زينة حموي: عن رِقَّة لا تُحتَمَل‎

0

سُحقًا لكتابة المهجر! لن أجاريها، لأني أعلمُ أن شيئًا مما أحبّ لم يعد كما كان، وأن البردَ استشرس وصارَ وحشًا، وأن الرفاق في دمشق وبيروت تفرّقوا، وأن الشمسَ هناك، مثلها كمثل النقاش والحماس والسعي والأمل، استسلمتْ وانكفأتْ أمام ضيق الحال والبال.

0.670 مِيلًا

12:20 دقيقة

81 حُرَيرة

………………………..

1.365 مِيلًا

23:21 دقيقة

166 حُرَيرة

……………………..

2.183 مِيلًا

37:36 دقيقة

262  حُرَيرة

…………………….

أزيدُ السرعة. أفشلُ في التقاط زجاجة الماء من فوق الطاولة القريبة. إن حاولتُ أكثر سأقع. عليّ إما إبطاءُ السرعة، أو التوقّف تمامًا. أشغلُ نفسي عن عطشي، وأعود إلى عدّ الثواني ومتابعة الأرقام.

2.825 مِيلًا

44:77 دقيقة

344 حُرَيرة

دوّنتْ طبيبتي إجاباتي على شاشةٍ تحجبُ وجهي عن عينيها. ناولتْني قائمة طويلة من التحاليل المطلوبة وقالت: “أنصحكِ أيضًا بالرياضة؛ نشاطك الذهني المُفرِط محبوس في جسدٍ كسول لا يجاريه. قسّمي الطاقة على اثنين: عقلك وجسمك. لقد أرهقتِ رأسك وأعصابك إلى درجة أن عضلاتك ومفاصلك لم تعد تحملك”. ثمّ أردفتْ بتواطؤ المهاجرين: “لن ترتاحي هنا ما لم تعقِدي صلاتٍ مع الطبيعة. سأختصرُ لك: لتحبّي كندا، عليكِ أن تحبّي طبيعتَها”. خرجتُ من العيادة كما دخلتُ، بآلام جسدية متفرّقة، تنطلقُ من رقبتي وكتفيّ، تسافرُ في طريق الألم السريع المفتوح في ظهري، تصل إلى حَوْضي وتتابع نحو ركبتيّ ثم كاحليّ. وأحيانًا تخترقني من الجهات كلّها دفعةً واحدة، مُخَلّفةً رُعاشًا والتماعًا حادًا كأثر النِصالِ المسنونة.

عن أي طبيعة كانت تتحدثُ هذه الخرقاء؟ عن الحشيش المدفون تحت غطاءٍ رماديّ ثقيل لستّة أشهرٍ متواصلة؟ عن تجمّعات الأشجار الكالحة بأغصانها الرفيعة المُشربَكة كأسلاك الكهرباء البالية في العشوائيات؟ أم عن الشمس التي تهجر هذا النصفَ من الكوكب كعِقابٍ سنويّ له عن انبثاقه في آخر الدنيا؟ هل تتحدث طبيبتي عن صمت هذه الطبيعة وهدوئها الذي يصبح لفرطِه وطوله مؤذيًا وجارحًا أكثر من ضجيج أكبر ميناء مزدحم في العالم؟!

هل كانت تطلبُ منّي، بهذه البساطة، أن أتسامح مع سهام الهواء البارد التي تصيبُ أصابع قدميّ صاعدةً إلى رأسي لتثقبَ الفصَّ القَفَوي بسهولةِ تمزيقِ ورقة؟

هل نصحتْني هذه المحدودة – أنا، ابنة الدفء والصخب والألوان والبيوت المفتوحة والمدن الكبرى – بأن أصاحبَ الثلج والخلاء والسكون؟ وأن آنسَ المنازلَ المُصمَتة والأحياء البليدة كالمقابر؟

كيف أقنعُ طبيبتي بأنها لم تُضِف إلى ملفّي الطبّي أهمّ ما يفسّر وجعي! كيف أشرح لها أن أسئلتها عن الروماتيزم والأمراض المناعية والوراثية والأجسام المضادة لا معنى لها ما لم تسجِّل في رأس الملفّ أمرَين:

مذ جئتُ إلى هنا كرِهتُ ثلاثًا كنتُ أحبّها: الليل والصمت والعزلة.

مذ جئت إلى هنا عرفتُ ثلاثًا لا تبارحني: القلق والخوف والوحشة.

على باب البيت، كوّرتُ في كفّي إعلانات ورقية “تُبَشِّر” بعودة أنشطة الشتاء بعد توقّف عامَين بسبب الكورونا، وتَعِدُ بأننا سنقضي فصلًا خفيفًا ظريفًا مسليًّا لا يُنسى؛ ساحات جديدة للتزلج، إعادة افتتاح أطول قناة في العالم للتزحلق على الجليد، منتجعات رائعة وخلّابة في جبالٍ قطبيّة لممارسة الـ Skiing والـ Ice skating والـ Ice dancing وعشرات الرياضات التي لا أعرفُ عنها شيئًا، والتي أثق بأنها سترحلُ بي إلى العالم الآخر من أوّل دعسة!

