وأنّ مَن لم يحكم بما أنزلَ الله فأولئك هم الكافرون، وأنّ من أعرضَ عن ذِكْرهِ فإنّ لهُ معيشةً ضنكى، وأنه سيُحشَرُ يومَ القيامة أعمى.

أتذكّر كيف كنتُ أحُضُّهُم على الصبر والصلاة ريثما ينتهي قضاء الله وقدره (أي ريثما ينتهي العالم بمن فيه)، وأنّهم مُعلَّقون بين الطاعة والعقوبة، وأنْ لا مهربَ من ذلك، وأنّ كل شيء سيصبح على أتم وجه يوم القيامة… هناك، حيث سنذهب إلى جنة عَرضُها السماوات والأرض، وسيذهب المخالفون إلى النار. 

سنوات مرت على تلك الحقبة، والتي أعدت النظر والبحث فيها بعمق وفي كيف تسرب الدين الى أعماقي وضبط حركتي وأفكاري. 

منذ وقت طويل، كان الدين/ الأسطورة -ولا يزال حتى اليوم- يَخلبُ ألبابَ الجماهير، ويَسلبُ أفئدَتَها بالقصّة والسّرد الحِكائي عن عَوالم المتعة الأبديّة والسقوط الجهنّمي.

يَعِدُها بالسعادة والأمان إنْ هيَ أطاعت وتَخلّت له عن قرارِها وحرّيتها؛ وحين تَقبَل، وتُقرُّ لهُ بالوِصاية عليها، وتَسْتأمنهُ على عقولها وأجسادها، وأرواحِها ونفوسِها، وخياراتها واختياراتها… حينها يكونُ الدينُ بذلك قد استعبَدها، وأخضعها لإرادته وسُلطته.

إنه يدعو إلى التَّبَعِيّة (اتّبعوني أدلُّكُم)، يَعزل الجماهير عن عُلوم العالَم ومَعارفه، وذلك من خلال “علومِه” و”معارفِه” أحاديّةِ المنطقِ والتوجيه، وهكذا يَصنع (الجهل) إذ يُشوّهُ في الجماهير حِسَّها الفطريَّ السليم بالعالم، ويُعَطِّل فيها إدراكَها الأصيل للواقع والزمن والتجربة. 

يُخدِّرُها الدين، كي تَطمَئِنّ له وتَستكين، يُجرّمُ فيها الشكَّ والبحثَ عن البرهان خارج حدود نظرياته، كي لا يَبانَ عَجزُه، وكي لا تُدرك الجماهير مدى السطوة الفعليّة التي تفرضها قوانين المنطق والطبيعة على حياتها.

يُرهبها ويُرعِبها من أنَّ أيّ محاولة منها للتشكيك بمعرفته وسُلطته، أو التخلّي عنه، أو التخلّي عن ولائها، ستُفضي لا محالة إلى السقوط الحتمي في متاهات “الخوف”، ويُحذّرُها من أنّ أيّ محاولةٍ من قبيل ذلك هي بمثابة جريمة يُعاقَب عليها بالموت والعذاب اللانهائي السرمدي… وهكذا يشلّ الدينُ حركةَ الجماهير كلّياً، ويُوقِعُها في مأزق التورُّطِ به، والعمل الدائم لمصلحته.

الجهل والخوف

قد يكون من المُنصِف إطلاق لفظ “الجهل” على كل قصور معرفي، فجهلي بأمر ما مثلاً هو قصور في معرفتي به؛ وبهذا المعنى فإننا جميعاً جاهلون لأنّنا نجهَل، إنّ معرفة أننا نجهل هو أمر صحّي، إنّ الجهل هو الحالة الطبيعية الأصلية التي نولد عليها، صِفراً، كصفحة بيضاء قبل أن تبدأ الأسرة والشارع والمدرسة والسلطة عموماً بالإملاء عليها؛ غير أنّ للجهلِ معنى آخر أكثر عمقاً وأعمق في الدلالة. فالجهل هو ذاك النوع من “المعرفة” التي لا تثق أننا بالعقل نستطيع أن نَحيا ونفسّر العالم. أي أن الجهل هو التبعيّة، واللاشك، واللاتفكير، وهو الخرافة، والأسطورة، وهو اللاعقلانيّة المَحضَة، وهو الشرّ المُطلق.

أما الخوف، فهو ذاك الشعور الذي يتجلّى كجزء من استراتيجيات النجاة لدينا والابتعاد من الخطر، وهو تلك العلامة على الصحّة العقليّة حين نستجيب لخطر حقيقي ملموس. 

