لطالما وُصفت علاقة المعرفة بالأيديولوجيا، بأنّها محفوفة بالكثير من الإشكاليّات، في حين تتطلّب دراسة طرفَيْ هذه المعادلة مناقشةً جادّة تجمع ما بين السياسي والثقافي، وتوظّف أدوات تحليلية مختلفة في منهجها. في هذا السياق، تُمكن موضعة كتاب الباحث السوري حسام الدين درويش، “المعرفة والأيديولوجيا: في الفكر السوري المعاصر”، الصادر حديثاً عن دار “ميسلون”.
الكتاب، الواقع في 312 صفحةً، ينقسم إلى أربعة أبواب تبسط القول في الأبعاد الأيديدولوجيّة التي تجلّت في الفكر السّوري المعاصر، وذلك من خلال تركيز الباحث على تقديم ضبط معرفي لها، الأمر الذي يكشف حالة التعاقد بين ما قد يبدو كامناً على المستوى الفكري، وما يتبدّى عنه سياسيّاً.
يمنح المؤلّف البابَ الأوّل من كتابه عنوانَ “في الوطنيّة (السورية)”، وبالنظر إلى هذه الترسيمة بصفتها الكلّية، فإنّ الحدّ الأوّل فيها، أي الوطنية، يرتبط بمفاهيم كالديمقراطية والقومية والليبرالية، وكذلك بالانتماءات الأُخرى التي تتحرّك في الفضاء الاجتماعي، وكلّ ما سبق تمثّل في الحدّ الثاني من هذه الترسيمة، أي السورية، الصفة التي اختزنت تيّارات أيديولوجية شتى.
بالانتقال إلى الباب الثاني، “دراسات نقدية في الفكر السوري المعاصر”، يحضر النقد في إطار العنونة، ويتشعّب في مثالين أو فصلين، الأوّل هو “المركز السوري لبحوث السياسات” وتقاريره عن “الأزمة” السورية، والثاني لملف مجلّة “قلمون” حول “التفاعل بين الدين والمجتمع في سورية 1920 – 2020”
أمّا الباب الثالث، “في سرديات الثورة والحرب الأهلية”، ففيه يناقش الباحث مفهومي “الحرب الأهلية” و”الثورة”، والحمولة الأخلاقية الكامنة خلف هاتين التسميتين، في إطارها السّوري. ثمّ يختم مؤلّفه ببابٍ رابع موسوم “في الشتات والاندماج والنزوح والارتزاق”، حيث ينظر في التحوّلات الاجتماعية العميقة بين وضعيّتي الثورة والنزوح وصولاً إلى اللجوء.
يتضمّن الكتاب أيضاً مُلحقاً يعكس تجربة بين الذاتية والموضوعية، وهو عبارة عن نصّين عُنونَ الأوّل بـ”فضيلة النوم الثقيل في ليلة القدر” والثاني بـ”دراسة الفلسفة في جامعة تشرين”.
*العربي الجديد