رميتُ الورقة في سلّة الـ recycling وأنا أخاطبُ مجهولين بصوتٍ عالٍ: «اسمعوا عيني؛ نحنُ الذين كنّا نراوغُ شتاءنا بمشوار صباحيّ على الأقدام من الشعلان إلى باب شرقي، نقطعه باستراحة في “الروضة” أو “النوفرة”. وإذا اعتلّ المزاجُ كثيرًا، أو أطالتْ صديقتُنا الشمسُ غيابَها لأكثر من يومين، نسرعُ إلى الحبيبة بيروت لنشربَ قهوتنا مع الأصدقاء في شارع الحمرا، ونَعُبَّ من نقاشاتها المشتعلة وشمسها الحاضرة دومًا، ثم نعودُ في اليوم نفسه، لا بردَ على بالنا ولا شتاء ولا هم يحزنون!»

سُحقًا لكتابة المهجر! سحقًا لكتابتي وهي تُؤَمثِلُ الماضي وتشدُّ النصّ نحو فخاخ النوستالجيا المُبتذلة والحنين المُغَفّل. لن أجاريها، لأني أعلمُ أن شيئًا مما أحبّ لم يعد كما كان، وأن البردَ استشرس وصارَ وحشًا ينامُ في أسرّة الأطفال، وأن الشتاء في بلادنا خلعَ منذ زمن رداء الاعتدال واللطافة، وأن الرفاق في دمشق وبيروت تفرّقوا، وأن الشمسَ هناك، مثلها كمثل النقاش والحماس والسعي والأمل، استسلمتْ كلّها وانكفأتْ أمام ضيق الحال والبال. أعلمُ أن معظم الناس هناك يتمنّون بردَ هذي البلاد البعيدة، وأنّ بيوتَ كندا الدافئة تتراءى لهم، مثلي قبلَ أن أصل، حلًّا وملجأً وأمنيةً أخيرة للنجاة. أقولُ “مثلي” لأني عشتُ ذلك كلّه، ولأن الحربَ عرّفتني على البرد والظلام والقسوة، وأذاقتني كغيري مرارات لم تخطر على بالنا، إلى أن دفعتْني دفعًا للهرب وصوّرتْ لي الغربةَ أملًا حنونًا دافئًا يصلحُ لحياةٍ بديلة. لن أتركَ أمرَ نصّي للكتابة بعد الآن. سأعود إلى البداية، وأستأنف منها.

3.050 مِيلًا

51:02 دقيقة

369 حُرَيرة

رفضاً للاستسلام، جئتُ إلى البيت ببساطٍ متحرّك للمشي. هكذا، أتوخّى نصيحةَ طبيبتي بممارسة الرياضة، وأتجنّبُ في الوقت نفسه الشتاء والبردَ والرياضات التي تخيفُني. إذًا! ها أنا أختار لمشكلتي مرّة أخرى حلًّا وسطًا على الطريقة البلهاء. أنا التي ما كرهتُ حِكمةً في العالم قدرَ كرهي لمقولة: “خيرُ الأمور أوسطُها”. أنا -العنيدة المتطرفة الواقفة أبدًا عند التخوم والأقاصي – لم تصلْ بي أنصاف الحلول إلا إلى مزيد من الخيبات المتشابهة والفشل وخسران الذات!

أعتلي الجهاز الرياضيّ كلّ يوم. أبدأ المشيَ بسرعة بطيئة أزيدُها تدريجيًا. أعدُّ الثواني ثم الدقائق: خمس، ست، سبع، عشر، خمس عشرة، ثلاث وعشرون…. أشعرُ بمضيّ الزمن لحظةً بلحظة، أنا أَكبُرُ هنا، في هذه البلاد، في هذي المدينة، على هذا الجهاز، سأنزلُ عنه بعد قليل وعمري سبع وثلاثون سنة وثلاثة أشهر وثمانية أيام وستّ ساعات، في حين كان عمري عندما امتطيتُهُ سبعًا وثلاثين سنة وثلاثة أشهر وثمانية أيام وخمس ساعات! والمحصّلة قضاء ساعة كاملة يوميًا في عدّ الثواني واحتشاء الأفكار في حين كان الهدف الاسترخاء الذهني وتسهيل مرور الزمن والتحايل على بطء الحياة! يا سلام!