وتتراوح شدّة هذا الشعور ككل المشاعر الأخرى تِبعاً للمؤثّر، فقد يكون الخوف نوعاً من الارتياب البسيط، أو حالة من الذعر الأكثر تعقيداً. 

على أن الخوف يأخذُ أشدَّ أبعادِه خطورة وكارثية، ويَصير حالةً من القلق الدائم، والشلل الملازِم التام، حين يكون المؤثِّرُ مُبهَماً وغير قابل للتحديد أو الإدراك، أي حين لا يكون الإنسان قادراً على أن “يَفهم” شكل وطبيعة أو توقيت التهديد الذي يَتعرّض له، وبمعنى أكثر إيجازاً: حين لا تُعينهُ معرفتهُ على فهم حقيقة ما يَحدث حوله. 

يُولّد المألوف الاطمئنانَ فينا، ويُشعرنا بالألفة، في حين أنّ ما نجَهلهُ -أو ما نسمّيه بـالغريب- يُثير ريبتنا، ويُزعزع ثقتنا، ويُحرّك في أعماقنا الخوف.

الخوف هو حالة التأهّب والاستعداد الغريزي القلِق، التي تتجلّى في عدم قُدرتنا على معرفة ماهيّة ما يَحدُث الآن، أو سَيَحدُث في اللحظة القادمة. 

وعدم القدرة على معرفة ما يَحدث، أو توقُّع ما سيحدث، هو نتيجة حتميّة عن قصور معرفي وإدراكي.

وبهذا المعنى قد يصحّ القول إنّ الإنسان الأوّل لم يكن مُغترِباً وجاهلاً قاصِرَ المعرفةِ والإدراك فحسب، إنما كان خائفاً بالضرورة.

العلاقة بين الجهل والخوف وثيقة جدّاً، إننا نخاف ما نَجَهل، ونخاف لأننا نجهل، لكن، كيف بنا حين يكونُ المستقبل بالتحديد هو ما نَجهلُه؟ والجاهل لا يستطيع أن يقرأ العالم، لذا فهو لا يستطيع أن يَفهمه، ولا أن يُقارب الحقيقة في تصوّرهِ له، وبالتالي فهو يخاف منه، لذا فهو لا يستطيع أن يثق به، أو يتفاعل معهُ بطريقة صحّية وآمنة.

الجاهل لا يثق لأنه يخاف، ويخاف بالتحديد لأنه يَجهَل كيف وبماذا وبمن ولمن سيَمنح الثقة. إنه لا يثق، لا بنفسه، ولا بالآخرين، ولا بالعالم، ولا بالمستقبل، لأنه يخاف، ويخاف لأنه لا يعرف/ يجهل نَفسَه، والآخرين، والعالم، والمستقبل. 

يقول إدموند بيرك وهو فيلسوف ومنظّر سياسي إيرلندي (1729-1797): “ليست هناك عاطفة تسلب العقل كل قواه للعمل والتفكير مثلما يفعل الخوف”؛ ويقول برتراند راسل: “إنّ المصدر الرئيسي للخوف هو الخرافة، إنّ هزيمة الخوف هي بداية الحكمة”.

السلطة والخوف

مثلاً، عدم معرفتنا زمان ومكان وقوع عملية إرهابية أو تفجير انتحاري حولنا يَجعلنا في حالة خوف مستمرّ.

وعدم معرفتنا يجعل من توقُّعنا لما سيحدث أمراً مستحيلاً، ويسلبنا القدرة على الاعتماد على المعلومات، ويجعل من العسير علينا الاستجابة بشكل عقلاني متماسك. 

تُحرِّرُنا المعرفة، وتمنحنا القدرة على تطويع الواقع والطبيعة، تجعلنا نمتلك أقدارنا ومصائرنا؛ بينما يَدينُ الجهلُ بنا لِعبوديّةِ العجزِ والذلّ والخوف.

لكن، ما الذي يَمنع الخوف من أن يكون استثماراً سياسياً؟ ما الذي يمنع السلطة مِن إغراقِنا بالجهل (جهل حقيقة ما يحدث) حتى لا نستطيع أن نميّز الخطأ من الصواب؟ 

تُدرك السلطة -بحكم معرفتها السياسية التي أتاحت لها أن تكون سُلطة أساساً- تُدرك الدورَ الذي يلعبهُ الخوفُ في رحلةِ تحصيلِ تلك السلطة والحفاظ عليها، إنها ترى في الخوف تلك الأداة الناجعة لضمان ولاء الجماهير واصطفافها إلى جانبها، أو حتى الموت في سبيلها.

