بيتر هاندكه واولغا توكارزك يحصدان جائزتي نوبل للآداب لعامي 2018 و 2019

0

أعلنت الأكاديمية السويدية منذ قليل أسماء الفائزين بجائزة نوبل للآداب لعامي 2018 و2019 . وفازت المؤلفة البولندية أولجا توكاركوك بجائزة عام 2018، فيما ذهبت جائزة عام 2019 للمؤلف النمساوي بيتر هاندكه.
وكان 194 مرشحا للجائزة في 2018، بينما تلقت الأكاديمية 189 مقترحا لعام 2019.  وتبلغ قيمة كل جائزة من جوائز هذا العام 9 ملايين كرونه سويدية (908 آلاف دولار).

أولجا توكاركوك

ولدت أولجا توكاركوك عام 1962 في مدينة سولتشوف ببولندا، وتعيش اليوم في فروتسواف، كان والداها معلمين وكان والدها يعمل أيضًا أمين مكتبة بإحدى المدارس، ما عزز حب القراءة منذ طفولتها وطور شهيتها الأدبية.

درست توكاكورك علم النفس بجامعة وارسو، وظهرت لأول مرة كروائية عام 1993 بروايتها “رحلة كتاب الناس”، والتي تدور أحداثها في القرن السابع عشر بفرنسا وإسبانيا، حيث بحث أبطال الرواية عن لغز أحد الكتب الغامضة في جبال البرنس، وقد لاقي الكتاب نجاحاً كبيراً ما أهله للفوز بجائز الأدب البولندي للرواية الأولى عام 1993م، لكن تظل روايتها الأشهر هي الثالثة في مشوارها الأدبي بعنوان “البدائية وأوقات أخرى”.

وتتميز توكاركوك بنبرة أسطورية مميزة في معظم أعمالها، حازت خلال مسيرتها التي تمتد لأكثر من عقدين على عدد من الجوائز منها: جائزة “نايك” مرتين، وهي الجائزة الأدبية الأهم في بولندا، عن رواية “رحلات” عام 2008 ورواية “كتب يعقوب” عام 2015، وفي 2015 أيضا فازت بجائزة الجسر الألمانية البولندية الدولية، وهي جائزة تشمل الأشخاص الذين يقومون بتعزيز السلام والديمقراطية التنمية والتفاهم المتبادل بين شعوب ودول أوروبا، وقد حازت عام 2018 على جائزة البوكر العالمية عن روايتها “رحلات”، وهي البولندية الأولى التي تفوز بتلك الجائزة.

بيتر هندكه

ما بين عامي 1942 و 1966 نسج “بيتر هاندكه” ملحمته الخاصة في الطريق إلى الشهرة، قبل أن يصدر روايته الأولى وهو الرابعة والعشرين من عمره، وقد أثرت تلك الفترة على مشوار هاندكه البالغ من العمر 77 عاما تأثيرا بالغا.

هو الكاتب النمساوي البارز، المولود في 6 ديسمبر 1942 في جريفن بمقاطعة كيرنتن، صاحب تجربة شديدة الثراء في الحالة الأدبية النمساوية. خرج “هاندكه” للنور وسط صخب الحرب العالمية الثانية، وكانت النمسا في قلب الأحداث، في ظل أمال النازي “هتلر” في حكم العالم، ألقت الحرب بظلالها على أسرة هاندكه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة هتلر.

“هاندكه” الذى قضى طفولته وصباه وسط أجواء ما بعد الحرب العالمية الثانية، بدأ تجربته العملية والاشتباك مع الياة عام 1961 في سن الـ19 عاما، مع إنتقاله لدراسة القانون في جراتس، هناك من غرفته الصغيرة للطلاب المغتربين في حي فالتندورف بجراتس، بدأ تكوين عالمه، ورغم أنه لم يحب دراسة القانون، إلا أن كان يجتهد ويتقوق، ونجح في الحصول على منحة دراسية، كما بدأ في العمل بجوار الدراسة، حتى يستطيع أن ينفق على نفسه، كان يعطي دروسا في اليونانية، كما عمل في محل كعامل توصيل للطلبات بالبريد، وهناك في غرفة تجهيز الطرود سيئة الإضاءة، تضررت عيني هندكه، حتى قرر الأطباء أن يرتدى نظارة ذات زجاج معتم، أصبحت من علاماته المميزة بعد الشهرة.

خلال فترة الدراسة أحب هاندكه السينما، وساهم الفن السابع في تشكيل وعيه، وصل به الحب للشاشة الكبيرة، أنه كان يذهب للسينما أكثر من مرة في اليوم الواحد، ولذلك رافقته ميوله السينمائية في مشواره، فحتى بعد سطوع نجمه الأدبي، شعلت السينما حيزا في حياته، لم يقف عند كتابة السيناريو أو الإخراج، ولكن بالعمل الصحفي أيضا، وكتابة التقارير عن المهرجانات السينمائية والمداومة على حضورها أو المشاركة في لجانها كلما سنحت الفرصة لذلك.

جذبت الموسيقى أيضا “بيتر هاندكه” وعاصر فترات صعود فريق البيتلز، الذي كان واحدا من عشاقه، ولذلك داوم الكاتب النمساوي طوال مشواره الأدبي، للإشارة للبيتلز في نصوصه.