مؤخرًا، اهتديتُ إلى لعبة تعينني على “مشواري” اليومي فوق جهاز المشي؛ بدلًا من عدّ الثواني والدقائق سأعدُّ أشياء أخرى: الوقت المتبقي لموعد صورة الرنين المغناطيسي، الأيام التي تفصلني عن قرار محكمة اللجوء، الأشهر التي أنتظر في نهايتها الصيفَ المزعوم… ثم اكتشفتُ أن لهذه الخيارات أيضًا صلة بالزمن! لِمَ لا أجرّبُ شيئًا جديدًا؟ شيئًا لا علاقة له بالعمر والوقت والساعات. وقرّرتُ أن أستبدل بالأرقام أسماءَ الرجال الذين عبروا حياتي:

جاد، رامي، علاء، ربيع، يوسف، سومر…

أكرّر: جاد، رامي، علاء، ربيع، يوسف، سومر….

أزيد السرعة: جاد، رامي، علاء، ربيع، يوسف، سومر….

أتذكّرُ أمجد، فأضيفه إلى القائمة وأردّد من جديد: جاد، رامي، علاء، ربيع، يوسف، سومر، أمجد…

أغيّر الترتيب بحسب تاريخ علاقتي بكلّ منهم من الأقدم إلى الأحدث: علاء، يوسف، جاد، أمجد، رامي، ربيع، سومر….

لم يكن “الحبّ” ما جمعني بهم كلّهم، بالمعنى الاصطلاحي للكلمة، عندما نصنّفُ بها علاقة رجل وامرأة. علاقاتي مع هؤلاء الرجال صعبة التفسير: منها ما كان حبًّا، منها ما كان إعجابًا تأرجح بين الحبّ والصداقة، منها ما كان علاقة ذهنية عابرة أثارتْها لحظةٌ خاصّة فتخيّلتُ الرجلَ حبيبي أو عشيقي في البال أو على الورق. ومنها ما هو غامضٌ ومُربِك، فلا هو حبّ بشهواته وغرائزه ونداءاته الجسدية، ولا هو علاقة إنسانية فقط يمكن أن يكون لي ما يشبهها مع امرأة مثلي، فالشرطُ الأول لكل هذه العلاقات أن طرفها الآخر كان رجلًا.

علاء، يوسف، جاد، أمجد، رامي، ربيع، سومر….

علاء، يوسف، جاد، أمجد، رامي، ربيع، سومر….

أزيدُ السرعة أكثر.

علاء، يوسف، جاد، أمجد، رامي، ربيع، سومر….

أعرقُ وأعطشُ ولا أتمكّن من تناولِ زجاجة الماء.

علاء، يوسف، جاد، أمجد، رامي، ربيع، سومر….

سأقعُ إن توقفتُ، عليّ أن أكمل.

علاء، يوسف، جاد، أمجد، رامي، ربيع، سومر….

تحينُ منّي نظرةٌ إلى حذائي الرياضي ويتهيّأ لي بأن رباطه محلول. لا أستطيع التوقف. سأخسرُ السرعة العالية التي وصلتُ إليها.

علاء، يوسف، جاد، أمجد، رامي، ربيع، سومر….

لحظة! ثمّة شرطٌ آخر لكل هذه العلاقات. شرطٌ أكتشفه الآن وأنا أستعينُ بأسمائهم على قهر الهمّ والوقت. شرطٌ يجمعُ هؤلاء الرجال بقاسمٍ مشترك: جميعُهم فقدوا آباءهم في عمر مبكّر.

كيفَ لم أنتبه من قبل! ما مِن رجلٍ عرفته في حياتي وكانت لي معه علاقة خاصّة، إلا وكان قد خسر أباه باكرًا. منهم من كان طفلًا، ومنهم من كان على عتبات العشرين، وواحدٌ منهم فقط عرفتُهُ في الفترة التي مات فيها أبوه وهو في الثالثة والعشرين.

أردتُ أن أتأكد من استنتاجي فرحتُ أعدّدُ أسماءَ رجال آخرين عرفتُهم وكانوا يومًا جزءًا من حياتي ومازال آباؤهم أحياء أو رحلوا بعدما كبر الأبناء: سامي، عماد، كميل، حسـ..

لا، لا، أتوقّفُ بسرعة. هؤلاء كانوا عابرين بلا أثر. بالكاد أستطيعُ استحضار أسمائهم. ما جمعني بهم لم يكن أصيلًا ولا حقيقيًا.

الأمر صار واضحًا في ذهني: لم يكن لي علاقة استثنائية ومُعتَبَرة مع رجل في حياتي إلا وكان فاقدَ الأب.