تسعى السلطة عبرَ إثارتها للخوف، إلى أن تنعدم ثقة المحكومين بأنفسهم، وثقتُهم ببعضِهِم، وبالآخرين، وثقتهم بالمستقبل، وهكذا تَسلِبُ السلطةُ قوّتهم وإرادتهم كي يلتفّوا حولها، ويَستنجدوا بها، ويتضرّعوا لها بالأمل والرجاء، وهكذا يَسهُلُ على السلطة حُكمُهم وتسخيرُهُم.   

إنني في بلاد الخوف لا أثق بنفسي، ولا بالآخرين… كيف لي أن أثق بالعيش المشترك، والحق المشترك، والواجب المشترك في حين أنني أجهل ذلك، ولا أجرؤ على معرفة ذلك بِحُكم ارتيابي من كل غريب؟   

الخوف الذي يَخلقه السياسي ويُعززه -من خلال أدواته- في الدولة هو مَا يُجهض كل محاولات بث روح الثقة بالإنسان والمستقبل. 

فمن خلال صناعتهِ وتَكريسهِ لِجهلِهِم بأنفسهم وواقعهم إنما هو يَعزلُهم ويُخيفُهم؛ وهو حين يسيطر على الشارع والمدرسة والجامعة والشغل والصحافة والإعلام والفلسفة والأدب والفن، وحين يُحدّد هذه الأدوات المعرفيّة بقانون يُجرّم الحرّية والتفكير والشك والنقد والسخرية والاختلاف، يكون بذلك قد فَصَّلَ الدولة والجماهير على مقاسه كي يظل حاكماً مُحترَماً فِيهم، ويَظلّوا محكومين أذِلّاء.  

إنه يُغالي في تجهيلهم، فيُفرِغُهُم مما في عقولهم، ثم يبدأ فيملَؤُهم بما عنده، يُحدد شكل العالم في رؤوسهم ومِن حولِهم، فيُخيفهم، يُزعزع الثقة بينهم، يَقطع الأواصر التي تربطهم ببعضهم، وتلك التي تربطهم بمن لا يشبههم… هكذا يُميّزهم داخل عُزلتهم، فيدفَعُهُم ذلك للتقوقع على أنفسهم، ويسهل على الحاكم حُكمُهم.

بلاد الخوف الذي يَصنعهُ السياسي ويُصرُّ على تذكير الجماهير به هي بلاد اللاممكن، وهي بلاد المستحيل.

الخوف الذي يخلقه السياسي يطرأ على أصغر أفرادها، يطرأ على أعمق تطلّعات الأفراد في الدولة، وعلى أعمق هواجسهم. وإلا لماذا تتحدّث الحكومات البائدة والمعاصرة في شرقنا البائس ليل نهار عن ذاك البعبع المسمّى “الإرهاب” أكثر مما تتحدث عن الفقر والتعليم مثلاً؟! الأمر مشابه حين كانت الولايات المتحدة أيام الحرب الباردة تكرّس كل معارفها لإخافة الأميركيين من خطر الشيوعية، أو “إمبراطوريّة الشر” حسبما كانت تسمّيها.

بالخوف يستطيع السياسي أن يُطوّع الجماهير، ويحافظ على ثقتها به، ويستغلها ويُضحّي بها.

لهذا فإنه من الخطِر جداً -على مستوى العلاقات السياسية بين الدول- التعامل مع قائد أحمق بجمهور يجهل ويخاف، إذ لا شيء يَمنع هذا القائد من أن يستدرج الجماهير والدولة إلى حتفهما بإعلان الحرب حالَما يشتهي ذلك، إنّ الحاكم صانع الإرهاب والخوف يُدرِك هذا السرّ جيداً، والواقع يقول إنه يستثمره بشكّل فعّال.

وفي الفترات التي يزداد فيها القلق والخوف الاجتماعي، تزداد النزعة العامة حاجةً إلى الخضوع لحاكم أوتوقراطي على رأس هرم السلطة. 

لكن، “حين (تَعْلَم) الرعيّة أنّ المستبدّ امرؤٌ عاجزٌ مثلها، يَزول خوفها منه”، كما يقول الكواكبي.

الدين والخوف

حين يَصِفُ الدينُ العالَمَ لنا بغير ما هو عليه، ويُشوّهُ الواقعَ بسرديّتهِ الأسطوريّةِ القاصِرةِ الفانتازيّة، وحين يَدّعي أنَّ الطبيعة وظواهرها مُسخَّرة بإرادة عُليا تَرى وتَسمع وتُحيط بكل ما نفعله ونقوم به، إنما هو بذلك يَعزلنا في عالم غير موجود، عَالمٍ لا مُخلّصَ فيه إلا الدين نفسه، عالم لا يتّسع لدين آخر ولا لفكرة مختلفة أو رأي. 

