خلاخيل الفضة وقصائد أخرى

0

حفيظ عبدالرحمن، كاتب وشاعر وناشط في مجال حقوق الانسان

قصائد مكتوبة باللغة الكردية، وترجمها الشاعر لتكون متاحة لقراء العربية

مجلة أوراق العدد 13

الترجمة

خلاخيل

على عرش زَبَد حليب الكاحل،

كانت،

سناجب مشاكسة،

تتسلق ثلج العمود العاجي،

تنحدر،

تتراكض ضاحكة،

خلاخيل الفضة،

كانت،

نواقيس دير جبلي،

تلتمع بصلوات العشق،

تقرع بفرح.

خلاخيل الفضة،

كانت،

عربات عشاق سومريين،

تسيل في “بلاد ما بين النَفَسين”،

تطير دون أجنحة.

خلاخيل الفضة،

كانت صدى قطعان الاغنام،

في مسالك مصايف جبل سيبان،

توقظ قناديل المساء،

أمام خيم الترحال،

وقصص الفروسية،

لم تكن تهدأ،

لم تكن تشعر بالكلل.

خلاخيل الفضة،

كانت تدغدغ أحلام المواويل،

في ازهار أمواج الفستان الرقيق،

تزغرد لتفتّح أزرازهم.

خلاخيل الفضة،

كانت،

تبتسم مع انعاسكات أناشيد الجسد،

تجوب وديان الليل،

تضحك من الاعماق.

خلاخيل الفضة،

كانت،

تفقد رشدها،

خلاخيل الفضة،

كانت،

تفقد وعيها،

خلاخيل الفضة،

وبتوقيت التماع نجم الصباح،

على وجه حرير الرغبات الناعسة،

كانت،

تتمرغ بمسك عرق الكاحل،

تتخدر ثملة،

وتناااااام مبللة.

……………………..

هل تذكر؟

هل تذكر؟

تلك المناظر الطبيعية في حصة الرسم،

الجبل الشامخ الذي كان يرتدي قبعة من الثلج،

سجاد السهل الأخضر،

المزركش بكل ألوان الزهور،

هل تذكر؟

الشمس المتأججة كخبز تنور ذهبي،

السماء ذو الازرق الفاتح،

الموشوم بوريقات سحب بيضاء،

هل تذكر؟

العصافير، الشحرور، القبرات، الدوري،

الفراشات وهي تطير سكرى،

الوعول، الشّادن ترعى بمرح،

هل تذكر؟

النهر الأشبه بمنديل خصر فاتنة ريفية،

النهر المزنر بالقصب والنعناع،

يقسم اللوحة،

بين الجبل والسهل بخط منحن.

هل تذكر؟

الجسر الأبهى من قبلة بين ضفتي النهر،

الجسر الأشبه بقوس قزح,

الأشبه بالشفة العليا حين ضحكة.

لا زال،

الجبل،

السهل،

الشمس،

العصافير،

الغزلان،

النهر،

كلها تغطي مساحة اللوحة البهية،

فقط إنهار ذاك الجسر.

_______________

توأم النرجس!

تمثال من الزبدة الباردة،

على وجه أغنية كردية،

خارجة للتو من تنور العشق،

وأنا،

الوتر الاكثر هزالاً،

أرتجف على زند كمنجة باردة،

توأم النرجس!

قارة من المشتهيات،

بركان رغبات،

يفيض غلياناً،

تنضح دنان رحيقها،

بكل لغات اللذة. 

وأنا،

الواد الأكثر عمقاً،

الأكثر نتظاراً،

 والأكثرعطشاً.

توأم النرجس!

اوقيانوس قلق،

نوطة أمواجها،

تُفقد ايقاع،

خشوع الاستقرار.

وأنا،

قارب ثمل،

في حلقة رقص الهورزي*،

وحيداً،

أتلو صلوات الإبحار،

دون بواصل.

– – – – – –

*الهورزي: رقصة تراثية كودية.

 – – – – – – – – – – – – – – – –

“النافذة المطلّة على الحدود”

رائحة أنفاسي،

من دفء الداخل القلق،

تفاجئ،

أوهام زجاج النافذة،

بحقيقة الضباب.

في الخارج لا قمر في السماء،

لا نجوم أيضاً،

في الخارج نئيج الريح،

في الخارج رائحة الدم.

في الخارج لونان فقط،

يتقاسمان خزينة الليل:

الأسود،

والاحمر الغارق في اتساخ،

الرماديّ.

السماء،

طشت غسيل منكوس،

عناقد زبدها ثرية.

النجوم ملتحفة بمعاطفها الصوفية،

والريح تسوط الجليد.

في جهة بعيدة عن الاهتمام،

في جهة بعيدة عن الإعلام،

بعيدة،

عن الإنسانية،

تُذيب،

زخات المطر،

الدم المتناثر في أنحاء الجرح،

الدم المتدلي من الجرح كعناقيد حزن،

الدم المتخثر بقبعة الأمنيات،

تقطرها شيئاً فشيئاً،

على ثلج اليوم ما قبل الفائت،

وتمزّق،

خارطة ضباب الزجاج،

بدمعة أكثر ثراءاً،

من طلقة جندي تركي.

– – – – – – – – – – –

سحابة مالحة

في تلك الصبيحة كان كل شيء مبللاً:

البيوت،

الشوراع،

شرفات مكاتب الأحزاب،

كانت الاشجار مبللة،

كان الصراخ مبللاً،

الأنين مبللاً،

كانت الصحف يومها مبللة،

والصوت يبث مبلولاً،

من محطات الاذاعات،

حتى صور التلفاز كانت،

تقطر بللاً،

كانت الأدعية والصلوات أيضا،

تغوص في البلل،

نعم،

لا شك سيكون كل شي مبللاً،

حين يتبول القادة خيانة.