ما يقارب تسع سنوات مرت منذ غيبتك الأيادي الآثمة وما زلت حاضرة في عقلي وفي وجداني كما في وجدان الكثيرين، فاتك ربما أن تشهدي انتصاراتنا نحن من تشاركنا الحلم في لحظة تاريخية قررنا فيها أن نطالب بحقوقنا كشعب مضطهد.. حلم ربما حلمنا به معا دون أن ندري لسنوات طويلة قبل أن تجمعنا تلك اللحظة التاريخية في آذار ٢٠١١..
نعم انتصاراتنا، لقد انتصرنا على أنفسنا وما زالت دهشتنا حاضرة، دهشتنا بمقدرتنا على تجرع الألم والحفاظ على نبض القلب الذي بات يعمل كآلة ميكانيكية في زمن عجيب..
وحدتنا، حيث لم تفرق بيننا الاديولوجيات ولا الطوائف ولا الاثنيات، تعاضدنا، حيث لم يواصل بعض السوريين احتراف مهنة الهدم والتقزيم والتخوين والإقصاء والاغتيال والتي شهدتي جزء منها قبل اختطافك وكان اختطافك نتيجة لها، لقد تعلموا من خساراتهم وباتوا أكثر استيعابا لحالنا واحتياجات المرحلة.
دعيني أحدثك عن هويتنا الوطنية، حين لم تتكرس الانقسامات والولاءات، ولا نعيش ضياعاً كاملاً نحن من خرجنا أو بقينا في سوريا إلا قلة منا..
آما الموقف المشرف للمجتمع الدولي فهو ينبض بالأخلاق ولا يساوم بوقت السوريين المدمى بعذابات المعتقلين والمغيبين والمهجرين، ولا يتجاهل أرواح الضحايا ولا تضحياتهم..
ولربما تريدين أن تعرفي مصير حراكنا السلمي، ما زال مستمرا وليس فقط على مستوى نبضات صغيرة بين الحين والأخير كصدمة كهربائية تبقينا على قيد الأمل بين الحين والأخر، ولم تأكل المنافي رواده ورائداته، ولا المعتقلات أبناءه وبناته، وقياداته، ولم تبتلع المقابر الجماعية أجساد الأبرياء الممزقة من سياط الجلادين، ولا نيران عدوة، ولا حتى صديقة امتهنت اغتيال النشطاء وتكريس الفوضى وحماية أمراء الحرب، بل بات لدينا جيشا وطنيا لا ينفذ أجندة نظام مجرم أو دول أخرى، ولا يقتل السوريين ولا يهجرهم من بيوتهم، ودعيني أزيدك من الشعر بيتاً، لم يتوغل التطرف في مناطق سميت “محررة”، ولم يتاجر تجار الدين بحقوق الناس لإرضاء الطغاة، ولم يخرج آخرين على المنابر ليحرضوا على النساء والنشطاء والمجتمع المدني..
أما الدول العربية التي كانت تزعم قبل أن تغيبي أنها تدعم شعبنا الجريح فهي ما زالت على موقفها، ولا تتراكض لتنظيف الدماء عن أيادي السفاح، وباتت القمم العربية منبرا للديموقراطية وكل قرارتها تصب في مصلحة الشعوب، قمم ننتظرها بلهفه ونتابع أخبارها بولع..!
دعيني احدثك الآن عن عملية السلام، فحين رفض النظام الانصياع للقرارات الدولية صدرت قرارات ملزمة من مجلس الأمن أجبرته على الانصياع، حيث تم تشكيل هيـئة حكم انتقالية، وإطلاق آليات العدالة الانتقالية كما تشتهين، وبعد ان تحقق ذلك تشكلت لجنة دستوريه اختارها السوريون بإرادتهم الحرة ونحن الان نوشك على انجاز دستور جديد لسوريا يليق بأحلامنا يا رزان، لأن المعارضة التي تتصدر المشهد حاليا عملت بكل تفاني وبإخلاص قل مثيله لحلمنا الموؤود..!
من تجرأ على اختطافك ورفاقك النبلاء يقف صاغراً اليوم أمام المحكمة يا رزان هو وشركائه، وهو لا يعيش برفاهيه ممارساً البزنس في دولة مجاورة، وتلك الدولة لا تلهث لتعيد علاقتها مع النظام ولا تتاجر باللاجئين أو تهجرهم..
لقد انتصرنا، وشعبنا اليوم يعيش مرفهاً موحداً “متجانساً”، لا يقضمه الجوع ولا يقرصه البرد.
لسنا متعبين على الإطلاق، لسنا مهزومين على الاطلاق.. ولا يعكر صفونا جنون هذا العالم..
تعلمين حتما أنني غير قادرة على أن آقول لك غير هذا، و أراك تبتسمين ساخرة الآن، ولكن بعد زيارتك الأخيرة في أحلامي ظننت ربما أنه يجب علي أن أعلمك بأخر الاخبار تماماً بطريقة وسائل اعلامنا التي تعرفينها..!
آما الحقيقة الوحيدة في هذه الرسالة يا رزان فهي أنني لن أسمح لأحد أن يقول لي أنك ربما لست بخير، ما زلت أنتظرك كما الكثير من السوريين، لم يستطع أحد أن يملأ الفراغ الذي تركته في مشهدنا السوري المعقد ضمن عالم مجنون غادره الضمير، نحن بانتظارك طوال قدرتنا على التنفس وأنت حرة و أنه رغم كل هذا القهر فهناك الكثير من المخلصين لحلمنا المغدور..
*خاص بالموقع