مضر حمكو، شاعر وكاتب سوري من الحسكة
مجلة أوراق العدد 13
شعر
تشاغب الوجود كنقطة حطت على أول سطره
ربما
أو على آخر جوعه
ما أول ما كان من الأصوات؟
ما أول ناي غنى لآدم؟
ما كان من أمر الطين إذ زوج الغيم
من الغيم؟
ونسي التراب
ولعبة النار في يد الكواكب
أأول الموسيقى همجي كان اسمه الرعد؟
إنك الحب يا أول الأصوات
هكذا آمن الغريب
بل السأم قالت المدينة
وهي تسكّن جوع الوقت بالخواطر
ترشو غيمة عابرة بحصة من ذهب السماء
أو أزرق فتنتها
لعلها تأتي الآن إلى نزف شهي
ملء روحها كأمطار القيامة
لها أن تفشي أي سر تشاء
لها أن تثمل حد الصحو من الارتجاف
لا تدري أي لون لليقين في رخامها
تلهو بتغيير وجهة الريح
تستبدل أحذية الشوارع
تخترع غرباء بلا أسماء
تحذف النقطة من الحرف
تشدّد السكون
وتمط الكون إلى آخر اللامعنى
كلما طعنها انتظار
نبت من ضلعها طريق طويل
إلى ليل طويل
توصي الأشجار أن تدر لبن الحنين
تومئ للغريب أن أشرب ما طاب لك
من العطش
أول الأصوات الضجر
ربما
يأتي أليفا كذئب
نقيا كسراب
متعاليا كسخام
وللمدينة ويلها الرسام
يحفر ملامح الغادين على نوافير المساء
ربما تغني بعد قليل في مديح الغياب
بضعة أقمار
لطمأنينة العصافير
وسلام الأشجار
ليس كل ما يفوح من القلب حب
قالت المدينة في آخر العواء
عليك السلام أيهذا الليل الذئب الغراب ال نبح سوءتي
وعلى قلبي السلام الوردة الكفن
والشيء المعرف بلا
والهوى الحزين في وجه النحات الصنم
هلمّ أيهذا النبي الحجر
ردّ الغريب أنا الصنم الفاتن نفسي
لي نصف وجه من ثمار النار
لربما شابهت الحقيقة في الدخان
أو شابهت إلهاً مشطوبا من التقويم
كلما انتصف التأمل انطفأت كالثقاب
أنّى ثقفتني الريح أطفأتني
لربما كنت شبيه السحابة
فلي عينان في آخر نفق السماء
عين تصافح الهاوية
وأخرى تحلب البحر
أحب من الموسيقى سفي الرمال
هذه يدي تعزف زوبعة
وهذه تجرح الغبار
ما أروع هذا اللحن الأنا
إذ ضيعني
لكأنما الأبد وتد
يشد حبال الهاوية إلى عشب رؤاي
أيهذا السؤال مطرقتي
والعصف المدى رفيقي
فعاليا عاليا
دقّ أيّها السقوط مسامير شهقتي
عالياً عالياً
اقرعي أيّتها المزامير أبواب دماي.