بداية الدخول إلى السوق كانت عام 1963م، تعرف هاندكه على ألفريد هولتسنجر، صديقه الكبير فيما بعد، والذي كان يدير قسم الأدب في راديو جراتس، وهناك إنطلق “هاندكه”، في العمل والكتابة في شتى المجالات، وساهم ذلك في تنوع ثقافته، فعرف الكتابة عن كرة القدم والموضة والأفلام الكارتونية، والبيئة، بالإضافة إلى معشوقته السينما، وفريقه المفضل “البيتلز”.

نشر هاندكه، أول نصوصه الأدبية، عام 1964م، في مجلة “مسودات” النمساوية، manuskripte، قرأ أول نص له أمام جماعة جراتس الأدبية في 20 يناير 1964م، وفي نفس العام، بدأ هاندكه كتابة روايته الأولى “الزنابير”.

فترة كتابة “الزنابير” قضى هاندكه أغلبها في أحد الجزر اليوغسلافية برفقة أحد أصدقاء الدراسة القدامي، وخرجت الرواية للنور عن دار نشر زوركامب صيف عام 1965م، وبعدها بأسابيع نسى هاندكه الدراسة تماما، وأصبحت الكتابة هي عالمه.

عرفت الشهرة طريقها لهاندكه بعد روايته الأولى بشهور، ليس لتميزها فقط، ولكن لدخوله الصاخب للحياة الأدبية في أوروبا، فقد هاجم منذ البداية النقاد والنقد الأدبي، كما اشتبك في صراعات فكرية مع زميله “جونتر جراس”، الذى توج بنوبل أيضا فيما بعد، قام المخرج كلاوس بايمان بتقديم مسرحيته عن نص هاندكه على المسرح، وأثارت ضجة كبيرة، في عام 1966 وهو العام الذي دخل هاندكه فيه تحت الأضواء ولم يخرج ابدأ، احتفى نقاد المسرح بهذه المسرحية بشكل كبير، وأصبح بيتر هاندكه نجما شعبيا للمشهد الأدبي الألماني، وفي نفس العام، انتقل “هاندكه” و رفيقة عمره وزوجته الممثلة “ليبجارت شفارتس” إلى دوسلدورف، بعد تلقيها عرض للتمثيل على المسرح هناك.

عاش هاندكه في دوسلدوف لمدة عامين، وأصدر روايته البائع المتجول عام 1967، ثم مسرحيته كاسبار، قبل أن ينتقل مع زوجته إلى برلين، حيث أنجب ابنته الأولى “أمينا”، عام 1969م، وقد شهدت تلك الفترة ارتباكا كبيرا في حياة هاندكه، وهو ما قاد في النهاية إلى دخوله مرحلة جديدة في حياته وبلد جديد، عاصمة النور تفتح أبوابها للعابر النمساوي.

كانت السبعينيات هي الحقبة الباريسية في حياة هاندكة، إنتقل الكاتب النمساوي للإقامة في العاصمة الفرنسية لمدة 9 سنوات، بعد وفاة والدته ماريا هاندكه عام 1971 بعد أن كانت تعاني من الاكتئاب، كتب هاندكه عن والدته، قصة بعنوان “محنة” عام 1972, وتحولت إلى فيلم سينمائي عام 1974، صدرت الترجمة العربية لمحنة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر.

عاش النمساوي في باريس مع ابنته، ثم انتقل إلى كلامار جنوب باريس عام 1976 حيث ظل مقيما هناك حتى نهاية الحقبة الفرنسية في حياته، وكانت تلك الفترة فترة حصاد في حياة هاندكه، نال خلالها العديد من الجوائز، منها جائزة شيلر 1972 في مانهايم، وجائزة جيورج بوشنر من الأكاديمية الألمانية للغة والأدب 1973م.

عاد بيتر هاندكه في أغسطس 1979 إلى النمسا، بعد أن عاني الاشتياق للوطن، خاصة بعد انتقال ابنته للإقامة مع زوجته السابقة في العاصمة الألمانية برلين، ظل هاندكه في النمسا أغلب الثمانينيات، و نشر رباعيته “عودة طويلة إلى الوطن”، وأصبح هاندكه أول من يتوج بجائزة فرانز كافكا، تلك الفترة بدأ هاندكه العمل كمترجم، قام بالبحث عن كتاب من لغات أخرى غير مشهورين، ليقوم بنقلهم إلى الألمانية، اهتم في البداية بالأدب السلوفيني، كما ترجم من الإنجليزية والفرنسية والسلوفينية وأخيرا من اليونانية القديمة.

في منتصف تلك الفترة عام 1986م، كتب هاندكه سيناريو فيلم “السماء فوق برلين” للمخرج فيم فيندرس، وحصد الفيلم عدة جوائز في المهرجانات السينمائية الأوروبية، عاد بعدها “هاندكه” إلى باريس، التي ظل مقيما فيها بشكل دائم، وإن كان يعود إلى مدينته “زالتسبورج” في النمسا بين حين وآخر.

هاندكه، في عيد ميلاده الخامس والستين، يوم 6 ديسمبر 2007، قام بتسليم المخطوطات والمواد الأدبية الخاصة به في السنوات الأخيرة إلى الأرشيف الأدبي النمساوي في المكتبة القومية، وحصل مقابل ذلك على نصف مليون يورو، كما قام ببيع مذكراته الـ 66 التي تؤرخ لحياته ما بين عامي 1966 و1990 إلى الأرشيف الأدبي الألماني في مارباخ.

المصدر: بوابة الأهرام

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here