وحين يفعل الدين ذلك (أي حين يُخدِّرنا ويَعزلنا بالجهل الذي يصنعه) يكون منّا وقتها على مسافة حسّاسة وخطيرة جداً، فمن مكانه ذاك يُبهِرَنا باللغة وحدها (لشدّة جهلنا)، ويُوقع بنا في حبائِلها، يأمرنا بالخوف من الله وأوامره، ويحذّرنا ويُرهبنا ويرعبنا ويملي علينا، وهكذا يتغلغل في عمق علاقتنا بأنفسنا والعالم.

لو أنَّ الدينَ صادقٌ في مُراده حقّاً، ويثق بالإنسان أصلاً، لما أجبَرهُ على الاختيار، ولمَا هدَّدَهُ بالضياع في متاهات الرعب والخوف.  

اليوم، حين أتأمّل أحوال ذاك الشيخ المراهق العشريني، أشعر بالأسى، كيف كان ينصت في حضرةِ أحاديثهِ وآياته خرّيجو الجامعات، ويستفهمون منه عن زواجهم وطلاقهم وحتى أكثر أحوالهم خصوصيّة، كيف كانوا يَمسحون على صدورهم بأيديهم كناية عن الطمأنينة، وكيف يخاطبون “الله” بالدعاء: “اللهم آمِن روعاتِنا” أي هدِّئ من خوفنا… يَحمدون الله على نعمة الدين، ويحمدونه على ألا ينساهم، وألا يُضيِّعهُم، وأن تظلَّ آياته حاضرة كي تُعلمهم كيف يَحتملون العالم، وكيف يعيشون الحياة، وكيف يطيقونها.

في أي حال، هكذا يَتلاقَفُ الكُهَّان والملوك على مرّ التاريخ رقَاب الجماهير ومصائرَها بالجهل والخوف. 

اللائكية والدين

المأخذ الأول للائكية على الدين هو صناعتهُ الجهل، إذ ترى أنّ الدين حين يَدعو للاتِّبَاعِ والتَّبَعيّة إنما يهدف إلى ممارسةِ سُلطةٍ لا مُعارضةَ فيها، فهو يَرهن الجماهير لنوع واحد من المعرفة، ويُوجِّهُها نحو مَكان مُبهم في المستقبل، ويقفُ حاجزاً أمام العقلِ والشك والاختلاف والتفكير والتعلّم.

أما المأخذ الثاني للائكيّة على الدين فهو صناعته الخوف، إذ ترى أنه حين يخاطب الناس بأنّ أذى سيصيبهم إن لم يَخضعوا لإرادة الرب، إنما هو هنا يُمارس السياسة، وكأنه يقوم بحملة انتخابية لحاكِم أبدي؛ وأنه حين يُحدّد المخالِفين، ويُهدّدهم بالأذى فهو يُزعزع ثقة المواطنين، وحينها يُهدد النسيج الاجتماعي، ويجعل الدولة على شفا حفرة من حرب أهليّة طاحنة… لهذا ترى اللائكية أنّ على الدين ألا يُقارِب السياسة، لأنه قاصِر ومُراهِق ومتهوّر.

التَّغْرِير بالجماهير عبر خِطاب يَعِد بما هو غير واقعي، وغير حقيقي، وغير موجود، وليس له مِن حَيّز في فراغ العالم، هو فعل دنيء يتطلّع بالكذب لكسب الثقة والوصول إلى السلطة.

مُجرّد استغفال الجماهير، ومحاولة إقناعها بأنَّها موجودة في عالَم مُقدَّر مُسبَقَاً لا حرّية فيه، وأنها من غير الممكن لها أن تأخذ بزمام المُبادرة، وأنّ مصيرها ليس في يدِها، وأنها مسلوبة الإرادة بِقَدَرٍ وقدرةٍ من عليٍّ قدير، وأنها إذ تُوجد إنما تخوض اختبارها في “عالمٍ فانٍ لا قيمة له”، وأنها يَجب أن تنصاعَ وتستعدَّ لحياةٍ أخرى لا موتَ فيها… 

مُجرّد هذا الخطاب هو فعل سياسي دنيء يتطلّع نحو السلطة المُطلقة.

أمّا تهديدُ المخالفين والمختلفين والمتجاوِزين وغير المنصاعين بالعقوبة والأذى، فهو السعي السياسي الأكثر دناءة وانحطاطاً للانفراد المُطلق بالسلطة.

(درج)