غمكين مراد
شاعر سوري
مجلة أوراق العدد 12
شعر
كمُرابٍّ:
أستدِيْنُ من الموتِ، الحياةَ
كأُنشوطاتِ عُمرٍ تلِّفُهُ النجاةُ بِمشنقةٍ من رُوحي
أعيشُ مُتأرجِحاً على:
عَتباتِ الحياةِ
هوامِش الحياةِ
حوافِّ الحياةِ
هاوياتِ الحياة
كُلُّ ما يُحيطُ بي:
لا يحتويني
كُلُّ ما يرسمُني:
لا يُعرِّفُني
كُلُّ ما يتذكرُني:
يُدَوِّنُنِي:
بحبرٍ دمٍ
وريشةٍ جُرحٍ
وعُمرٍ وَجعٍ
لم يَخْذُلوا أبداً
مني وفيَّ آهاتي
كُلُّ ما يُحيِّيني في الحياةِ الدِيْنِ:
نَّفَسي
شهيقاً وزفيراً
كرقصةِ منشارٍ
يقطعُ أوصال جسدي
ورُوحي مشلولةً تتكِئُ على الكُرسيِّ جسدي
كحَمَّالٍ:
أصعَدُ سلالمِ الحياةِ
أحمِلُّني كيسَ قمحٍ
وأتَسَرَّبُ من ثقبِ رُوحي مني
كُلُّ ما يَلمُّني:
يُبَعثِرُني أكثر
ولا ألتَقِطُني
كُلُّ ما يتخيلُّني:
يَشْجُبُ فيَّ كُلّي
كما أبدو كأنَّني
كُلُّ ما أكونُهُ:
ظِلالُ أشباحٍ
من الحياةِ ليَّ فيَّ
شريداً عني
بعيداً عني
سائراً عني
أترقبُني
عَلَّني أُعيدُني
مُذْ
أثْقَلَّني الموتُ بِدِيْنِ الحياة
أتوهُ عني في الحياة
أتوهُ بي عن الحياة
وأغْرِّقُني قطرةَ ماءٍ في صحراء الحياة
كشحاذٍ:
أقِفُ على بابِ ذاتي
ولا أتصدَّقُ بي عليَّ فيَّ
كُلُّ ما يمتَلِكُني:
هي رُوحي
ذائِبةً
مشلولةً
غارِقةً
ضائعةً
ميتةً
بيَّ وفيَّ وبكُلِّ ما ليَّ
مَكسوَّاً كعُرِّيٍّ:
أرتعِشُ من شتاءِ رُوحي عليَّ
كُلُّ ما يُقيسُني:
يُلغِيني:
بلا حدود
بلا أبعاد
بلا ثُقلٍّ
بلا كُتلةٍ
وإنّما كريشةٍ حائرةٍ
قَذَفَتها ريحُ الحياةِ كأنَّني ولستُني؟
جلَّ جلالُ الموت
لم يَزِّدْ من الديْنِ الحياةِ
كربحٍ:
خلقَ من هيكلِ العَدَمِ شأني
باذِخاً بيَّ كمُهرجٍ
ساهِراً عليّ قهقهةً
أسمَّرَّت ليالي مجًونِهِ
كُلُّ ما كانَ:
يُحيطُني
يَحملُّني
يرسمُني
يَقيسُني
يتخيلُني
يُلغيني
كانوا ذواتاً على مسرحِ الحياةِ
وخشبةً قُدَّت من كُلِّ ما هو فيَّ مني أنا.