حول زيارة أربعة كتاب فلسطينيين لنظام الأسد
وسط استمرار النظام السوري بصبّ حمم توحّشه على حلب “المتنّبي” و”أبو فراس الحمداني” و”السهروردي” و”الكواكبي” و”هنانو”…، وتواطؤ المجتمع الدولي حيال ذلك، أتت “زيارة” أربعة كتّاب فلسطينيين (رشاد أبو شاور، وليد أبو بكر، خالد أبو خالد ومراد السوداني) للنظام السوري، لتنكّأ السؤال – الجرح مجدداً، أو بالأحرى؛ لتثير عدداً من الأسئلة الثقافيّة والسياسيّة التي كانت الثورات العربية سبباً في استفحالها.
وأحد هذه الأسئلة الجارحة الكبرى التي أرّقت الشعوب والنخب: لماذا يأخذ مثقفون جانب المستبد المتدثّر ببريق الشعارات والخرافات والأوهام الآيديولوجيّة؟!.
ولعل منشأ السخط والغضب، فيما يتعلّق بالزيارة المذكورة، هو توظيف الكتّاب المذكورين، المثير للجدل، للقضية الفلسطينية في خدمة نظام لم يتوقّف عن الإجرام ضد الفلسطينيين (واستخدامه الانتهازي للقضية الفلسطينية منذ استيلائه على السلطة بانقلاب عسكري عام 1963). والجانب الأخطر للزيارة، هو محاولة هؤلاء الكتّاب إقامة تعارض بين الثورة السورية والقضية الفلسطينية، في إساءة رمزيّة كبيرة للقضيتين.
وليس بخافٍ أنه في أكثر من مناسبة، أكّدت رابطة الكتاب السوريين، منذ تأسيسها، على وحدة الضحايا ضد المستبدين. وأن الرابطة، هي إحدى أوجه حلف الفلسطينيين والسوريين ضد المشروع الاسرائيلي في فلسطين ونظيره الاستبدادي في سوريا.
على ضوء ما سلف، إننا في رابطة الكتّاب السوريين، ندين تلك “الزيارة” المشبوهة، ونعتبرها صنفاً من صنوف البيعة لنظام الأسد ومنحاً لآلته الحربيّة الوحشيّة، رخصة “ثقافيّة”، لارتكاب المزيد من المجازر، وإزهاق أرواح المزيد من المواطنين السوريين الأبرياء.
كما نشدد على أن التغاضي عن عمق المأزق الذي تعيشه الثورة السورية في علاقتها مع النخب العربية، لن يؤدي إلاّ إلى المزيد من أزمات الوعي والخطاب والتحليل، والأفعال الشائنة، كزيارة الكتاب الفلسطينيين الأربعة لنظام الأسد. ونؤكد على ضرورة الفعل الثقافي النقديّ الذي تتشارك مسؤوليته النخب الثقافية العربية ولكنّه، للأسف، يلقي بثقله على النخبتين السورية والفلسطينية، بسبب التعقيد الهائل المحيط بالقضيتين.
وتجد رابطة الكتاب السوريين أنه مثلما أن نظام الأسد والنظام الإسرائيلي هما وجهان لوحش واحد، فإن القضيّة السوريّة والقضيّة الفلسطينيّة وجهان لمأساة واحدة.
ولن تنال تلك الزيارة المشبوهة من موقف الثورة السوريّة، بخبها الثقافيّة والسياسيّة، الداعم والمساند للقضيّة الفلسطينيّة وحقوق الشعب الفلسطيني.
ونرى إن إدانة الزيارة المذكورة، بهذا المعنى، لن تجد صداها الحقيقي ما لم تقم النخب العربية بمراجعة بوصلتها الأخلاقية والسياسية، وحكّ أولوياتها الثقافية. وهي مهمة لا يمكن للكتّاب السوريين والفلسطينيين وحدهم تحمل مسؤولياتها.
المكتب التنفيذي لرابطة الكتّاب السوريين