6

5

4

3

أخفّفُ السرعة، ولا آبه بالعدّ المتباطِئ للحُريرات والأميال. أفتّشُ في ذهني عن تفسير لاستنتاجي. ما الرابطُ بين الأمرين؟ أسترجعُ تفاصيلَ كل علاقة وملامحها. أحاولُ البحثَ عن مُشتَرَكات أخرى بين هؤلاء الرجال. لا شيء أكثر وضوحًا وحسمًا من كونهم أيتام الأب. أستذكرُ صفاتِهم الشخصية، النفسية والجسمانية. تمرُّ في ذهني عشراتُ الكلمات: طويل، قصير، أسمر، كريم، عصبي، عنيد، لطيف، خجول، شجاع… أَجِدُها: رقيق. نعم، إنها الرِّقّة! كلّ هؤلاء الرجال كانت تميّزهم الرِّقة، رِقّة خفيّة، مكبوتة، مستترة وأحيانًا مناسباتية.

لا أتحدّثُ إطلاقًا عن الرِّقّة الفطرية أو الموروثة، أو تلك الاجتماعية التي نستعين بها لتيسير علاقاتنا. ولا عن الرّقّة التي يسمّيها البعض “أنثوية”، وأرفضُ أصلًا أن أعزوها إلى وجود جانب “أنثوي” في كلّ رجل، إلى آخر هذه التصنيفات الجندرية التعميمية.

أتحدّثُ هنا عن الرِّقّة المُكتَسَبة، الرِقّة كعارض جانبي إثر علاج أو مرض. الرقّة التي يتركُها الألم في القلب بعدما يرحل. المُتَأتيّة من صدمة الفقد المُباغت، أو من طول مجاورة الحزن، حتى إذا غادرا خلّفا وراءهما مكانًا رخوًا شديدَ الحساسية. رِقّة تنحتُ الروحَ على مهلٍ، بلا فوضى ولا ضجيج، وتتركها نحيلةً وهشّةً وشفافة. رِقّة لا ننالُها إلا بعد انكسار أو خسارة نهائية، ندرك بالعقلِ والمنطق ألّا رجعةَ منها ولا رادّ لها.

إنها رِقّة الضعفاء والوحيدين، مهما بدَوا محظوظين ومُحَاطين ببدائل وخيارات أخرى، ومهما تجلّدوا وتشدّدوا تحت ضغط المسؤوليات الجديدة. رقّة تتوارى خجلى خلف القوّة والتفاؤل والتصالح مع الأمر الواقع. تتخفّى، تذوي، تبدّل زِيّها، تغرقُ بفعل الأحمال والأحكام المجتمعية المربوطة حول عنقها لتستقرّ في القاع لكنها لا تبارح النَفْسَ أبدًا.

3

2.5

2

أُخّففُ السرعةَ أكثر. أمشي بخطوات بطيئة توشك على التوقف. العرقُ يسيلُ من جبيني ومِرفَقيّ.

هل كنتُ طريقةَ القدر في اعتذاره لهؤلاء الرجال؟ هل كنتُ بشكل ما، بسيط أو جزئي، عزاءً عن الأسى الذي شكّلهم وأنجبَهم مرة أخرى؟ أنا التي تنعمُ حتى الآن بأبٍ ميسور الصحّة والحال، لطالما كان حضوره الدائم والقويّ في حياتي سببًا جوهريًا لتأخّري في مغادرة الطفولة، هل كنتُ امتدادًا أو استكمالًا لطفولتهم الناقصة أو المبتورة؟

هل كان هؤلاء الرجال درسًا مبكّرًا لي من الحياة عن الفقد والضياع والخسارات الكبرى؟ هل كانت تحذّرني من الفراق الذي سيثقبُ قلبي لاحقاً بمغادرة بلدي؟ هل كانت علاقاتي نبوءة عن الرّقة والهشاشة التي ستصم أفكاري ومشاعري وكل قراراتي إثر انفصال يبدو عاديًّا ووارداً وقابلًا للتجاوز؟

هل أرادتِ الدنيا أن تحدّثني سلفًا عن اضطراب فقدان الأمان؟ عن استحالة استرجاع الماضي مهما تشبّثنا به وأحببناه؟

هل كان القدرُ يهدّدني؟ يَعِظُني؟ أم يؤهّلني ويُعِدُّني لوجعٍ صار لنا كالاسم والهويّة؟

لماذا لم أفهم؟! ولماذا مازلتُ أنجذبُ حتى الآن للرّقّة في الرجال فاقدي الأب، وأنصاعُ للكتابة وهي تملي عليّ كلَّ يوم كلامًا سخيفًا مهزومًا عن البرد والخوف والقلق، والشوق لبلاد حلوة دافئة انتهتْ إلى الأبد؟

Stop

أوقفُ الجهاز:

3.542 مِيلًا

59:55 دقيقة

403 حُرَيرة

7 رجال

وآلاف الأسئلة المُرهِقة المُغَطَّسة بالعرق والدمع تعدو في رأسي. ثلجٌ يتراكم على النافذة ومقياس الحرارة الخارجي يشير إلى الخامسة والعشرين درجة تحت الصفر.

*أوان