جورج كدر: تجارة التفاهة

0

أحد أفراد فرقة الـ BTS الكورية الجنوبية الشهيرة واسمه جيمن ظهر قبل أشهر في فيديو للحديث عن العرض المقبل لفرقتهم .. في الدقائق الخمس الأولى للبث كان الشاب ينتظر المتابعين وينظر فقط للكاميرا، كان هناك 5 ملايين متابع وآلاف اللايكات لنظراته الساحرة، في هذه الأثناء أتى المغص لجيمن اعتذر من متابعيه إنه يريد الدخول للحمام ليقضي حاجته وبقي داخل الحمام 6 دقائق، في هذه الأثناء الخمسة ملايين متابع، أخبروا أصدقاءهم أن «معبودهم» جيمن صاحب الوجه الجميل دخل إلى الحمام، خرج جيمن ليجد 11 ملايين متابع من جهات الأرض الأربع تابعوا تجليه من دورة المياه، ليحدثهم عن آخر أعماله ولينتهي عرضه وعدد المتابعين تجاوز الـ24 مليونا.
تذكرت هذه الحادثة وحادثة أخرى عن خبر «اليوتيوبر» السوري أنس مروة، الذي دفع نحو 100 ألف دولار لإعلان «جنس» مولوده القادم بإضاءة برج خليفة بالأزرق بعبارة «It’s a BOY» وخبر آخر يقول إن شركات في دبي دفعت المبلغ على سبيل الإعلان لمنتجاتها .. أنس «يوتيوبر» يفوق عدد متابعيه المليون، حقيقة لا أعرفه ولم أتابع قناته، لكن عندما قرأت الخبر قلت يبدو إنه شاب ذكي في عالم التجارة الرقمية استثمر هذه اللحظة ودفع 100 ألف ستعود عليه ربما بنصف مليون دولار في أقل من شهر..
صراحة وقبل ما يتحول الموضوع لشي سياسي، وإنه ابن عضو ائتلاف الثورة المعارض هشام مروة، ما رأيت إلا الجانب التجاري، وفعلا عدد المتابعات بالملايين.. القصة بسيطة وسيناريو درامي بسيط وساذج وعادي جدا ويومي جدا:
شاب ينتظر مولوده غير العادي: دفع مبلغا كبيرا للإعلان عن جنس المولود.

ردود الفعل

جماعة النسوية قامت قيامتهن على هذا التميز الجندري في مجتمع الشرق الذكوري المتسلط .. اكتشفن أن الشاب يحب البنات، وكان يتمنى أن يكون مولوده بنتا.. علموا ذلك فصمتوا لاعنين الساعة على عدم تمكينهم من إكمال مناحتهم واستعراض قوالبهم الجاهزة.

جماعة الثورة:

هذا ابن ائتلاف نهب الثورة السورية وحصد الملايين، فيما الفقراء يعجزون عن تأمين لقمة العيش، ولا أعلم ما علاقة هذا بالثورة، شاب راتبه من صفحة «يوتيوب» أكثر من كل ما يتقاضاه والده من رواتب من عمله كمعارض ائتلافي. وهي بالمناسبة مهنة مجزية تدر آلاف الدولارات لكن ليس بقدر يوتيوبر محترف.
أحداث عادية نسمعها على مدار يومنا يمكن أن تصيغ الرأي العام، وتوجه جيوش فيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي، الفكرة ليست في تفاهة المحتوى فقط، بل في تفاهتنا. الأحداث باتت تافهة، صناعة الرأي العام تافهة، والرأي العام نفسه تافه. عالم التجارة أيضا بات تافها، التجارة بالتفاهة باتت بابا جديدا يدر على أربابه عشرات آلاف، بل ملايين الدولارات. باب يصنع مليونيرات الزمن المقبل
إنه زمن التفاهة.
ولم لا

*القدس العربي